شهدت قصابات مدن النعامة تراجعا في إقبال الزبائن بسبب الارتفاع المحسوس في أسعار اللحوم المسجل خلال الشهرين الأخيرين والذي يرجعه المهنيون أساسا إلى تراجع العرض. وقد سمحت جولة عبر أسواق وقصابات المدن الكبرى بالنعامة بملاحظة التهاب الأسعار الذي طال تقريبا كل أنواع اللحوم وباستثناء بعض المشترين الذين لم يتوانوا عن شراء بعض شرائح اللحم يكتفي البعض بملاحظة مختلف أنواع اللحوم المعروضة بأسعار تفوق قدرة المستهلك ذو الدخل المتوسط، وفي محاولة لاستقراء آراء المستهلكين التقينا «بغداد» رب عائلة تم التقاؤه في سوق «المشرية» فصرح قائلا “لا يسعني شراء اللحم مرة كل أسبوع لأن ذلك قد يؤثر سلبا على الميزانية بالنظر إلى كثرة المصاريف اليومية”، وأعرب هذا المواطن عن دهشته للارتفاع المفاجئ لأسعار اللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء، في حين جرت العادة أن تتراجع بعد عيد الأضحى. وحسب التجار فإن أسعار اللحوم الحمراء تتراوح ما بين 650 دينار بالعظم و1600 دينار منزوع العظم بالنسبة للكيلوغرام الواحد من لحم الخروف البقر، مع تسجيل أسعار جد مرتفعة بالنسبة لقطع اللحم التي يكثر عليها الطلب التي قد يصل سعرها إلى غاية 1800 دينار، بينما تتراوح أسعار لحم الغنم ما بين 1115 و 1250 دينار للكيلوغرام الواحد في سوق «العين الصفراء»، في حين تراوحت قبل شهر رمضان بين 850 و950 دينار/كلغ، وتقدر أسعار الجملة ب750 دينار/كلغ بالنسبة للحم البقر، وبين 1000 و1100 دينار/كلغ بالنسبة للحم الغنم. وعلى عكس التوقعات، فإن مسح السلطات العمومية لديون المربين لم يؤدي إلى استقرار الأسعار، حسب قصاب بالسوق البلدية ل«المشرية» الذي يرجع هذه الزيادة في الأسعار إلى وجود عدة وسطاء في سوق التوزيع، وردا على سؤال حول أسباب هذا الارتفاع، أجمع القصابون على القول أن العجز المسجل في عرض اللحوم راجع بالدرجة الأولى إلى عمليات الذبح المكثف التي سجلت خلال شهر رمضان وعيد الأضحى، وحسب جزار بحي «ابن باديس بالمشرية » فإن القرار الذي اتخذته السلطات العمومية بشأن تجميد لحوم الغنم الموجة للاستهلاك خلال شهر رمضان قد قلص بشكل كبير حجم القطيع، بما يفسر الارتفاع المفاجئ للأسعار، ولأول مرة تم تسويق حوالي 10000 طن من لحم الغنم المجمد من الإنتاج المحلي خلال شهر رمضان الفارط بغية الحد من ارتفاع الأسعار خلال هذه الفترة التي يعرف فيها الاستهلاك ذروته ومن جهة أخرى ساهم الطلب الكبير على الماشية خلال عيد الأضحى التي قدرت بأكثر من 5ر4 مليون رأس في تراجع العرض في السوق، ويقدر قطيع الماشية الوطني بأكثر من 23 مليون رأس، كما يعود تراجع العرض حسب التجار إلى العدد الهام من الأنعام الموجه للبيع على مستوى الحدود بشكل غير قانوني بغرض تحصيل أرباح طائلة، وأشار «الحاج عيسى» الذي تم التقاؤه بسوق المشرية إلى أنه يتم على مستوى حدودنا مع الدول المجاورة