مظاهرات أمام مدينة الإنتاج الإعلامي هدد الرئيس المصري محمد مرسي أول أمس باتخاذ إجراءات لم يحددها "لحماية هذا الوطن"، بعد مظاهرات عنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها، واستخدم "عبارات غامضة وإن كانت بلهجة حادة" قالت المعارضة إنها تنذر بحملة قمع ضدها. وقال مرسي في تصريحات بعد المظاهرات التي استهدفت يوم الجمعة المقر الرئيسي لجماعة الإخوان بهضبة المقطم في القاهرة "إذا ما أثبتت التحقيقات إدانة بعض الساسة فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم مهما كان مستواهم". ووصف المظاهرات بأنها "عنف وشغب وتعدّ على الممتلكات العامة والخاصة"، وأضاف "إذا ما اضطررتُ لاتخاذ ما يلزم لحماية هذا الوطن فسأفعل، وأخشى أن أكون على وشك أن أفعل ذلك". لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل. جبهة الإنقاذ تصف تصريحات مرسي ب"المفزعة" وواجه مرسي معارضة متزايدة بعد شهور من انتخابه في يونيو الماضي، واندلعت احتجاجات متكررة في البلاد تحول بعضها للعنف. ويتهم المعارضون مرسي وجماعة الإخوان بالسعي للاستحواذ على السلطة واللجوء لاستخدام الوسائل الأمنية غير الديمقراطية، بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية. وتتهم جماعة الإخوان معارضيها بإثارة الاضطرابات بغية الاستيلاء على السلطة التي فشلوا في الوصول إليها عبر صناديق الاقتراع، وتقول إن الاحتجاجات التي لا تهدأ تحبط جهودها لإنقاذ الاقتصاد الذي يتداعى بسبب حالة الاضطراب في البلاد. وقال خالد داود المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني -التي تقود أحزاب وجماعات المعارضة والتي تشكلت العام الماضي- لرويترز "هذه تصريحات مفزعة جدا". وأضاف "أستطيع أن أرى لغة تتجه إلى اتخاذ بعض الإجراءات القمعية". وأصيب العشرات يوم الجمعة حين اشتبك ألوف المؤيدين والمعارضين لجماعة الإخوان قرب المقر الرئيسي للجماعة. وقال داود إن جبهة الإنقاذ لم تدع لهذه الاحتجاجات، لكنه أضاف أن بعض أعضائها ربما قرروا المشاركة فيها. ودعا مرسي المصريين لضبط النفس وحفظ الأمن، مشددا على أن "التظاهر السلمي مكفول للجميع". وأضاف "أنا رئيس لكل المصريين، ولن أسمح أن يتم النيل من الوطن (...)، إن المحاولات التي تستهدف إظهار الدولة بمظهر الدولة الضعيفة هي محاولات فاشلة، وأجهزة الدولة تتعافى وتستطيع ردع أي متجاوز للقانون". وأضاف -في التصريحات التي نشرت على حسابه على تويتر- "أدعو جميع القوى السياسية لعدم توفير أي غطاء سياسي لأعمال العنف والشغب، ولن أكون سعيدا إذا ما أثبتت التحقيقات إدانة بعض الساسة". وتابع "البعض يستخدم وسائل الإعلام للتحريض على العنف، ومن يثبت تورطه فلن يفلت من العقاب، فكل من شارك في التحريض هو مشارك في الجريمة". وصارت الإجراءات التي يمكن أن يتخذها مرسي موضوعا للتكهنات. وفي أواخر يناير الماضي أعلن فرض حالة الطوارئ في مدن القناة الثلاث بورسعيد والسويس والإسماعلية بعد اندلاع العنف فيها. لكن خبير شؤون مصر والشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية ياسر الشيمي قال إنه لا يرجح فرض حالة الطوارئ في مناطق أخرى من البلاد. وأضاف أن من المرجح أكثر حدوث اعتقالات. وقال "انطباعي أن مرسي وجماعة الإخوان بشكل عام نفد صبرهم بسبب أعمال العنف التي تجري". وأضاف "هذه بالتأكيد أشد العبارات صرامة التي يتحدث بها (مرسي) فيما يتعلق بالاضطرابات". وتابع "الآن يشعر مرسي بأن معه ما يكفي من الرأي العام لتبرير اتخاذ إجراءات أكثر قسوة". ، وكانت جماعة الإخوان المسلمين توعدت السبت بأنها ستلاحق قضائيا كل من دعا وشارك في المظاهرات في محيط مقر الجماعة بالقاهرة. وقالت الجماعة في بيان تلاه أمينها العام محمود حسين إن المتظاهرين "حاولوا جر الإخوان إلى قاطرة العنف، وانتهكوا حرمات المساجد ودهموا المنازل وروعوا الآمنين". وأعلنت الجماعة إصابة 195 من عناصرها، واحتراق عدد من السيارات، أثناء استهداف متظاهرين مقرها الرئيسي في القاهرة ومقارها في عدد من المحافظات يوم الجمعة الماضية. من جهة أخرى دعت جبهة الضمير الوطني في مصر إلى محاسبة مسؤولي الأحزاب التي دعت إلى التظاهر أمام مقار جماعة الإخوان المسلمين، وحمّلتهم "مسؤولية الدماء التي سالت" في الوقت الذي تجمع مئات المتظاهرين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة للمطالبة بما أسموه تطهير الإعلام. وأدانت الجبهة الأحداث التي شهدها محيط المقر الرئيسي لجماعة الإخوان بالمقطم الجمعة الماضية من أحداث عنف، متهمة بعض مرشحي الرئاسة السابقين بجر البلاد إلى "مستنقع العنف والفتن" وطالبت الإعلام بتوخي الحذر والحيادية "بعد تصوير البلطجية بالثوار". كما دعت إلى محاسبة مسؤولي الأحزاب التي دعت إلى التظاهر أمام مقار الإخوان المسلمين. وحمّلتهم مسؤولية "الدماء التي سالت". كما دعت الجبهة في بيانها جميع الرموز السياسية لعمل "ميثاق وطني يحوي تأكيدًا للثوابت الوطنية والوقوف ضد العنف لحماية المجتمع". وأوضح عضو الجبهة عمرو عبد الهادي أنه لا ينبغي أن يؤدي الاختلاف "مهما كانت سخونته" إلى العنف. كما شن عددٌ من أعضاء جبهة الضمير الوطني حملةً لمقاطعة جميع القنوات والجرائد التي وصفتها ب"المضللة" والتي يملكها رجال أعمال موالون للنظام السابق، داعية جميع المواطنين المصريين لمقاطعة وعدم مشاهدة برامجها بعدما أثبتوا "عدم مصداقيتهم وعدم نزاهتهم في نقل الأخبار وتناول الأحداث". وعلى صعيد متصل، تجمع مئات المتظاهرين أول أمس حول مدينة الإنتاج الإعلامي جنوبالقاهرة، احتجاجا على التناولات الإعلامية لبعض القنوات الفضائية، وللمطالبة بما أسموه "تطهير الإعلام من الفساد ومن رموز النظام السابق". ويتهم المتظاهرون عددا من القنوات الفضائية التي يملكها رجال أعمال ينتمي بعضهم لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ب"الفساد ومعاداة الثورة والرئيس محمد مرسي" مطالبين بما أسموه "تطهير الإعلام من الفساد ومن رموز النظام السابق" والتي وصفوها ب "قنوات إشعال الفتنة" بين جموع الشعب المصري.