قدّم الكاتب محمد بلقاسم الشايب للقارئ الجزائري عملا متفردا من خلال إنجازه لكتاب رباعيات الخيام بصياغة شعرية شعبية تقترب من المتن الشعري الشعبي المتداول في الجزائر، وقد صدر الكتاب منذ أشهر قليلة، إلا أن طبعته الأولى نفدت سريعا ما يجعل الإنجاز يعبر عن رؤية ذكية من الشايب الذي يعرف الذائقة الشعرية الشعبية جيدا باعتباره أحد المتخصصين فيها والباحثين بشكل دائم في الشعر الشعبي موروثا ومنجزا. بلقاسم اختار أن يترجم الرباعيات من اللغة الفصحى إلى الشعر الشعبي عبر ترجمة الشاعر المصري أحمد رامي، مبررا ذلك كون أحمد رامي نجح في تبسيط الرباعيات وصياغتها بما يتوافق والمتلقي البسيط عكس ما يمكن العثور عليه في ترجمة النجفي فهو يرى "وقد اعتمدت إعادة صياغة ترجمة أحمد رامي لأنها أقرب إلى المتخيل الشعري العامي، ولها عند القارئ العربي معنى خاصا، فقد تداولها عموم الناس بسبب غناء أم كلثوم لها". وقد ضمّن الشايب النسخة العربية الى جانب الشعبية لتكون بذلك فرصة للقارئ إلى فهم أكثر للعربية وتلقي أفضل للشعر الشعبي في نفس الوقت، فبقدر ما اعتبر البعض أن المتن الشعبي لا يتحمل الرؤى الفلسفية والوجودية للرباعيات بقدر ما يذهب بعض المتلقين إلى أن الشايب نجح في إعطاء الشعر الشعبي لونا مختلفا وحاول أن يقفز بالمتداول الشعبي إلى مناح أخرى غير المعهودة، ويقول بلقاسم بصدد ترجمته للرباعيات "منذ لا أدري من الزمن سمعت رباعيات الخيام بصوت أم كلثوم، من دون أن أفقه معناها، وكتبها لي المعلم ذات يوم وردّدتها حتى حفظتها فتعلقت بها، وملكتني رغبة شديدة لاكتشاف بقيتها، وظلت تلازمني إلى أن حصلت على متنها الكامل ممثلا في ترجمة أحمد رامي". ولعل هذا الإعجاب والافتتان هو الذي جعلها تتمكّن من الشاعر الشعبي ولسلاستها وبساطة ألفاظها من جهة أخرى. ويعتقد الشايب أنه يمكن القول إنه نقل الرباعيات من بحر إلى بحر آخر، على ميزان أو (قطع) وهو بمثابة البحر في الشعر الملحون الذي درج فحول الشعر الشعبي الجزائري على نظم قصائدهم على نحوه ويستشهد ببعض الأبيات الشعرية الشعبية لهؤلاء الشعراء مثل عبد الله بن كريو في قوله: قَمْرْ الليْلْ اخْوَاطِري تَتْوَنَّسْ بِيهْ *** فِيهْ اوْصَافْ امْلاحْ يَرْضَاهُمْ بَالِي يَاطَالَبْ عَنْدِي خْلِيلَه تَشْبَهْ لِيهْ *** مَنْ مَرْغُوبِي فِيهْ سَهْرُو يَحْلالِي الشايب أراد أن يحافظ على التقنيات المتعارف عليها في الشعر الشعبي وفي نفس الوقت إبداء مدى اتساع الشعبي للأفكار والرؤى.