صرّح الشاعر السوري "شاهر خضرة" في حديث ل "الأمة العربية" على هامش الملتقى العربي الثاني للشعر الشعبي، أنه يتشرف بانتمائه إلى هذا الوسط الذي يضم كبار الشعراء في الوطن العربي واعتبر الملتقى فرصة للتقارب بين الشعراء والتعرف على أصوات جديدة في الشعر الشعبي العربي. ولأن شاهد خضرة من المسافرين بين البلدان العربية بما فيها المغاربية والخليجية، فقد غادر سوريا مذ كان عمره 20 سنة ولم يرجع إليها إلى الآن بعد مرور 33 سنة ولو أنه لم يعتبر نفسه مغتربا في أوطانه الثانية مما مكّنه من فهم مختلف اللهجات، ولهذا يقول بأنه لا يحتاج إلى مساعدة في فهم الشعراء، وإن استصعب بعض المفردات يفهمها من سياق الكلام. وعبّر شاهر عن خوفه من لفظ الشعر الشعبي لأنه ارتبط دائما بالبساطة والتقليدية، فهو يخشى من أن يبقى محصورا في هذا المفهوم، بل يتمنى أن يرقى الشعر باللغة العامية إلى مستوى أفضل عوض أن ينزل إن مستوى اللغة العامية التي تفتقر إلى الثقافة والفكر. وعن العلاقة بين الشعر الشعبي والفصيح يقول الشاعر إن هذا الأخير تأثر بالحركة الحداثية التي قامت على التفعيلة وحركتها التفجيرية وبالتالي تأثر معه الشعر باللغة الدارجة في سوريا ومصر ولبنان والعراق وحتى في بلدان المغرب العربي، وهذا بالنسبة إليه شيء إيجابي، فالشعر في نظره له علاقة حقيقية ببعضه البعض وإن اختلفت اللغة التي يكتب بها، فما بالك بلغتين متقاربتين إحداهما ابنة الأخرى، فواحدة منهما هي لغة الناس التي يتعاملون بها والأخرى هي اللغة التي نقرأ ونكتب بها ونتعامل بها رسميا، فهو يرى أن الشعر الشعبي العربي الكلاسيكي هو صورة عن الشعر الفصيح منه الجاهلي وأغراضه كالغزل والرثاء. وبرأي "شاهر حضره" فإنه عندما ظهر الشعر الفصيح الحديث الذي جاء بتجديد في الرؤية الشعرية من حيث اللغة والأوزان، أخذ الشعر الشعبي نفس هذا المنحى وهكذا بدأ يواكب الحداثة شيئا فشيئا ولكن ليس بكلياته، بل عند بعض الأسماء في محاولة لأن يصبح الشعر العامي مرادفا للفصيح في تطوره وحداثته. أما بالنسبة للنقد في الشعر الشعبي، فقد أقرّ شاهر خضرة بأنه لم يقرأ دراسات حقيقية عن الشعر الشعبي، وبأنه فوجئ خلال الملتقى بدراسات لم يكن مطّلعا عليها لمختصين يحملون مجلاتهم وكتبهم التي تحمل دراسة ونقدا للشعر الشعبي، وهذا شيء جديد على الساحة الأدبية العربية. ولكن عن النقد الحقيقي يقول الشاعر إنه قرأ لكاتب مصري كتب تنويها لا يتعدى صفحات، وأدونيس كتب تنويها أيضا لم يتعد أسطرا، لذلك يرى أن هذا الجانب فارغ من الناحية النقدية ويعتبرها حالة مرَضية في عالمنا العربي خاصة بالنسبة للشعر، حيث لا توجد في الوطن العربي مدارس نقدية حقيقية، بل هناك محاولات فردية تعتمد على مجهود فردي، فغياب النقد مس الشعر الفصيح والعامي على حد سواء. وعن مقروئية الشعر الشعبي، اعتبر "شاهر خضرة" أن مشكلة القراءة هي الكتابة، فالقارئ يجد صعوبة في الحفاظ على الوزن كما يريد الشاعر، لأن هذا الأخير قد يقصر الكلمة وقد يمدّها لضبط الوزن، لأن الشعر الشعبي يعتمد على الغنائية، فمثلا حرفي الألف واللام للتعريف نجدها لام فقط فربما لا ينتبه القارئ إلى مثل هذا ويتوه في القراءة. لهذا يطرح هنا سؤال مهم: كيف لا نستطيع قراءة لغة نتكلمها 24 ساعة؟ لهذا يجب أن تكون هناك دواوين وأن يصبح الكتاب متوفرا بين أيدي القرّاء حتى يتعودوا على ذلك فكم من أمم غيرت أحرفها، كتركيا مثلا غيّرت أحرفها من العربي إلى اللاتيني في وقت أقل من 50 سنة، فكيف لا نستطيع نحن قراءة الشعر الشعبي وهو يكتب بأحرف عربية؟! وكما تعد الفصحى لغتنا الرسمية التي نقرأ ونكتب بها، فإن العامية هي اللغة التي نتعايش بها ونعبّر بها عن مشاعرنا وأحاسيسنا وهمومنا. كما تحدث الشاعر عن دور الأغنية في الحفاظ على الشعر الشعبي لأنه لا يمكن لشعب أن يبقى بدون غناء، لهذا فإن الشعر لن يندثر على الأقل طالما الأغنية موجودة، هذا لا يعني أن الأغنية تساهم بالضرورة في التعريف بالشاعر والملحن، فالسوريون عرفوا أغنية رابح درياسة "نجمة قطبية" دون أن يعرفوا كاتب الكلمات والملحن، لهذا يجب أن يقترن اسم الشاعر والملحن بالأغنية لأنه حق من حقوقهما. وبهذا الصدد يعتقد "شاهر" أن الحقوق غالبا ما تضيع في البلاد العربية. الشاعر خضرة اعتبر في سياق حديثه أن الاستعمار الذي شهدته بلداننا العربية ساهم بشكل كبير في ضياع موروثنا، لهذا فإن مهمة وزارات الثقافة الآن هي الحفاظ على التراث الكبير ويجب أن تتاح الفرص والإمكانيات للباحثين من أجل توثيق هذا الموروث وحفظه في مكتبات الأمة، رغم أنه يجد بأن القصيدة الحقيقية لا تضيع لأن صاحبها يحفظها وينقلها إلى حافظ آخر وهكذا تبقى متداولة لأجيال.