الممثل السوري زياد سعد ل :الأمة العربية": "الدراما السورية تدفع ثمن قرارات سياسية لعواصم عربية" "الأمة العربية": بداية لماذا هذا الغياب، وماهو جديدك على الساحة الدرامية؟ زياد سعد: صحيح أنا لم أزر الجزائر منذ سنوات، وتقريبا لمدة 15 سنة أي من مشاركتي في عرض "كاريغولا"، وأقول لك أنني وقتها أعجبت بالجزائريين وأحببتهم كثيرا، ولحد اللحظة مازال هذا الانطباع يغمرني، أحس بانتماء ما، له علاقة الطفل بأمه، هكذا هو إحساسي بمدينة الجزائر، أما فيما يخص الجديد على الصعيد التلفزيوني، فلقد انتهينا مؤخرا من تصوير مسلسل تاريخي مشترك عربي لم يتم بعد تحديد عنوانه، ومن المنتظر بثه في شهر رمضان الجاري، حيث يتناول فترة أواخر الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب، والصراعات التي كانت في تلك الفترة، ودوري في هذا المسلسل يكمن في تقمص شخصية عبد الله بن جعفر الطيار إبن عم الحسن والحسين، و إبن أخ سيدنا علي رضي الله عنه، بالإضافة إلى ذلك يشارك حوالي 200 ممثل من خيرة الممثلين العرب، والعمل هو من إخراج سوري، وإنتاج كويتي. هل لجوء الدراما السورية إلى الإسقاطات التاريخية على الواقع العربي المعاصر يعد هروبا من الرقابة؟ صدقيني الأعمال التاريخية ليست هروبا من الرقابة، بل بالعكس الأعمال التاريخية تخضع للرقابة أكثر من أي عمل أخر، وهنا أقصد أن الشرط الرقابي في الأمانة التاريخية ضروري، لأنه لايجب أن نقدم صيغة مخالفة لتطور التاريخ، وعلى الممثلين الارتقاء بالأدوار التاريخية وكأنها جزء من حياتهم، وبشكل عام الرقابة هي حالة متخلفة سواء على النص التاريخي أو النص المعاصر. أفهم من كلامك أن الخطوط الحمراء في العمل الدرامي تعد عائقا ينبغي تجاوزه؟ نحن نتكلم عن الخطوط الحمراء في العمل الدرامي، وهي بالأصل موجودة فينا، وعلى مايبدو نحن محكومون بالخط الأحمر، ومع هذا فهي ليست سيئة في كل الأحوال، خاصة إذا كانت مرتبطة بالظرف السياسي لأوطاننا، ففي هذه الحالة ينبغي احترامها وتقويتها، و من جهة أخرى يجب عدم الخوف من الخطوط الحمراء لأننا نحن أصحابها، وبإمكاننا تجاوزها إن كان الأمر ممكن. هل يمكن القول أن انحدار مستوى إنتاج القطاع العام للتلفزيون السوري راجع لغياب الهيئة المراقبة للأعمال، هذه الأخيرة التي تجلى عنها بروز جيل راغب في الشهرة وساع للنجومية على حساب الفن؟ بالنسبة للقطاع العام التلفزيوني فهو من أسس لنجاح الدراما السورية، وقدم العقل المبدع السوري في فترة غياب الدراما العربية، وعلى غرار ذلك نجد أيضا القطاع الخاص الذي أتى بجيل جديد يحمل أفكارا أكاديمية للعمل الإبداعي التلفزيوني، وساهم بدوره في رواج العمل السوري في الوطن العربي، أما القول باهتمام هذا الجيل بالشهرة، فهذه تدخل في التربية وتختلف من شخص لآخر، ومهما كانت المهنة فهي لاتضفي أخلاقا علينا، لأننا نحن الذين نضفي أخلاقياتنا على المهنة، وبشكل عام العمل التلفزيوني الدرامي يعاود إنتاج نفسه في سوريا، وفي الوطن العربي، تبقى المشكلة غياب العقل المتخصص في المؤسسة الخاصة، و هذا الأمر الذي نتمنى تجاوزه. هل غياب المسلسلات السورية في رمضان سببه ثمن سياسي تدفعه تلك الدراما بسبب خلافاتها مع عواصم عربية؟ للأسف تتأثر الدراما السورية بقرار سياسي ما، ولكن ليس بالقدر الذي يحد من انتشارها. طغى في الآونة الأخيرة جدل في الأوساط الفنية بسوريا ومصر بشأن استعانة الدراما المصرية بفنانين سوريين، هل لنا أن نعرف وجهة نظرك ؟ لا الدراما السورية ليست ملك لشخص، واذا غاب شخص عن الساحة في العمل الفني، لاينبغي أن يؤثر على الدراما بشكل عام، بل بالعكس أنا أرى أن لدينا نجوما هم من سفراء الدراما السورية، وهذا يعكس مدى قدرة الفنان السوري في أي مكان كان على أداء رسالته الإنسانية. في تقديرك هل غياب العلاقة الصحيحة بين المبدع والناقد هي سبب اختفاء الموضوعية من حياتنا الإبداعية والنقدية، بحيث نجد الناقد يقوم بالبحث عن الثغرات، والمبدع يعتبر عمله طليعيا؟ نعم قولك صحيح، لأن الدول التي تطور فيها المسرح، كان الناقد دائما موجودا في العملية الإبداعية، حتى يصل إلى علاقة أكاديمية بينه وبين المبدع، لكن غياب هذه التجربة في البلاد العربية سمح بإحداث شرخ بين الموقعين، وهذا لايعني أن غياب نقاد متخصصين هو الهم الوحيد، لأنه لايكفي حمل الشهادات لصنع عقل إبداعي، لأن الأمر يتطلب البحث الدوؤب والمستمر. غزت مؤخرا المسلسلات التركية الشاشات الفضائية العربية، في رأيك هل يرجع انتشارها للدبلجة السورية؟ إذا كان هناك نجاح للمسلسلات التركية، فليست الدبلجة هي السبب الوحيد، باعتبار الدراما التركية حالة سياحية قدمت مشهدية تليق بالأتراك أكثر مما تليق بنا، والدبلجة السورية تكون قد هربت اللحظة للشارع العربي. ما تقييمك للإنتاجات الدرامية المشتركة بين بلدينا؟ للأسف لم أشهدها، وأقولها بصراحة إنني مقصر تجاه الجزائر... بل في كل الوطن العربي هناك تقصير متبادل، ومع ذلك نحن ننشد التعاون الفني العربي، ولو كان ذلك المنتوج بسيطا، لأنه يدخل ضمن مفهوم توحد العقل المبدع العربي، الذي لم تستطيع الساسة توحيده، ومن ثم أدعو المعنيين لوضع استراتيجيات قصد نشر وتبادل المشهد الثقافي العربي لدى دول الوطن العربي. في الوقت الذي نحتفي بالقدس عاصمة أبدية للثقافة العربية تسعى إسرائيل لجعل القدس عاصمة لها كمثقف ماهي رؤيتك؟ هذا حلم بائد وليحلموا كما يشاؤون، وسيبقى الى أبد الآبدين مشروعا لن يتم، لأن الشارع العربي يرى أن القدس عاصمة دائمة للفلسطينيين، وهذه هي الحقيقة، و في هذا الصدد عنوان المثقف أن يناضل بكل ما أوتي من معرفة لتقديم ما استطاع لخدمة القضية.