أكدت إحصائيات وتقارير رسمية صدرت عن دراسة أجرتها مصالح الدرك الوطني، ارتفاع حصيلة الانتحار في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، لأسباب مختلفة أهمها المشاكل الاجتماعية والعائلية، إلى جانب تفاقم مشكل البطالة، ويعتبر الانتحار عن طريق الشنق الوسيلة المفضلة لدى فئة المنتحرين، حيث تؤكد الإحصائيات أن نسبة 70 بالمائة من عمليات الانتحار تتم عن طريق الشنق، أما النسبة الباقية فتمثل المنتحرات اللواتي يلجأن إلى طرق أخرى مثل التسميم أو استخدام الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء أو رمي أنفسهن من مكان عال مثل شرفات العمارات أو الجسور العالية أو حتى تحت القطارات في السكك الحديدية. وقد سجلت مصالح الدرك الوطني 388 حالة انتحار بين سنوات 2006 و2008، وتتراوح أعمار أكبر فئة للمنتحرين بين 18 و40 سنة، أغلبهم من الأميين، حيث تشير الإحصائيات ذاتها إلى أن أكثر الأشخاص المقدمين على الانتحار أميون فمن بين 3709 مقدما على الانتحار في السنوات العشر الأخيرة تم تسجيل 2967 أميا، أي ما يقارب 80 بالمائة، في حين أن 20 بالمائة يتراوح مستواهم الدراسي بين الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي، حيث تكثر حوادث الانتحار في فترة ظهور نتائج الامتحانات بالمدارس والجامعات، حيث بينت الدراسة أن عددا كبيرا من المنتحرين وضعوا حدا لحياتهم بسبب إخفاقهم في الدراسة، وإلى جانب فئة الطلبة سجلت المصالح حالات انتحار في صفوف الأطباء، المحامين والمهندسين. وقد سجلت مصالح الدرك الوطني خلال سنة 2008 انتحار 143 حالة، منها 112 في صفوف الذكور، في حين بلغ عدد محاولات الانتحار 186 حالة 127 منها في صفوف الإناث، مقابل تسجيل 117 حالة انتحار، و109 محاولة وقعت في صفوف الجنسين سنة 2006، أما في سنة 2007 فقد ارتفعت الحصيلة إلى 128 حالة انتحار منها 107 حالة في صفوف الذكور، في حين تم تسجيل 128 محاولة انتحار فاشلة، وقد انحصرت حالات الانتحار في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين أقل من 18 إلى 20 سنة حيث سجل سنة 2007 انتحار 16 شابا أعمارهم أقل من 18 سنة. وتشير الإحصائيات إلى أن 12 شخصا انتحر خلال هذه الفترة أعمارهم أقل من 18 سنة، بسبب عدم قدرتهم على تحمل المعاناة وهوالرقم الذي فسره المختصون على أنه يجسد نفسيات الشباب في هذه المرحلة التي يسعى فيها الشباب لضمان استقرار مهني أوعائلي من خلال الحصول على وظيفة مستقرة تمكنهم فيما بعد من تأمين متطلبات العيش أوتأسيس عائلات جديدة قصد الزواج. أما في توزيع الولايات فتحتل ولاية بجاية الصدارة، حيث تم تسجيل 18 حالة انتحار سنة 2008، تليها ولاية المدية بتسجيل 12 حالة. وفي سياق دراسة مصالح الدرك، تمثل المشاكل الاجتماعية أوالعائلية طليعة الأسباب المؤدية للانتحار، حيث تم تسجيل 16 حالة انتحار خلال سنة 2007 بسبب الضغوط والخلافات وسط الأسر، في حين احتلت الاختلالات العصبية والاضطرابات النفسية المرتبة الثانية في الدوافع المؤدية للانتحار، حيث تم تسجيل 25 حالة انتحار سنة 2007 بسبب الاختلال العصبي في حين سجل انتحار 23 شخصا بسبب الاضطرابات النفسية، ويأتي في المرتبة الثالثة فقدان الأمل في الحياة ومشاكل أخرى في مؤخرة الدوافع التي تمتلك أصحابها اليائسين في الحياة حيث تم تسجيل 69 حالة. آخر خبر : انتحار شاب شنقا ببسكرة أقدم، مساء أول أمس، الشاب ''حشاني .م'' البالغ من العمر ''29 سنة''، على وضع حد لحياته شنقا بواسطة خيط ''البارابول'' بمنزل أخيه الكائن ببلدية الحاجب بولاية بسكرة، حيث تم نقل جثته من طرف أعوان الحماية المدنية إلى مستشفى بشير بن ناصر ببسكرة. فيما فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا لمعرفة أسباب الانتحار، والذي أرجعته مصادر مقربة من الضحية إلى مشاكل عائلية. شاب يضع حدا لحياته باستنشاق كمية من الغراء بتموشنت اكتشف أحد المواطنين، نهاية هذا الأسبوع، بأحد المنازل التي هي في طور الإنجاز بدوار القدادرة التابع لبلدية تامزوغة بدائرة عين الأربعاء جثة شاب مرمية داخل المنزل، كما عثر على قطعة من الكيف المعالج تزن 02 غرام وكيسا من البلاستيك بالمكان، لتفتح مصالح الدرك تحقيقا في القضية، حيث تبين من خلال التقرير الطبي أن سبب الوفاة راجع إلى استنشاق الضحية لكمية كبيرة من مادة الغراء من نوع ''باتكس''. الضحية ''س.ع.ع'' 19 سنة، يقطن بدوار القدادرة. غياب الوازع الديني سبب الانتحار في الوسط الجزائري أكّد مفتاح شدادي إمام بمسجد الكوثر بالبليدة أن إقدام الإنسان على وضع حد لحياته يعتبر تهديما لبنيان الله عز وجل، وجسد الإنسان أمانة عنده لا يجوز له التعدي عليها، وأضاف الإمام إن الانتحار جريمة من أكبر الجرائم الخطيرة واعتبر أنه لا يقوم بها إلا ضعيف الإيمان لقوله تعالى ''ولا ييأسمن روح الله إلا القوم الكافرون ''، مضيفا أنه لابد على الإنسان أن يصبر على المصائب ويرضى على الأمراض والفقر التي تضيق المعيشة، وقال الإمام أن الفتوى الراجحة أن المنتحر لا يصلى عليه حسب بعض العلماء لأنه قتل نفسه، وقال الإمام أن الأسباب المؤدية بالإنسان إلى الإنتحار مرتبطة بغياب التربية الدينية في مجتمعنا وعلى مستوى الأسرة والمدرسة، مضيفا أن ضعف دور المساجد الجزائرية في التطرق لموضوع الانتحار وتعتبر كل المؤسسات مسئولة على دورها في التربية، وأضاف إمام مسجد الكوثر أن هناك أهم سببان يؤديا بالإنسان إلى التفكير في الموت كآخر حل وهو الفقر المدقع والترف المبالغ فيه مما يضعف إيمانه، ونظرا أيضا لضعف الوازع الديني وابتعاد الناس عن التدين الصحيح والمعتدل، وأكد مفتاح شددي أنه لا إفراط ولا تفريط في التدين.