الموسيقار الجزائري "سليم دادة" ل "الأمة العربية ": راشدي يرفض التعامل مع الشباب هو موهبة متميزة ومتفردة في عالم الموسيقى، اعترف به في الخارج قبل الداخل، عزفت موسيقاه في كبرى المهرجانات الدولية، نصب كأول مؤلف موسيقي "للأركسترا" الوطنية، وهو حاليا متواجد بإيطاليا لإثراء خبرته التي بدأت في الجزائر، وانتقلت بكل ثقة في كل دول العالم العربي والعالم الغربي. في حواره ل" الأمة العربية" الموسيقار الجزائري " سليم دادة " يكشف عن عمله الجديد الذي سيقدم في العديد من المهرجانات الدولية من طرف ثنائي العود المشهور "بسمات" من باريس، كما تحدث الموسيقار عن الإحباط الذي لقيه في فيلم "بن بولعيد" ومسلسل "عندما تتمرد الأخلاق". ما هو سبب تواجد الموسيقار سليم دادة في مدينة تورينو الايطالية؟. تواجدي في تورينو، هو مواصلة لما أقوم به من أعمال إبداعية موسيقية ودراسات وأبحاث في الكتابة والتأليف الموسيقي، لدي العديد من المشاريع في إيطاليا وفي أوربا عموما، وهي أيضا فرصة لتعميق تجربتي الموسيقية الاحترافية، وكذا تبادل الخبرات مع الغير لإثراء لغتي الموسيقية وتعميق فهم هذه اللغة بالنسبة للغرب. كما أن رحلتي إلى إيطاليا تزامنت مع البعثة التي تحصلت عليها من الحكومة الإيطالية لدراسة تخصص قيادة الأوركسترا. لماذا ترينو؟ تورينو هي من أهم المدن الاقتصادية في إيطاليا، وأهم شيء فيها هو نشاطها الثقافي وخصوصا الموسيقي منه، وهي تعتبر أغزر مدينة موسيقية في إيطاليا مع روماوميلانو، وذلك لاحتوائها على مقر "الأوركسترا السيمفوني" الوطني، وفيها اهتمام خاص بالنسبة للموسيقى السيمفونية، و الأوبرا، والتعليم الموسيقي لما يحتله "كونسرفتوار تورينو" للموسيقى من أهمية في أوربا. هل سيتعارض مشروعك الموسيقي مع عملك كمؤلف "للأوركسترا" الوطنية؟ كما قلت تواجدي في إيطاليا، هو بمثابة مواصلة للعمل الذي كنت أقوم به في الجزائر، عملي مع الأوركسترا الوطنية لا يزال قائما، و لازلت المؤلف الموسيقي للاوركسترا السيمفوني، و قد قدمت آخر أعمالي مع الأركسترا الوطنية في شهري فبراير ومارس الماضيين، وهي "لونجة الديل"، بقيادة المايسترو الإيطالي "غويدو ماريا غويدا"، و "أغنية الحب" لأوركسترا الوتريات بقيادة المايسترو الياباني "هيكوتارو يازاكي". مؤخرا خضت تجربة التأليف الموسيقي في فيلم "بن بولعيد"، حدثنا عن هذه التجربة؟ تجربتي في التأليف الموسيقي أو التأليف للصورة، ليست الأولى في فليم بن بولعيد، كانت لدي أعمال سابقة، لكن يمكن أن اعتبر أن تجربة فيلم بن بولعيد هي أهم تجربة لحد الآن، نظرا لأهمية المشروع، ولضخامة الإنتاج في هذا العمل، كما أنها كانت تجربة جد ناجحة فيما يخص الإنتاج الموسيقي. كم استغرق العمل؟ استغرق مني العمل (04 ) أشهر، شهران في التحضير والدراسة التاريخية، وجلسات عمل مع "السيناريست" ومع المخرج، للتوصل إلى رؤية موحدة، كما عملت على الجانب الفلكلوري بدراسة محلية للموسيقى الشاوية، في باتنة، وڤالمة، لأنني كنت أرى أن الموسيقى يجب أن تكون قريبة من الوسط الذي عاش فيه بن بولعيد. ثم أمضيت شهر رمضان في الأغواط، حيث كتبت كل موسيقى الفيلم،ثم عشرين يوما للتسجيل والمونتاج في النمسا، و10 أيام أخرى لتركيب الموسيقى على الصور في الجزائر . المفاجأة كانت في ورود إسمك الثاني بعد الموسيقار الصافي بوتلة، مع أن إدارة الإنتاج قد تعاقدت معك أنت لإنجاز كل موسيقى الفيلم، كيف حدث هذا ؟ أنا متفاجيء مثلكم؟ قبل أن يعرض الفيلم في 11 ديسمبر، وصلتني مراسلة من مهرجان دبي، على أساس أني الموسيقار الثاني لموسيقى الفيلم، ولا أخفيك أني صدمت، الخبر أثر علي كثيرا وخاصة أني كنت في الغربة وبعدكل ذلك التفاني في العمل، وكل الوقت الذي استغرقه مني، أتفاجأ باسم موسيقي آخر يسبق إسمي ، هذا غريب، وفي العقد الذي أبرمته مع المنتج، لم يكن هناك مؤلف موسيقي متعاون، أو مؤلف موسيقي مساعد، أو ثانوي،كان هناك "مؤلف موسيقى الفيلم"، لكن و للأسف فإن القانون الجزائري به الكثير من الثغرات التي لا تحمي حقوق المبدع. و أتساءل متى ألف "بوتلة" موسيقى الفيلم، إذا كنت قد سلمت الموسيقى في 30 أكتوبر 2008، وفي 3 نوفمبر نقل العمل إلى روما ليعمل له "الميكساج"، لا يمكن أن يحدث ذلك، إلا إذا كان هناك فريق آخر يعمل بالموازاة مع فريقي ؟. وإذا كان ما تضمنه الفيلم من موسيقى الصافي بوتلة قد أخذ من أحد ألبوماته، فإن ما هو متعارف عليه في السينما أن الموسيقى المأخوذة من ألبوم أي موسيقي آخر، يشار إليها في آخر العمل، بكتابة إسمه، و إسم دار النشر، ولكن لا يعتبر مؤلف الموسيقي الخاصة و الجديدة للفيلم. ماذا عن تعاملك مع أحمد راشدي؟ قد يحسدني الكثيرون عن تعاملي مع إسم معروف مثل راشدي والذي يمثل بالنسبة للكثيرين تجربة كبيرة وخبرة، وقدكنت أتوقع أن يكون هذا التعامل بمستوى هذه الخبرة، لكن ما حدث كان العكس، لأن راشدي كان رافضا للتعامل معي منذ البداية، ولم يبد أي تعاون، إلى درجة أني وقفت على عملية تركيب الموسيقى على الصورة بمفردي دون وجوده، أضف إلى ذلك، أنه قبل أربعة أيام من سفري للتدريبات مع الأوركسترا الإيطالي في النمسا، طلب مني إعادة نصف الموسيقى التي كتبتها، فما كان مني إلا أن كتبت العديد من المقاطع الجديدة في وقت قياسي، و هذا إن دل فإنما يدل على عدم احترافيته ورفضه للتعامل مع جيل الشباب. كتبت العديد من الصحف الغربية عن عملك، وقد أبدوا إعجابهم، مالذي كان ينتظره سليم دادة من هذه التجربة؟ فعلا الكثير من وسائل الإعلام الغربية نوهت بالعمل، و أشادت به، وقدكان هناك صحفيون حضروا مقتطفات من "الميكساج" قالوا أنه قل ما يستمتعون بكتابة موسيقية مثل هذه، حتى في أوروبا حاليا لا يكتبون للأوركسترا، لأن تكلفة الأوركسترا غالية، وأجمعوا على أن العمل يرقى إلى مستوى موسيقي أفلام هوليوود، وهذا ما أردت الوصول إليه بالفعل، أردت أن أقدم عملا راقيا، على جميع المستويات، وفعلا حصلنا في الأخير على موسيقى راقية، قدمت بنوعية جيدة من طرف أوركسترا "كوندوكتوس" الإيطالي، تحت إشراف المايسترو "مارشيلو فيرا". هل فكرت في مقاضاة المنتج و المخرج؟ كنت استطيع مقاضاتهم، لكن رأيت أن المستوى تدنى وأنا أفكر في مشاريع وأمور أخرى، وقد تعلمت الدرس جيدا والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. طيب، استدعيت لإنجاز موسيقى مسلسل "عندما تتمرد الأخلاق"، لكنك رفضت لماذا؟ لقد تمردت الأخلاق فعلا في هذا المسلسل. ما حدث في المسلسل مفارقة غريبة، أن يكون عمل من إنتاج جزائري ينفذ وفق شروط سورية، كان الاتفاق الأول بيني و بين المنتج أن أنجز موسيقى المسلسل، وكان هناك اتفاق ضمني حول تاريخ تسليم العمل، و الأجر، بعدها تغير كلام المنتج، الذي طلب مني أن أنجز الشارة فقط، التي كان يجب أن تكون جزائرية، مبررا تراجعه في موقفه بأن المخرج السوري قد أحضر موسيقيا من سوريا، وأن الإثنين يتفقان في الرؤية الفنية، وبعد مدة اتصل بي المنتج وطلب مني أن أنجز الموسيقى، على أساس أن عمل الموسيقار السوري لم يعجبه. هل وافقت، في الأخير؟ وافقت على طلبه لكن بشروط جديدة هو أن أتقاضى نفس السعر الذي كان سيتقاضاه السوري، والذي كان يفوق ما منحوه لي ب 5 مرات، حيث أني كنت في دمشق للمشاركة في فعاليات الأوركسترا الأورو متوسطي، أين قدم عملي "لونجة نهاوند" وكان ناهل الحلبي هو من قاد عملي وكان يريد التنازل عن العمل، فلم أوافق لأن الذنب ليس ذنبه. قلت أن المنتج وافق أولا على شرطي، ثم بعدها تراجع عن رأيه بحجة أن المخرج فراس دهني قد هدد بوقف العمل إن لم يتم التعامل مع الموسيقي السوري. ففضلت الانسحاب نهائيا من العمل، ورفضت التعامل معهم في إنجاز أية موسيقى في هذا المسلسل، لانعدام الانضباط في العمل، وخروج الأمر من أيدي الطرف الجزائري المنتج. دائما نقف على مقولة "أن الخارج يقيم طاقاتنا أكثر منا"، والدليل هو استدعاؤك لإنجاز موسيقى تصويرية لفيلم ألماني عن "القصبة" متى ستبدأ العمل ؟ نعم، الفيلم الألماني من نوع الوثائقي، ويدور حول القصبة العتيقة، سيبدأ التصوير في أكتوبر من هذا العام. هل ستتكرر تجربتك في التعامل مع مخرجين ومنتجين جزائريين؟ بالتأكيد، حينما يكون العمل جديا، مستفزا، ويحمل رسالات وأهدافا تتفق مع المبادئ والجماليات التي أعبر عنها في مؤلفاتي الموسيقية. وفيه الكثير من الإبداع وروح العمل الجماعي البنّاء، وعلى العموم يجب على الشباب الجزائري تناول زمام الإبداع و تفعيل الجو الثقافي. متى العودة إلى أرض الوطن؟ ليس لدي الآن تاريخ محدد لعودتي، بسبب ارتباطاتي الكثيرة في أوروبا، لكن سأحاول المجيء إلى الوطن في شهر رمضان. جديد سليم دادة ؟ عملي الجديد" نهاية البداية" و الذي كتب للرباعي الوتري بطلب من "كونسرفتوار تورينو"، تم تقديمه مؤخرا في عدة قاعات في تورينو، و قد تمت برمجته في أهم مهرجان دولي في إيطاليا "ميتو: سبتمبر الموسيقي"، أين سيقدم في ميلانو يوم 23 سبتمبر القادم. مقطوعتي للغيتار "يا قلبي" التي كتبتها سنة 2005، تم تسجيلها بأداء رائع من طرف عازف الغيتار الشهير "سيرجيو بوتشيني" في الأرجنتين والتي ستصدر ضمن ألبومه الجديد في هذه الصائفة. أما الآن فأنا بصدد التحضير لعمل فريد من نوعه وهو مقطوعة كبيرة خاصة بثنائي العود فقط، بكتابة و تأليف جديد بالنسبة للغة العود التقليدية، وسيتم تقديم العمل في العديد من المهرجانات الدولية من طرف ثنائي العود "بسمات" من باريس.