لا يزال التهميش يطبع يوميات سكان منطقة "التواجر" المعروفة باسم "التاجرة" الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة النعامة، والبعيدة على بعد أمتار فقط من الطريق الوطني رقم 6. ورغم قربها من مقر الولاية بمسافة تقدر بأقل من 12 كيلومتر، إلا أن ذلك لم يغير من واقع المعيشي للسكان الذين يتجرعون مرارة العيش لأسباب ودوافع قوية كللها الفضول الذي دفع بنا إلى أن نطأ أرضية المكان الذي شهد عزوفا كاملا من قبل أهالي المنطقة وأبنائها، التي لم تول أهمية لواقع المنطقة المرثي عنه منذ قرابة قرن وبالأخص عصر الاستعمار، الذي أخذت المنطقة تسميتها عنه ولا لوتيرة العيش القاسية التي لا تتماشى وعصريات زمن وصل إلى ذروة التقدم والتطور، بالرغم من أن المنطقة تضم العشرات من المواطنين، ومن خلال الرحلة التي اقتادتنا إلى عين المكان استلهمها منظر الرمال والمساحات الخضراء التي غمرتها الزوابيع من كل الجوانب، وفصل بينها طريق مكسي بطبقات رملية طبعته المطبات والحفر بداخل القرية، ليضع السائقين والركاب محلا للدحرجة داخل الشاحنات من نوع جاك التي تقلهم، إلا أننا ولدى وصولنا إلى المنطقة ذهلنا بمنظر المكان الذي تليق به تسمية "التواجر"، ففي ظل وحشة المنطقة المفتقرة لأدنى مظاهر التنمية والتي تتطلب تطبيق البرامج التي جف حبرها على الورق المطوي في أدراج النسيان.. بدءا بتعبيد مداخلها وطرقاتها المعبدة بأكوام التربة التي تتحول إلى برك راكدة خلال فصل القر، إلى بناء الأرصفة وإنشاء قنوات لصرف المياه القذرة التي علقت مخططاتها منذ مدة، فضلا عن خلق مساحات للعب الأطفال الذين ملوا حياتهم منذ سنوات مبكرة من العمر، حيث لم يحرم الأطفال من مخطط عزلهم وتجريدهم من أبسط حقوقهم وذلك بالنظر إلى أنهم يقضون أوقاتهم بالقرب من منازلهم التي تستدعي برامج الدعم لأجل إعادة اعتبارها، حيث زادت مناظر الكثير من المنازل من درجة تشويه المنطقة بطبيعة بناياتها التقليدية التي ساعدت على تشقق جدرانها وهشاشة أسقفها إلا أن أكثر ما زادنا استغرابا هو إيداع ملفات السكن الريفي التي تبقى غير كافية وأيضا ملفات السكن الإيجاري التي تبقى بدون آثار رجعية منذ سنوات، وذلك بحكم الشكاوي التي تخص طلب السكن من طرف العديد من العائلات ومنها عائلات تقيم بالخيم المهددة بخطر الطبيعة، أما فيما يخص جانب المرافق العمومية والخدماتية المنعدمة، فيحق القول إن انعدامها جعلنا نحكم على المنطقة بأنها أكثر المناطق تهميشا بالرغم من قربها من وسط المدينة، إلا أننا ظننا أننا في قطاع يبعد كل البعد عن عاصمة بوابة الجنوب النعامة، وجعل ربات البيوت على وجه الخصوص ينددن بالواقع المزري الذي أوقع المنطقة في شراك العزلة التامة، وفي مشقة ولوج المدن القريبة بواسطة حافلات النقل القليلة التي ندد لأجلها جمع من المواطنين وذلك لتقاعس السائقين عن تكملة واجبهم الذي يتطلب إيصال السكان إلى أحيائهم القرية التي تبعد عن الطريق ب 10 كلم، إلا أن الأمور تجري بالعكس إذ يكتفي بعض ناقلين بوضع الركاب في وسط الطريق وتحميلهم عناء إتمامه سيرا على الأقدام.