استبدال هذه الحيوانات إما بالبطاطا أو العجلات المطاطية. وأكد مصدر تقربنا منه للإطلاع على أسعار الجملة المطبقة أن هناك يتناقض مع أقوال بعض الجزارين الذين تتأرجح أسعار لحم البقر لديهم بين 600 و 800 دينار مقابل 900 و1000 دينار بالنسبة للحم الغنم، ويأسف مهنيو الماشية الحقيقيين للمضاربة الممارسة من قبل بعض تجار الماشية الذين يقترحون في نظرهم أسعارا لا يمكن للمشتري أن يفاوض عليها أو حتى مناقشتها على حساب المستهلك. هذا وتطرق قصاب آخر إلى نقص مراقبة الأسعار بعد الإنتاج، مشيرا قائلا:”في السوق نجد أنفسنا أمام أشخاص لا يقبلون أية مساومة على الأسعار فلا نجد أمامنا من خيار سوى القبول بالأسعار المقترحة دون أي تعليق حتى إرضاء لزبائننا”. وحسب السلطات العمومية فإن ارتفاع أسعار اللحوم راجع إلى عدة عوامل من بينها الطلب الكبير على الماشية خلال المناسبات، ...امتناع المربين عن بيع مواشيهم بحجة تسمينها أولا وأوضح احد المربيين للماشية بالنعامة أن المربين لا يزالون يمتنعون عن البيع لأنهم يريدون تسمين قطيعهم قبل بيعه خلال فصل الربيع، وحسب ذات المسؤول فإن تحسين القدرة الشرائية للمواطن ساهمت أيضا في هذه الزيادة، هذا فضلا كما قال عن الظرف الدولي الذي يطبعه ارتفاع في أسعار اللحوم، ”. وحسب الديوان الوطني للإحصائيات فإن أسعار اللحوم عرفت خلال سنة 2011 زيادات ب05ر14 بالمائة بالنسبة للدجاج و81ر4 بالمائة بالنسبة للحم البقر و02ر4 بالمائة بالنسبة للحم الغنم، وذلك بالمقارنة مع نفس الفترة لسنة 2010. كما طال ارتفاع الأسعار اللحوم البيضاء التي يتراوح سعرها في أسواق «المشرية » و«العين الصفراء» بين 350 دينار/كلغ و450 دينار/كلغ بالنسبة للدجاجة المفرغة، بالمقابل استقرت أسعار الديك الرومي في حدود 350و550 دينار/كلغ، وأرجع جل التجار ارتفاع أسعار الدجاج التي بلغت ذروتها عشية حلول السنة الجديدة إلى تراجع العرض الناجم عن تخلي العديد من مربي الدواجن عن نشاطهم. وحسب «الغزال عبد المجيد»، وهو تاجر جملة يقتني الطير الداجن بسعر 220 دينار ويعيد بيعه لتاجر التجزئة ب 280 دينار/كلغ فإن هناك نقص فادح لهذا المنتوج في السوق ناجم عن تخلي العديد من المربين عن نشاطهم، ولو بشكل مؤقت، وذلك خوفا من تكبد خسارة كبيرة أمام برودة الطقس، ويواجه فرع تربية الدواجن الذي يشغل 300شخص من بينهم 100 بصفة مباشرة ارتفاع نسبة هلاك الطيور الداجنة وقدم الحظائر التي يبقى مردودها ضئيل إذ تقل قدرة 85 بالمائة منها عن 2000 طير. وأكد ذات التاجر أن عددا كبيرا من المربين يملكون حظائر قديمة ولا تتوفر على المعايير المطلوبة، وحسب «يونس» فإنه من المنتظر أن تستقر أسعار الدجاج بحلول شهر فيفري، مضيفا إلى تسجيل طلب كبير على الصوص، وأضاف ذات المسؤول لدينا مؤشر هام للغاية فيما يخص اللحوم البيضاء:”هناك طلب كبير على "الصوص" ويفترض أن تستقر أسعار الدجاج”.