قد تتعدد الحالات وتكثر القصص في هذا الإطار، مجتمعنا الذي أضحى مليئا بوقائع يندى لها الجبين، ولم يشفع للأهلها حتى موسم الرحمة في شهر الصيام، السيدة "خضرة "ماهي إلا حالة من الوضع الإجتماعي الذي تعيشه بعض الأسر الجزائرية والذي دفعت بها الظروف للعيش في بيت قصديري مع أبنائها الأربعة بعد مكر من زوجها بعد عِشرة طويلة. الطلاق، التشرد والتسول هو مصير سيدة حكمتها هذه المعادلة بعد الطلاق مع أبنائها الأربعة فمصيرها بعد الزواج من الرجل الذي وعدها بالحياة الهنيئة السعيدة، ثم بقدرة قادر تحول إلى وحش كاسر، لكن قساوته لم تمنعه من رميها في شوارع العاصمة التي لاترحم، " خضرة" نموذج بسيط من قصص نحسبها من الخيال لكنها فتحت لنا قلبها قبل أبواب بيتها، هي جولة بالبيوت القصديرية ب"باش جراح" وبالضبط البيوت الهشة بحي "الكاليتوس"، أين تعالت صرخة هذه المرأة بين جدران الكوخ المتناثر الأثاث والهش الجدران الذي يؤوي العائلة المكونة من 4 أبناء والأم التي شاءت الأقدار أن تسكن تحت هذا السقف بعدما كانت تنعم بالهناء في حي "الحياة سابقا" وبخطة مدروسة من قبل الزوج الذي رهن البيت وهي بالمستشفى لوضع حملها الرابع، حيث وبازدياد البنت البهية الطلعة "دعاء" تغيرت حياتها الأسرية بسبب ما أقدم عليه زوجها، والذي نغص على "خضرة" فرحتها بابنتها، فبمجرد عودتها لبيتها، وجدت به أناسا غرباء قالوا بأنهم اشتروا البيت من مالكه الأصلي، فعل دفع بها في مواجهة الحياة الجديدة في شوارع أودان وأمام مسجد" الرحمة" الذي قضت مدة عام كامل أمام بابه، تحت أنظار مشدودة وأنياب مكشرة من قبل المارة بالشوارع، لكن أهل الخير كما قالت مازالوا، حيث تطوع بعض الناس بكراء غرفة في الفندق لها ولأولادها حتى تحولت إلى البيت الحالي بالكاليتوس "باش جراح" الذي تقبع فيه مدة عامين حتى الآن كما أوكلوا لها محاميا للتكفل بقضيتها فيما يتعلق بتكاليف الحضانة والإيواء. هي إذن مأساة حقيقية تدمع لها العين ويتمزق القلب لرؤيتها..دخلنا البيت من الباب الحديدي الصدىء وسط فرحة الأبناء والأم التي راحت تسلم علينا من شدة الألم وانعدام علاقتها حتى مع الجيران، بيت واحد وليس ببيت كونه المطبخ وبيت الاستقبال وبيت النوم، به تلفاز وسريرين مفروشين بأفرشة رثة وقديمة، سقفه من الزنك رياح قلية تكفي لاقتلاعه بالإضافة إلى المرحاض الذي هو في نفس الوقت حمامهم، ناهيك عن الجرذان التي تغزو البيت ليلا كما قالت الخالة "خضرة" بالإضافة إلى الحشرات الأخرى التي تمشي هنا وهناك لسبب الحالة التي يعانيها البيت، والأمراض التي تسببها كل هذه الحالة المعيشية المزرية والمؤسفة كالحساسية والحكة وأمراض الجلد على أجساد الأطفال الذين يعانون من أزمات، فالطفلة "دعاء" جسمها كان به مرض جلدي والحكة وغيرها من الأمراض جراء المأساة التي قضتها في شوارع العاصمة. فضل التخلي عن أسرته مقابل العيش وحيدا لا مسؤليات تنهكه ولا زوجة تصرخ في وجهه عن أوقاته، حتى الغيرة على بناته لم تعد تدغدغ مشاعر أبوته وتركهم يعانون في الشوارع مدة سنة كاملة والآن ولأنه سمع أن الناس الذين فيهم الخير بنو لها بيت وأصبحوا يعاونونها ببعض المداخيل أراد الاحتيال على هذا المدخول وقضاء البعض من وقته في بيتها حتى يجد فريسة جديدة يحتال عليها مثل الضحية الأولى. بدموع أبت عيناها أن تطلقها لكن لسانها عبر عن معاناتها لتصلها لقراء جريدة "الأمة العربية"، الذين فتحت لهم قلبها وعبرت عما يختلج في مشاعرها وكيف تعيش هي وأسرتها وكما قالت الجيران وبعض المحسنين ممن مازال فيهم الخير هم من يتكفل بدفع مصاريف المحامي الذي يدافع عن حقها في العودة إلى بيتها المسلوب منها بسبب خطإ ارتكبه زوجها الطائش في لحظة لم يفكر فيها بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، صدقوا أو لا تصدقوا أنها في بعض الأحيان وحين تتأخر عليها نفقات المحسنين تلجأ إلى الجلوس في الطرقات ومدّ يدها للمارة من أجل أن تقتات لقمة العيش لفلذّات كبدها، الذين ينتظرون بفارغ الصبر ما تعود به الوالدة العزيزة بعد يوم طويل من العمل كما تسميه، وياله من عمل يتركها تسقط ضحية ذئاب بشرية لا ترحم في كثير من الأحيان. لا يمكنني العودة إلى البيت إلا بدفع 20 ألف دج فمن يكون صاحب الأجر في الأيتام الأربعة بعد استلامها عقد الإيجار ونطق المحكمة بقرار العودة إلى البيت قدر المبلغ ب20 ألف ديناروالذي عجزت هي عن دفعه هذا هو المطلب الذي ترك " خضرة" تعاني منه ليلا ونهارحتى أصابها الأرق من شدة الخوف من ضياع بيتها مجددا وتبقى تعاني في هذا البيت القصديري الذي لا يليق بمقام إنسان يعيش في "جزائرة العزة والكرامة "التي يتغنى ويتشدق بها بعض المسؤولين في كثير من المناسبات، صرخت مرارا وتصرخ الآن خاصة والأولاد على أيام من الدخول المدرسي والخريف على الأبواب ومن من القراء من لايعرف زوابع الخريف.