أفضت سلسلة من التحقيقات الأمنية باشرتها قبل أيام مصالح العقيد علي تونسي بولاية عنابة، في ممارسات مشبوهة ونشاطات غير قانونية لتعاونيات عقارية، إلى الكشف عن خروقات بالجملة يتفنن في ارتكابها أصحاب 36 وكالة تنشط وفق سجلات تجارية و 28 أخرى لاوجود لها في الواقع. قالت مصادر على صلة بملفات التحقيق ، إن تحرك السلطات الأمنية جاء بناء على تقارير مصرفية تكشف حجم التلاعبات وطرقا "جهنمية" في عمليات النصب والاحتيال، وكذا شكاوى العشرات من المواطنين من مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية تفيد بتعرضهم إلى عمليات احتيال محترف ومنظم. وبينت تلك الشكاوى أن إطارات سامية في أسلاك الإدارة المحلية ومصالح الأمن إضافة إلى قضاة ووكلاء جمهورية، كانوا من بين ضحايا التعاونيات العقارية محل التحقيق. ولاحظت المصالح الأمنية المختصة أن أصحاب هذه الوكالات العقارية سرعان ما ظهرت عليهم علامات الثراء الفاحش وتحولوا من مجرد أشخاص عاديين إلى "رجال أعمال" لهم كلمتهم في سوق المال. ومن ذلك حكاية ثلاثة من الشباب البطال أصبحت سيرتهم على كل لسان، و تجمع الروايات المنسوجة حولهم أن حياتهم انقلبت رأسا على عقب بعدما صاروا من "الأثرياء الجدد" بمجرد فتحهم مكتبا إداريا بتجهيزات قديمة و ديكور مقزز في أحد أزقة المدينة، ومن ثمة تنطلق رحلة جني الأرباح بطرق نصب يصعب تصديقها، كأن تتولى هذه الوكالة أو تلك بيع أو كراء شقة لأكثر من شخص واحد. ويهتدي عدد من مسيري هذه "المحشاشات" إلى فتح أرصدة شخصية يصبون فيها الملايين التي يتم جمعها، لكن مصالح الأمن تفطنت لهذه الخدعة وسارعت إلى التحقيق في أرصدة الأفراد المعنيين وأهاليهم المقربين. ويعمد الكثير من الأشخاص إلى اختيار عشوائي لأماكن تعلق فيها ملصقات إشهارية لا تحتوي من بياناتهم الشخصية إلا على اسم الوكالة ورقم الهاتف النقال دون الإشارة إلى عنوانها ولا رقم هاتفها الثابت حتى لا يتم اقتفاء آثار أصحابها بعدما ينتهون من عمليات الاحتيال، وهو ما يؤكد أن هذه الوكالات العقارية وهمية كما وقفت عليه مصالح الأمن التي نصبت كمائن أطاحت إلى حد الآن بحوالي 28 شخصا من الذين احترفوا تسويق "الوهم" ولم يرحموا حتى المسؤولين والإطارات السامية فما بالك بالمواطنين العاديين الذي يظلون في رحلة بحث دائم عن سقف يأوون إليه.