بعد أن كان الحصول على وظيفة ما، يشكل هاجسا لبعض الشباب البطال الذي لا يملك شهادات جامعية، ولم يكمل تعليمه أيضا، هاهو الدور يأتي على الشباب المتخرج من مختلف الجامعات والمعاهد، أين أصبح الحصول على وظيفة ما بالنسبة لهؤلاء، ضربا من الخيال، خاصة في الآونة الأخيرة، مما يضعهم للأسف الشديد، أمام شبح البطالة، الذي بات يشكل تهديدا فعليا، حتى بالنسبة لهذه الفئة، التي من المفروض أن تكون الفاعلة والنشيطة في المجتمع· لقد بتنا اليوم نرى البعض من الشباب المتخرج، يقبل على صفحات الجرائد المتخصصة في نشر مسابقات وإعلانات التوظيف، علهم يجدوا إعلانا عن منصب عمل، يتلاءم مع تخصصهم أو مستواهم التعليمي، إلا أن الكثير منهم سرعان ما يتخلون عن الفكرة أو بالأحرى المغامرة في هذه المسابقة التوظيفية، لأنهم يعرفون مسبقا أن الأمل في الظفر بها ضئيل جدا· يصطدم العديد من خريجي الجامعات الذين قضوا سنين طويلة من حياتهم في الدراسة والتفوق، بتبخر تلك الأحلام التي ظلت ترافقهم طيلة مشوارهم الدراسي، والتي كانت تدور كلها حول حصولهم على الوظيفة، التي ستفتح لهم الآفاق مستقبلا، وتنقلهم إلى عيش حياة جديدة مليئة بالعمل والحيوية، فمنهم من يبقى جالسا لينتظر وظيفة أحلامه، ومنهم من يسعى جاهدا إلى الهروب من هذا الشبح المرعب، بالبحث عن وظيفة أخرى، ليعمل بها ولو بشكل مؤقت، إلى حين تأتيه الفرصة ويحصل على ما أراده دوما، ودفع في سبيله أعواما طويلة من الدراسة، ليكون اختيارهم لوظيفة ما لا يرقى إلى مستواهم التعليمي العالي، هو الحل الأنسب، لعدد كبير منهم· وفي هذا الصدد تقول الآنسة مريم التي تخرجت منذ أربع سنوات من قسم المحاسبة بشهادة الدراسات التطبيقية في التجارة الدولية، إنها عملت المستحيل من أجل الظفر بوظيفة بشهادتها الجامعية، غير أنها لم تتمكن من ذلك مطلقا، بل استسلمت للأمر الواقع واكتفت بالعمل في مطعم، سعياً وراء لقمة العيش، لتعرب عن أسفها الشديد من الحال التي آل إليها قطاع التوظيف، لتؤكد أنها لازالت تطمح إلى إيجاد وظيفة في الدولة براتب مقبول، كما ناشدت السلطات المعنية التدخل وإيجاد حلول لمشكل البطالة، خاصة وأنه كل عام هناك آلاف الشباب الذي يتخرج من الجامعات بشهادات عليا· من جهته يضيف كمال المتحصل على شهادة ليسانس في العلوم التكنولوجية، بأنه اضطر إلى التنازل عن شهادته بعد أن يئس في إيجاد وظيفة تتناسب ومستواه الدراسي، إذ يقول إنه ومنذ أن تخرج وهو يشارك في مسابقات التوظيف، غير أن الحظ لم يحالفه في أي منها، ومنذ عدة أيام جاءه أحد أصدقائه وأخبره بأن هناك ورشة بناء تبحث عن عمال، فما كان منه إلا الذهاب إلى هناك، أين تمكن من الظفر بتلك الوظيفة التي توفر له مصاريف جيبه لا أكثر ولا أقل· وأمام هذا الواقع يجد العديد من خريجي الجامعات في بلادنا أنفسهم أمام خيارين، إما العمل في مجالات أو أنشطة تجارية، لا تتطلب أية مؤهل علمي، أو التوجه إلى وظائف أقل من مستواهم التعليمي، وهذا كله للهروب من شبح البطالة، إلى أن يجدوا وظائف تتناسب ومستواهم الدراسي·