تتصدر الإعتداءات الجنسية، العنف الممارس ضد المرأة و الطفل في الجزائر بإحصاء أكثر من 1000 إعتداء سنويا حسب مصالح الدرك الوطني وحدها، و الأرقام المتوفرة لدينا تشير إلى وضعية رهيبة لكن المختصين يؤكدون أنها لا تعكس الواقع لتكتم العديد من الضحايا عن الكشف عن جريمة العار و ما يدرج في مجتمعنا ضمن الفضيحة و ليس الجريمة الاجتماعية التي تعرف تفشيا خاصة زنا المحارم الذي أخذ أبعادا في الأسرة الجزائرية كإحدى نتائج الإنحلال الخلقي. الإجراءات التي إتخذتها السلطات لمواجهة الظاهرة لم تعرف تنفيذا ميدانيا ، و لم تتم بعد تسوية وضعية ضحايا الإرهاب لكن يبدو أن الإغتصاب الجماعي لم يعد فقط من عمل الجيا.بعد أن أصبحت عصابات الإجرام تمارسه من خلال اللجوء إلى تنويم الضحايا بمادة سائلة يتم حقنها في مشروبات معلبة لاتثير شكوكا ليقوم الفاعل بجريمته ، و لم يعد الإعتداء الجنسي لتلبية رغبات دنيئة بل أصبح وسيلة للثراء و جمع المال من خلال تصوير الضحية في مشاهد مخلة و ترويجها على المواقع الإلكترونية الإباحية أو مساومة الضحية إستنادا إلى القضايا المعالجة أمام المحاكم .و أحصت مصالح الدرك الوطني لوحدها خلال عام 2006 أكثر من 1153 حالة إعتداء جنسي معلن عنها مسجلة لدى الفرق الإقليمية ،و كان ضحايا هذه الجرائم من أفعال مخلة بالحياء ، إغتصاب ، شذوذ جنسي ، زنا محارم ، هتك عرض نساء و قصر تتراوح أعمارهم بين 5 و 10 سنوات. و إستنادا إلى الأرقام المتوفرة لدينا من هذا البحث ، فإنه تم إحصاء 4025 ضحية فعل مخل بالحياء خلال الفترة الممتدة بين سنة 2000 و سنة 2006 أي حوالي 5 آلاف فعل مخل بالحياء في ظرف 6 سنوات و يتصدر الفعل المخل بالحياء بإستعمال العنف ضد قاصر من الجنسين هذا النوع من الإعتداء الجنسي مقابل 1969ضحية إغتصاب خلال نفس الفترة كان أغلب ضحاياها أطفال قصر ، بينما بلغ عدد الإختطافات المتبوعة بإعتداء جنسي و حجز في السنوات الستة الماضية أكثر من 79 ضحية قمن بإيداع شكوى لدى مصالح الدرك الوطني و أهم الحالات تتعلق بالإختطاف المتبوع بالفعل المخل بالحياء. 80 بالمائة من قضايا زنا المحارم تتعلق بإعتداء الآباء على بناتهن لكن الرقم الأسود و الرهيب في البحث الذي قامت به قيادة الدرك الوطني إستنادا إلى إحصائياتها فقط يتعلق بزنا المحارم و هو ممارسة الجنس بين الإخوة أو مع أحد الوالدين و أحد الأقارب ، وتم إحصاء خلال الفترة بين سنة 2000 و 2006 أكثر من 113 ضحية لكن المحققين في هذا النوع من الجرائم يؤكدون أن هذه الحالات تمثل ما يعلن عنه و هي أبعد بكثير ما يجري في الواقع ووسط الأسر الجزائرية و لايزال هذا الموضوع من الطابوهات الإجتماعية و رغم ذلك فإن الأرقام المتوفرة رهيبة خاصة و أنها تشير إلى تفاقم الظاهرة و ليس تراجعها حيث إرتفعت حسب البحث ب133 بالمائة بين سنتي 2005 و 2006 ، و بلغ عدد المتورطين الموقوفين 285 شخصا منهم آباء ، إخوة ، أصهار و حتى أمهات و تزايد عددهم بين سنتي 2005 و 2006 بنسبة 325 بالمائة ، و تم خلال الفترة الممتدة بين سنة 1987 و 1997 أي خلال 10 سنوات معالجة 25 قضية زنا محارم أمام المحاكم موزعة على 