فتيات يلجأن إلى التقسيط لشراء الذهب بعد ارتفاع أسعاره أول مكان بدأنا به جولتنا كان سوق باش جراح والذي ذاع صيته على مستوى الجزائر العاصمة كلها حتى غدا قبلة المقبلات على الزواج والشابات ممن يرين في البريق الأصفر مدعاة لصرف الأموال الباهظة، حتى ولو بأي شكل من الأشكال فبعدما كان التقسيط أو "الفاسيليتي" حكرا في بدايته على الأدوات المنزلية كالثلاجات والغسالات وأجهزة التلفاز وانتقالها إلى أجهزة الكمبيوتر، ومع بروز التقسيط في عالم السيارات بشكل مريع حتى غدت حظيرتنا الوطنية لا تتسع حتى لاستيعابها، انتقلت العدوى إلى سوق الذهب وبشكل ملفت في "دلالة" الذهب بباش جراح على وجه الخصوص، الدلالة التي غدت تضم أزيد من 100 طاولة للمتاجرة في الذهب، بعدما كانت قبل سنوات قليلة لا تتعدى عددها عشر طاولات، إذ شهدت توافد العديد من الباعة التقليديين من رويسو وبعض الشوارع والأحياء الأخرى للعاصمة. وعند حديثنا إلى "رضا" الشاب الذي يحترف البيع هناك منذ أن أسّس لأولى طاولات سوق الذهب بالجهة حسبما أكد لنا، فقد أكد لنا أن تجارة الذهب التي أخذت في الازدهار هنا بعد "ذيوع صيتها" وسط العاصميات على وجه التحديد، غدت قبلتهن المفضلة تاركين واد كنيس وعبان رمضان وراء ظهورهن. وأكد لنا "رضا" أن بيع الذهب بالتقسيط والذي كان في السابق حكرا على أصحاب محلات بيع المجوهرات، انتقل إلى أصحاب الطاولات معتمدين على حفظ ما وقع عليه اختيار الزبونة أو الزبون عندهم ثم تقوم الزبونة بتقديم دفعة أولى من ثمن القطعة والباقي يدفع بالتقسيط بعد الاتفاق بينهما، وكلما تدفع له قسطا يسلم لها وصل تسليم جديد لتحديد الثمن المدفوع والمتبقي للدفع. وأشار لنا السيد رضا بأن هذه العملية تتم في الغالب بعد إلحاح من الزبون الذي يجب أن يكون على معرفة سابقة للبائع. وعند حديثنا مع "محمد" الذي يمتلك طاولة للذهب قال لنا بأن هذه الظاهرة تقبل عليها بشكل ملحوظ الموظفات وكذا المقبلات على الزواج مع أمهاتهن وصديقاتهن. "ليلى" فتاة التقيناها مع أمها أمام إحدى الطاولات وقد أكدت لنا الوالدة بأنها قد اعتادت شراء المصوغات من عند صاحب هذه الطاولة وهاهي الآن تأتي مع ابنتها لشراء متطلباتها من الذهب وبما أن سعر الغرام من الذهب قد تجاوز ال 2200 دينار في بعض الحالات، فإنها اعتمدت صيغة الشراء بالتقسيط لمصوغات ذهبية يتراوح سعر الواحدة منها بين ال 15 ألف إلى 22 ألف دينار. أما الآنسة "عقيلة" والتي تعمل في الأساس كموظفة في احد المؤسسات الخاصة، فكشفت لنا بأنها هي أيضا من المقبلات على الشراء بالتقسيط وهذا منذ فترة تزيد عن الستة أشهر لأنها تؤمن بمقولة الأجداد "الحدايد للشدايد". ومن جهته، قال لنا أحد باعة المجوهرات في المحال بأن تجار الطاولات قد استقطبوا أغلبية الزبائن ومع اعتمادهم على التسهيلات في بيع سلعهم للزبائن، حيث صار المواطنون يفضلون طاولات الذهب على محلات بيع المجوهرات نظرا للثمن المتدني قليلا، ولو باحتمال تعرضهم للنصب أو الاحتيال في نوعية الذهب.