في ظل فرص العمل المحدودة والبيروقراطية وأشياء أخرى تتفاقم البطالة لدى خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا بالجزائر بشكل ملفت للانتباه، خاصة في الآونة الأخيرة مما يضع شبابنا للأسف أمام شبح يشكل شلل بالنسبة للفئة التي من المفروض أن تكون الفاعلة والنشيطة في المجتمع. لماذا نتعلم وسنجلس في نهاية المطاف في المنزل؟ فرص العمل محدودة.. البطالة.. الراتب غير كافٍ.. عبارات بات يرددها جيل الشباب في الجزائر الذي تخرّج حديثاً سواءً من الجامعات أو المعاهد وهو يُحاول الدخول في الحياة العملية، فالحلم شيء والحقيقة شيء آخر، وهنا تكون أول صدمة لهم حيث تبدأ أحلامهم بالانهيار بعد إنهاء دراستهم والبدء بمرحلة جديدة من حياتهم، فهذا الجيل المتخرج ينقسم إلى فئات متفاوتة في الطموح. البعض ظل يبحث ويبحث عن الوظيفة المثالية التي طالما حلم بها طوال فترة الدراسة، والتي تُحقق له الراتب الذي يريده والمكانة الاجتماعية وبإصرار على عدم التنازل عن هذا المستوى، والبعض الآخر يرفض فكرة انتظار الوظيفة ومن هنا نجد ذلك النوع الإيجابي من الشباب يُظهر طاقاته في العديد من الميادين إما من خلال التدريب ورفع مستوى مهاراته أو العمل ولو بشكل مؤقت فى وظيفة مناسبة، إلى أن تُتاح له الفرصة التي يطمح إليها، لكن بالرغم من كل هذا وذاك نجد أن الشباب الجزائري أصبح لديه نفس التوقع المخطط والذي يحمل هاجس الجمود وعدم توفير مناصب شغل للشباب، خاصة بالنسبة لخريجي الجامعات والذين من المفروض أن تكون لديهم امتيازات. ومن أجل تسليط الضوء على آراء خريجي الجامعات ارتأينا أخد عينة من الجزائري من فئة الشباب. طرقت كل الأبواب.. لكن ظلت موصدة في وجهي الآنسة (رشيدة - 25 عاما) تخرجت منذ أربع سنوات من قسم المحاسبة بشهادة الدراسات التطبيقية في التجارة الدولية، تقول في الموضوع: "إنني لم أجد عملاً حتى الآن، طرقت أبواباً كثيرة ولم ألقَ جواباً، لقد كانت موصدة وربما السبب لأنني محجبة فضلاً عن الجمود الاقتصادي الذي لا يُوفر فرص العمل للخريجات".. هكذا راحت تروي تجربتها مع محاولات العمل، واستطردت قائلة: "إن هناك مجالات ومؤسسات كثيرة وافقت على طلبي بالعمل عبر الاتصال الهاتفي وعندما توجهت إلى المكان وحين رأوني محجبة، رفضوا الموافقة تحت ذرائع واهية. واستغربت أن يكون الحجاب يُشكل عائقاً في الحصول على الوظيفة، فأنا اليوم أُلازم المنزل بسبب البطالة وانعدام فرص العمل لقد حصلت على شهادة جامعية ولم تفتح لي أبواب سوق العمل وأبحث بين الحين والآخر عن وظيفة". وختمت حديثها داعيةً الدولة إلى توفير فرص العمل لجيل الشباب، وصولاً إلى تأمين حياة كريمة بدلاً من اليأس والإحباط والهجرة خاصة السرية التي تفاقمت وهذا هو السبب الرئيسي.
تعددت الأسباب والطموحات واحدة وأضافت زميلتها (نادية – 25 سنة) المتخرجة من نفس القسم تخرجت منذ بضع سنوات، وعملت في مطعم سعياً وراء لقمة العيش أعربت عن أسفها لأن رواتب العاملين ليست كافية حيث ذكرت قائلة: "عملت في أحد المطاعم بدوام طويل من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثامنة مساء ولكن الراتب لم يتجاوز ال 8000 دينار جزائري، لكن طموحي أن أجد وظيفة في الدولة براتب مقبول، فنحن نناشد السلطات المعنية التدخل و إيجاد حلول لمشكل البطالة و تأمين فرص عمل لجيل الشباب". من جانبه، يقول (عصام - 29 سنة)، تقني سامٍ في الهندسة المدنية، قال لنا بأسف شديد وحسرة بادية على وجهه: "هناك خيط رفيع جدا بين الحصول على عمل وفقدانه، وأنه اشتغل لمدة سنة واحدة ليعود من جديد إلى عالم العاطلين عن العمل أو المطرودين من الحياة".. ويشير إلى أنه تمتع ببرنامج تشغيل لمدة سنتين بمنحة شهرية من قبل الدولة، لكن مشغله قرر إيقافه عن العمل مباشرة بعد انقضاء هذه المدة . أما (حياة - 27 سنة) متخرجة من قسم التاريخ وعلم الآثار بجامعة وهران قالت: "أغلب خريجي هذا المعهد مازالوا يعانون من البطالة أو اتجهوا للعمل في ميادين لا علاقة لها بهذا الاختصاص". رأي الأخصائيين في علم النفس في الظاهرة يشير الأخصائيون في علم النفس، إلى أن البطالة والتغييرات السلبية الاقتصادي والمستقبل المجهول كلها تسبب سلوكا نفسيا ينمو هذا السلوك كاضطرابات نفسية جديدة على الفرد من غير إحساس منهم بالمشكلة أولا ومن ثم بعد مراحل تبدأ أعراض الاضطرابات النفسية، يبدأ يشعر بأنه منبوذ أو لا يقدره أحد وينقم على القريب والبعيد من الأهل أو الاقتصاديين أو السياسيين. يلجأ البعض لتخدير آلامه بما تجود به الساحة من مخدرات وكحول أو عادات عدوانية أو سلبية.. إن العمل يوجد للفرد هدفا وبرنامجا يوميا ليسير ساعات يومه ونشاطاته الأخرى. أما البطالة، فإنها تحرمه من جدولة يومه أو هدفية يومه أو حتى هدفية الحياة. لو أخذنا الاكتئاب لوحده من الاضطرابات المتعددة المرتبط بالبطالة، فإنه سيكلف المجتمع والدولة والفرد غاليا إذا لم نهتم بالوقاية منه، لكن للأسف مما يلاحظ الآن عندنا كثرة الجرائم لم نكن نتخيلها أن تحدث بيننا من قبل فترة قريبة جدا وهذا أول الغيث.