20 حالة بين الوالد و إبنته أي ما يعادل 80 بالمائة و 3 قضايا بين أم و إبنها بنسبة 12 بالمائة و حالتين بين إخوة بنسبة 8 بالمائة . لكن اللافت في الدراسة بين أيدينا هو تسلل ظاهرة الشذوذ الجنسي إلى المجتمع بعد أن كانت الحالات المسجلة شاذة و نادرة جدا ، حيث عالجت مصالح الدرك الوطني خلال السنوات الستة الأخيرة عدة ضحايا قدرهم التحقيق ب 665 شخص مقابل 1330 متورط موقوف ، و هي ظاهرة يقول التقرير أنها ليست متفشية بحجم الأفعال غير الأخلاقية مثل الملامسات الجنسية إستنادا إلى الحالات التي تم الكشف عنها و بلغت عام 2006 فقط أكثر من 232 فعل غير أخلاقي مقابل 747 فعل من الفترة الممتدة من سنة 2000 و 2006 . و أحصت مصالح الدرك الوطني إستنادا إلى الأرقام الواردة في التحقيق ، أكثر من 6841 ضحية إعتداء جنسي خلال السنوات الستة الأخيرة أي ما يعادل ألف ضحية إعتداء جنسي سنويا ، و من بين هؤلاء 4835 قاصر تقل أعمارهم عن 18 عاما و لم يستثن مرتكبو هذه الإعتداءات كبار السن حيث تم إحصاء 208 إمرأة أكثر من 40 عاما ، و تأتي الشابات البالغات بين 19 و 28 سنة في المرتبة الثانية في ترتيب الضحايا كما أن أغلب المتورطين هم شباب أيضا من 19 و 28 عاما ، و تم عام 2006 إيداع 1087 موقوف متورط في هذه الجرائم الحبس .و هي أعلى نسبة خلال السنوات الستة الأخيرة. و الرجال أيضا ضحايا إعتداء جنسي ... والرجال هم أيضا ضحايا إعتداءات جنسية ، و يشير التحقيق إلى 2961 ضحية ذكر ما يعادل نسبة 43.28 بالمائة من مجموع ضحايا العنف الجنسي و الإناث ب56.72 بالمائة ، و تطرقت الدراسة بالتفصيل أيضا و إستنادا إلى الأرقام و الإحصائيات إلى مناطق إنتشار الظاهرة حيث سجل تمركزها في ولايات الشرق بنسبة 31.32 بالمائة تتصدرها ولاية سطيف ب 316 حالة أي ثلث القضايا المعالجة و تأتي مناطق الغرب في الترتيب الثاني ب 29.70 بالمائة لكن ولاية وهران تحتل الصدارة في الإعتداءات بأشكالها البشعة ، ووسط البلاد ب27.02 بالمائة تتصدرها العاصمة ب386 حالة و تأتي ولاية ورقلة في المرتبة الرابعة ب8.72 بالمائة و تسللت الظاهرة إلى ولاية بشار ب2.68 بالمائة و أخيرا تمنراست ب0.55 بالمائة ما يعني أن الإعتداءات مست كل ولايات الوطن دون إستثناء بما في ذلك المناطق المصنفة ضمن المحافظة حيث سجلت 128 حالة بولاية أدرار و 55 حالة بولاية بشار و 11 حالة بولاية تندوف . و توصل البحث إستنادا إلى هذه الأرقام ، إن الظاهرة في تفاقم ، خاصة و أنها إعتمدت أيضا على إحصائيات المعهد الوطني للصحة العمومية من خلال تحقيق وطني حول العنف ضد النساء في الجزائر و كشف أن 5.4 بالمائة منها عبارة عن إعتداءات جنسية ، حيث مس التحقيق 450 عينة من الضحايا الذين تم توجيههم إلى الجهات القضائية من أجل إعداد خبرة طبية و كانت 56 بالمائة منهم إناث ، و يكشف تحقيق بمصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا خلال الفترة الممتدة من سنة 2004 و 2006 ، أنه من بين 104 ضحية ترددت على المصلحة فإن 68 بالمائة منهم تعرضوا لإعتداءات جنسية موزعين على 68 بالمائة إناث تتراوح أعمارهن بين 16 و 20 عاما و أطفال