قليلة هي الإطلالات الإعلامية للفنان "أحمد بدير"، فهو ليس في خصومة مع الإعلام، لكنه حسب تعبيره لا يحب القيل والقال. ورغم رفضه إجراء أية مقابلات صحفية، إلا أنه كسر القاعدة، ففتح قلبه ل "الأمة العربية" وتحدث إليها عن كل شيء في هذا الحوار الحصري. ** فقال: أنا متأكد أنني أسعد إنسان في هذه التظاهرة، ولا تتصورون مدى فرحتي حينما دعيت للمشاركة فيها، وقد كان لي الشرف بزيارة الجزائر من قبل حيث شاركت في عمل مسرحي مع رفقاء المهنة والأشقاء الجزائريين، وكانت من أجمل الزيارات في حياتي، لذا قبلت بدون تردد المشاركة في مهرجان وهران، وفي هذا الوقت الحساس لي كفنان، لأني وجدتها أنسب فرصة للالتقاء بالجزائر مرة ثانية، وهو أعز اللقاءات على قلبي. ** المهرجان تخطى كل العقبات والتحديات، وأصبح الآن ملتقى يفتح الباب أمام التواصل والعناق العربي، وأنا شخصيا أرى أن مهرجان وهران بات أداة فعالة لتوطيد العلاقات بين الشعوب العربية هذا من جهة، أما من الجهة الثانية فهو أثبت مقدرته على لم شمل الفكر والإبداع العربي. وأعتقد أن السينما والفن الجزائري عموما يستفيد بشكل كبير من هذا المهرجان، لما يقدمه من خدمات هائلة تتمثل في نقل الخبرات للمبدع والجمهور الجزائري. أما بخصوص قانون المهرجان من الداخل، فقد كشف بدوره عن مدى الطفرة الكبيرة والسريعة التي حققها القائمون عليه برئاسة السيد "حمراوي حبيب شوقي، وأنا أرى أن هناك خيرا كبيرا ستجنيه الشعوب العربية من وراء المهرجان مستقبلا. ** شعرت كفنان وإنسان بمدى الفرق بين مهرجان وهران وبقية المهرجانات، وأهم الفروق هو البساطة التي تكسر الحواجز وتزيد من الألفة، فلا توجد التعقيدات والبروتوكولات، بل تطغى الحميمية التي لا توجد إلا داخل البيت الواحد وبين الأهل والأشقاء، وهذا ضروري جدا لنا جميعا كعرب، وليت العلاقة بين الشعوب العربية تكون على غرار ما نشاهده في هذا المهرجان. ** هذا هو المفروض، وأعتقد أن المهرجان زادت مسؤولياته، ومثلما أثبت جدارته في عديد المهام، عليه الآن أن يواصل التحدي ويحمل على عاتقه هذه المهمة، فهو جدير بها، فنحن أمة واحدة وتاريخنا واحد، ناهيك عن الميزات التقارب الكثيرة التي تجمع بيننا، وكل ذلك يستوجب مواكبته بأعمال راقية وقوية تغوص في مشاكلنا وتقدم مطالبنا على الساحة الدولية. ** البدايات تعني مسرحية "ريا وسكينة" مع الفنان الراحل "عبد المنعم مدبولي" والنجمة الرائعة "شادية" والقديرة "سهير البابلي"، فهذا العمل الشهير كان من أهم محطاتي الفنية واستطاع أن يكشف عني كفنان، وعرفت فيه أنني أمتلك مواهب كوميدية، هذا بالنسبة للمسرح. أما بالنسبة للتليفزيون، فأرى أن مسلسل "الزيني بركات" كان البداية الحقيقية لي في عالم الشهرة، لأنه قال للجمهور والنقاد إنني لست فقط كوميديا، وإنما أملك القدرة على تقديم أدوار الشر. وبعد هذا العمل، أدرك الجميع أن أحمد بدير فنان حقيقي لا يخضع للتصنيف. ** طبعا.. فالفنان الحقيقي يجب أن يكون قادرا على تأدية جميع الأدوار والشخصيات، سواء التراجيدية أو الكوميدية أو أي لون كان. ** بعد هذا التاريخ، أشعر أنني قدمت مختلف الأدوار والشخصيات، وتلونت عبر كل الأشكال الفنية. ليس هناك دور معين في بالي، ولكن أنا أحب دوما الجديد، وأي عمل