ضعف الوازع الديني والفقر والبطالة وراء تنامي نسبة الانتحار بخنشلة تفيد الإحصائيات الأولية أنه تم تسجيل 11 حالة انتحار وأكثر من 65 محاولة خلال السداسي الأول من السنة الجارية، أبطالها شباب في عمر الزهور، حسب مصالح الأمن، هذا في الوقت الذي تؤكد فيه جهات مختصة أن الأرقام المقدمة أو التي تم إحصاؤها والتي تعتمد على تقارير الأمن الوطني والحماية المدنية لا يمكن أن تحمل أرقاما مؤكدة عن العدد الحقيقي للحالات. علما أن معظم الباحثين يؤكدون أن نسبة حالات الانتحار في تزايد مستمر، حيث سجلت أغلب النسب خلال الخمس سنوات الأخيرة بعدما كان الأمر مقتصرا على حالات تستهدف أشخاصا معينة أغلبهم يعاني من أمراض عصبية واختلالات نفسية، لتشمل الظاهرة مؤخرًا كل الفئات، المراهق، الكهل، الأم، الشيخ، الغني والفقير. ولعل أكبر دليل على ذلك هو الحالات المسجلة والعينات التي باتت تملأ صفحات الجرائد اليومية والتي باتت عادية بالنسبة للقاريء، وهي ظاهرة باتت مستفحلة في أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية وبأشكال مختلفة من حيث الوسائل المعتمدة باقترافها والتي كثيرا ما تكلف الطاقم الطبي مجهودات من أجل إسعافها وبشكل مستمر وبتصعيد خطير بات ينبيء بكارثة حقيقة، خاصة في أوساط الشباب والمراهقات هي ظاهرة تعكسها أرقام مرعبة استقبلتها مختلف مصالح استعجالات عبر المؤسسات الإستشفائية بولاية خنشلة، من بينها من تعذر على الطاقم الطبي انقاذه، وهي أكثر من 65 حالة ولأسباب كما سبق ذكره والمندرجة ضمن قضايا الأسرة في غياب تفعيل دور كل فرد فيها، لاسيما الوالدين اللذين غابت عنهما كل سياسات التوعية والتربية والموعظة الحسنة، وهي من الدوافع التي تستوجب التشخيص من قبل المختصين في علم النفس والمربين بدءا من التعليم الأساسي حتى الجامعي، وهي إحصاءات استقيناها من خلال تحقيقنا هذا حول الشريحة التي غادرت مقاعد الدراسة باكرا، بحيث هي المستهدفة الأولى ناهيك عن دور الإرشاد والتوجيه الغائب عن مؤسساتنا التعليمية رغم تسخير إطارات كفؤة ومقررات متعددة، زيادة عن غياب دور الأئمة في المساجد، كما هو الشأن بالنسبة لوسائل الإعلام لاسيما منها المرئية. ويمكن القول أن تشخيص وضعية شبابنا كان من المفروض أن تدرس أسباب الحالة كمشروع وطني له آليات والبحث عن سبل معالجتها وحل لغزها هذا المعقد، وهو ما يجعلنا نحن كإعلاميين أن نلتزم برفعه كإنشغال أمام الجهات المسؤوبلة لعلها تجد دواء لهذا الداء الذي بات ينخر العمود الفقري لمجتمعنا، وهو الشباب الذي أصبح لا يفكر إلا في الانتحار لمجرد مشكل بسيط في أوساط العائلة، وهو ما أوردناه من أرقام وتشخيص الظاهرة في ظل الصمت الرهيب للجهات الوصية، وخير دليل على اهتمام المهتمين بإثارة هذا الموضوع والذي تنقله بأمانة أمام الرأي العام لعله يلقى حلولا توقف هذا النزيف الذي يفتك بأبناء مجتمعنا بلا رحمة، وذلك من خلال فتح تحقيق معمق ودقيق للتوصل إلى تحديد دوافع الانتحار ومحاربتها باستثناء بعض الحالات التي تعاني من الإنهيار العصبي في غياب ضعف الوازع الديني، لنختم تحقيقنا هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل نهى المسلم عن قتل النفس، ويستوي في ذلك أن من يقتل نفسه أو غيره من النفوس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وكما قال سيد الخلق المعين أن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة وحديدته في يده يلجز بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا حديث متفق عليه، وروى البخاري في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعن نفسه يطعنها في النار والذي يقتحم يقتحم في النار، صدق رسول الله الكريم، وحسب الإحصائيات فإن 70 بالمئة من حالات الانتحار تتم عن طريق الشنق وهي الطريقة الأكثر تداولا بين المنتحرين الرجال و 30 بالمئة الباقية تمثل المنتحرات اللواتي يلجأن إلى التسمم والأسلحة البيضاء أو القفز من أماكن عالية أو الغرق حيث أكد المختصون بأن النساء يلجأن إلى الوسيلة السهلة ويبتعدون عن كل ما يطيل المعاناة، بينما يفضل الرجال الموت البطيء عن طريق الشنق أو استعمال وسائل حادة مثل شفرة الحلاقة أو السكين إلى جانب أن أغلبية المنتحرين نشأوا في محيط تسوده الاضطرايات والحرمان من الحنان العائلي، حيث تترواح أعمار المنتحرين بصفة عامة ما بين 18 و 35 سنة بينما تنخفص الدرجة بين من هم ما بين 35 و 60 سنة.