ذكور تتراوح أعمارهم بين5 و 10 سنوات بنسبة 23 بالمائة و كان المعتدون من الأقارب بنسبة 4.8 بالمائة و تمت الإعتداءات تحت التهديد الجسدي بنسبة 75 بالمائة ، و طرحت الدراسة إشكالية تأخر الضحايا في إستشارة الطبيب مما يحول بعد مرور 8 أيام من الحصول على أدلة إدانة مادية مما يفقد الضحية حقوقها خاصة في ظل عدم وجود آثار عنف خلال الإعتداءات الجنسية و حرصت الدراسة على ضرورة إعادة النظر في هياكل إستقبال الضحايا و التكفل النفسي بهم و غير متوفر حاليا و لا يستفيد الضحايا من أية متابعة نفسية خاصة فئة الأطفال الذين يشكون لاحقا من عقد نفسية و صدمات و يتجهون إلى العزلة و الإنطواء ، و حددت تعرض الضحية إلى إعتداء جنسي في الطفولة ضمن أهم الدوافع لإرتكاب الجرم مستقبلا ليتحول الضحية إلى جاني إضافة إلى الإدمان على المخدرات و الكحول والفقر و العنف الجسدي أسباب أخرى وراء هذه الإعتداءات و تطرقت الدراسة إلى الفراغ القانوني في معالجة جرائم الإعتداءات الجنسية التي لاتزال تصنف ضمن جرائم المساس بالآداب العامة و الأخلاق ليبقى الجاني دون عقاب حقيقي و لا تستفيد الضحية من أي تعويض مادي أيضا كما في البلدان الأوروبية . الحديث عن ضحايا الإغتصاب الجماعي يقود للحديث عن ضحايا الإرهاب اللواتي تم إغتصابهن من طرف نشطاء الجماعات الإرهابية خاصة الجيا ، و لا توجد أرقام رسمية عن العدد الحقيقي لهؤلاء الضحايا ، أعمارهن و مناطقهن و مصيرهن الحقيقي رغم تحقيقات مكثفة عنهن ، و كنا قد طرحنا هذا الموضوع في عدة مناسبات في غياب معلومات عنهن ، و يقول التقرير الأمني أن 6 آلاف إمرأة تم إغتصابهن خلال الفترة الممتدة بين سنة 1991 و 1998 التي شهدت إغتصاب ما لا يقل عن 3 آلاف امرأة في شهر أفريل عام 1998 فقط ، و لا يقدم أية تفاصيل أخرى أو معلومات جديدة أو حالات ملموسة و يقر فقط بصعوبة الحديث إليهن و أنهن مصدومات و لم تستفد هذه الفئة من أية حقوق بإستثناء محضر سماع أقوالهن .... .و تطرح قضيتهن في مناسبات معينة للحديث عن بشاعة الإرهاب لا أكثر . و لم تغفل الدراسة عن التحرش الجنسي مشيرة إلى أرقام مركز الإصغاء و مساعدة ضحايا التحرش الجنسي التابع للإتحاد العام للعمال الجزائريين ، و كان من بين 942 إتصال هاتفي ورد إلى المركز خلال سنة 2004 عدد كبير من الشكاوى من التحرشات الجنسية بمعدل 388 إتصال من طرف سيدات عاملات و أخذت الظاهرة في التفاقم بسبب البطالة و الإرهاب لتتحول المرأة إلى رب العمل تتكفل بحاجيات أسرتها و هو ما يدركه المتحرش و يرهن مستقبلها المهني مقابل الخضوع لرغباته الدنيئة . الحل ؟ لا توجد إجراءات ملموسة أو عاجلة مطروحة ، كل مرة و في مناسبات عديدة خاصة في عيد المرأة ، تطرح إشكالية العنف ضد النساء خاصة العنف الجنسي الذي يبقى من الجرائم المسكوت عنها في المجتمع الجزائري ، رغم أن ما يحدث يكشف الإنحلال الخلقي و تفكك الأسرة و غياب الوازع الديني عندما لايرى والد في إبنته إلا جسدا صالحا للإستغلال ... و تغتصب البراءة دون أي ردع ، و إلى أن يتحرك المجتمع و يصحح الوضع تبقى البيوت و الشارع و مكاتب العمل غير آمنة. الهام سعيد