جديد ويحمل إضافة أقبله، لأن التكرار ضد الفنان والجمهور معا. ** لا أتدخل إلا إذا كان لي رأى أو وجهة نظر مهمة، أو يمكن أن تقدم إضافة للعمل ككل. وعندما تكون لدى ملاحظات، فإنني أقدمها للمخرج، وأترك له القرار النهائي، فأنا أفضّل أن يكون هناك احترام متبادل وروح من التعاون التي تهدف في النهاية إلى إنجاح العمل. ** للأسف في الوقت الحالي نادرا ما نشاهد فيلما يمس الناس ويخرج منهم وإليهم، عكس السينما الأمريكية والهندية على سبيل المثال، فهي تنجح، لأنها تقدم قضايا محلية نابعة من مجتمعاتها ولا تناقش قضايا مصطنعة. فمما هو معروف أنه عندما تعبر السينما بصدق عن الواقع، تنجح في الوصول للعالمية، حتى لو كان الفيلم قائما على فكرة بسيطة، يمكن أن تتم المعالجة بأسلوب فني راق وصادق، وعندها نضمن النجاح المطلوب. ** الحمد لله.. فقد وصلت لمستوى معين من النجاح، كما تمكنت من إقامة علاقة قوية مع الجمهور، ولكن هذا الأمر يؤرقني دائما، فأنا في حاجة مستمرة للمحافظة على هذه العلاقة من خلال المزيد من العمل والجهد، وأنا أعتبر الجمهور هو أصدق ناقد للفنان، فهو لا يجامل ولا ينافق، ويرفض الفنان المزيف، ويستطيع أن يكتشف الفنان صاحب الموهبة الحقيقية من الفنان غير الموهوب، وهكذا فالجمهور لن يرحم أي فنان يحاول أن يخدعه أو يقدم له وجبة فنية مغشوشة. ** سأقدم ثلاثة مسلسلات خلال الشهر الكريم، هي "العمدة هانم" و"الدنيا أونطة" و"أبوضحكة جنان". * في مسلسل "العمدة هانم" أجسد شخصية "مرتضي" عمدة كفر الزعاترة، الذي يتزوج على زوجته "صابرين". وبمجرد معرفة زوجته بالأمر، تقوم بترشيح نفسها لانتخابات العمدة بالقرية، ومن هنا يبدأ الصراع بينها وبين زوجها في شكل كوميدي بسيط ينتهي لصالحها، والمسلسل من تأليف الراحل "مجدي الجلاد" وإخراج "أحمد يحيى" والبطولة لصابرين وهياتم ومظهر أبو النجا وعلاء مرسي ومحمد الصاوي ودنيا عبد العزيز. أما في مسلسل "الدنيا أونطة"، فأقدم دورا كوميديا يرتبط برجل يخسر أمواله في إحدى المسابقات، فيضطر للعمل حلاقا، والمسلسل تدور أحداثه حول الطمع الذي يسيطر على البشر في الآونة الأخيرة، وهو ما دفعهم تجاه الكسب غير المشروع، وهو من بطولة ميمي جمال وضياء الميرغني وعلاء مرسي وميسرة وإنعام سالوسة وجليلة محمود وفتحية طنطاوي، ومن تأليف محمود البربري وإخراج د.سعيد الرشيدي. وأخيرا، أقوم بضيف شرف في مسلسل "أبوضحكة جنان" الذي يحكي قصة نجم الكوميديا الراحل إسماعيل يس، الذي يجسد دوره النجم "أشرف عبد الباقي"، أما أنا فأجسد شخصية النجم الراحل "محمود المليجي" . ** هناك نوعان على الساحة، سواء سينمائيا أو تليفزيونيا أو مسرحيا، أولهما الكوميديا الجيدة التي تسعى دائما للتعبير عن المجتمع في قالب كوميدي قيّم، وثانيهما الكوميديا السيئة التي تعتمد على التلاعب بالألفاظ والمفردات فقط، دون تقديم مضمون له معنى، وهذا النوع لا أسعى لمشاهدته أو سماعه. ** بالتأكيد ستتأثر المسلسلات التي أشارك فيها، ولكن العمل الجيد يفرض نفسه على المشاهد ويكون محل الاهتمام، حتى لو تم عرضه في أوقات متأخرة من الليل، ويبقى الأمل في المشاهدة العالية التي يختص بها شهر رمضان المعظم، وهو ما يتيح لجميع الأعمال المعروضة فيه نسبة عالية من المشاهدة.