أكد وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، أن تطور العلاقات الجزائرية الفرنسية يتوقف على "تصور استراتيجي"، ولا يمليه "ظرف سياسي متميز"، وأكد الوزير في حديث لمجلة "أرابيز" في عددها لشهر مارس أن "تطور العلاقات الجزائرية الفرنسية يتوقف على تصور استراتيجي ولا يميله ظرف سياسي متميز". وشدد مدلسي على أن "ذلك لا يعني تظاهرهما بعدم وجود أي خلافات حول نظرتهما لماضيهما المشترك، بالعكس ينبغي أن تقود هذه الخلافات البلدين إلى مضاعفة جهودهما قصد تعزيز العلاقات القائمة بينهما ووضعهما في منأى عن الخطابات المتطرفة التي تبرز عادة عند اقتراب الاستحقاقات الهامة". واعتبر رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن هذه العلاقات "لم تنقطع أبدا حتى وإن كانت وتيرتها تتغير سنة بعد سنة تحت تأثير عوامل عدة"، وسجل مدلسي أن "الماضي لم يمنعنا أبدا من تطوير علاقاتنا في مجملها"، مشيرا إلى أن البلدين "لا يزالان يسجلان يوميا نتائج جد إيجابية بعزم كبير على تحسينها" على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وذكر الوزير بالزيارات الثنائية التي أجريت خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن البلدين يتشاوران على "أعلى مستوى" وأبرما عدة اتفاقات هامة في إطار التعاون، واورد مدلسي اتفاق الشراكة الذي أبرم في ديسمبر 2007 بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي إلى الجزائر مثالا على ذلك، وأضاف أن الطرفين قررا إقامة "شراكة استثنائية"، وألح على أن تكون بمثابة "نموذج" للتعاون في المنطقة وفي العلاقات الدولية". ولدى تطرقه إلى مسألة الاستقرار في المتوسط، أشار مدلسي إلى أن هذا الفضاء "يواجه تهديدات قد تعيق ازدهاره وتطوره"، وأردف في هذا الشأن "نواجه حاليا في منطقة المتوسط وضعا قد تدوم انعكاساته، مما يستدعي مضاعفة الجهود لاحتواء آثاره". واعتبر مدلسي أنه لا شك أن الجزائر وفرنسا لديهما مصالح مشتركة ولديهما تاريخ راسخ في الأذهان وعليهما العمل بحكمة وذكاء"، وبخصوص الوضع في شمال افريقيا والساحل عبر مدلسي أن "الانسجام في المغرب العربي هدف طور التحقيق يتطلب أهمية أولوية"، مذكرا في هذا الإطار بالزيارة الأخيرة لوزير الشؤون الخارجية المغربي إلى الجزائر التي "أجرينا خلالها كما قال محادثات تحمل الأمل إلى المنطقة"، وأضاف الوزير أن "المهم في بيئتنا الإقليمية المباشرة هو الاندماج وأظن أن بدايتنا كانت موفقة من أجل عودة الأمور إلى مجاريها". وردا عن سؤال حول فوز الأحزاب الاسلاموية خلال الانتخابات المنظمة بالمغرب وتونس أشار مدلسي إلى أن هذه الأحزاب "قانونية ومنتخبة من قبل شعوبها"، وأضاف "لقد حيينا نجاح هذه الانتخابات وعبرنا عن أملنا في أن تفضي إلى تعبيد الطريق الذي يتعين على هذين البلدين الشقيقين سلكه للخروج من حالة الانسداد السياسي التي كانت توجد فيها و أن تحقق الرفاهية الحقيقية لشعوبها". وأكد مدلسي أن أكبر تحدي تواجهه منطقة المغرب العربي "هو الخطر الإرهابي الذي يهدد امن الشعوب ورفاهيتها"، وأضاف الوزير "لذلك فان الجزائر لا تدخر أي جهد من أجل القضاء على هذه الظاهرة بالتعاون مع كافة دول المنطقة" مذكرا بالندوة الدولية حول الشراكة في مجال الأمن والتنمية بين دول الميدان (الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر) والشركاء من خارج المنطقة، على غرار الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي التي احتضنتها الجزائر في سبتمبر الفارط. من جهة أخرى، نفى مدلسي الطرح القائل بأن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد يكون معظم أعضائه إرهابيين جزائريين"، وأضاف أن "كون بعض قياديي القاعدة من أصل جزائري، لا يعني أن معظم أعضاء هذه المنظمة الإرهابية من أصل جزائري، سيما وأنها تدعي أن لها بعدا دوليا وتشكيلتها متعددة الأوطان".