المرحوم عبد الحفيظ بوصوف تعتبره اغلب الأوساط التاريخية والسياسية والعسكرية الأب الحقيقي لجهاز "مالج"، الذي كانت مدايته مع عالم الاستخبارات وسنه لم يتجاوز 16 سنة،عندما انخرط في صفوف المنظمة الخاصة "أوس" عام 1946 الميزة الأهم في تاريخ الرجل كانت في عام 1958 عندما اسندت له وزارة التسليح والاستعلامات العامة (مالج) من طرف الحكومة المؤقتة، استطاع الرجل الملقب بسي مبروك تحويل "مالج" إلى شبكة من الأجهزة الاستخباراتية استعان بها المجاهدون . مكنتهم من تحقيق انتصارات باهرة على قوات الاستعمار الفرنسي ، كما كان له دور في تكوين إطارات متخصصة في الاستعلامات ومكافحة الجوسسة. في عام 1958 قام عبد الحفيظ بوصوف بانتقاء نخبة من الشباب الثوري ليرسلهم إلى موسكو لاجراء تربصات تكوينية مكثفة في العمليات الاستخباراتية بمدارس "ك.ج.ب" والتى سميت حينها ببعثة السجاد الأحمر، شكلت فيما بعد النواة الأساسية لجهاز "مالج" خلال الثورة التحريرية. المعجزة التي حققها رجالات "مالج" خلال الثورة هي تمكنهم من غرس مصنع حقيقي للأسلحة في المملكة المغربية لتزويد جيش التحرير بالسلاح، بعدما قطعت فرنسا الاستعمارية شرايين الامدادات بالقاعدة الشرقية ،كما استطاعوا الحصول على أسلحة ومعدات عصرية من قواعد الأمريكية بالمغرب يستحيل على أي كان إقننائها من معامل الأسلحة الأمريكية. فقد ربط رجال المالق علاقة مع جهاز المخابرات الأمريكية "س.اي.إي" في مجال عقد صفقات ساعدتهم على تجهيز الثورة بالسلاح والأجهزة مقابل منح الامركيين بعض المزايا بعد حصول الجزائر على الاستقلال من بينها تمكين شركة النفط الأمريكية "البازو" من حصول على الإمتياز استغلال البترول الجزائري وقد اكتسب جهاز "مالج" اثر تعامله واحتكاكه مع جهاز المخابرات الأمريكية قدرات عالية في ترصد الاستعمار الفرنسي بأدوات وأجهزة متطورة حديثة. مما مكنه من امتلاك قدرات تجسسية فائقة هواري بومدين في مهمة نقل الأسلحة على متن سفينة ديانا اختار جهاز "مالج" (وزارة الحزبية و الاتصالات العامة) بعد اجراء تحريات عديدة الطالب بوخروبة محمد المدعو هواري بومدين، من بين مئات الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون في الوطن العربي وفي كافة العالم ليكون ضمن عناصره، لتوفر شخصية المرحوم هواري بومدين على جملة من الشروط والمواصفات الخاصة التي تكون في رجال المخابرات. بعد عودته من مصر على متن الباخرة ديانة التابعة لأسطول المملكة الأردنية، تدرب هواري بومدين بإحدى ثكنات الثورة المتواجدة بالأراضي المغربية لقنه جهاز "مالج" فنون المناورة وحروب الظل، ليصبح أحد قادة الثورة التحريرة البارزين مما أهله لتولى قيادة أركان العامة لجيش التحرير الجزائري عام 1958. كلف هواري بومدين لقيادة الفريق الذي اختير للانتقال إلى الجزائر صحبة شحنة من الأسلحة تقدر حمولتها ب 13 طن من الأسلحة الخفيفة المتنوعة على متن اليخت ديانا لتدعيم الثورة بالمنطقة وهي مساعدة من مصر للثورة الجزائرية والثوار المغاربة . في صبيحة يوم 25 مارس 1955 جاء رسول من بوصوف إلى الحاج بن علة يحمل كلمة السر التالية (الزواج يوم 26 مارس) أي أن الدفعة الأولى من الأسلحة القادمة من مصر قد وصلت أرسل هذه الأخير أحد المناضلين الى مدينة الغزوات لجلب 18 متطوعا من العتالين المحترفين فقادهم إلى ناحية كبدانة ليتمركزوا على مقربة من الشاطئ في انتظار وصول يخت الملكة ديانا، ولما خيم الليل أرسل الحاج بن علة عدة إشارات ضوئية باتجاه البحر لم يرد عليها أحد. وفي اليوم الموالي بعث بمرسول يستفسرعن الأمر بالناظور فعلم أن اليخت قد أرسى البارحة بميناء ميليلية وجرى ترتيب موعد جديد بمكان يدعى (كابو- دي أغلوا- رأس الماء) وصلت الشحنة في الموعد لتبدأ عملية تفريغ الأسلحة بواسطة زورق اشتري خصيصا لهذه المهمة التي لم يكن في مستواها لسوء الحظ فقد غرق بحمولته منذ التجربة الأولى وعندها تقرر التوجه باليخت إلى الشاطئ. فارتطمت السفينة بصخور الشاطئ ورماله، وبهذه الطريقة تمكن العتالون القادمون من الغزوات من أداء واجبهم على الوجه الأكمل رغم صعوبة التفريغ الذي استغرق الليل كله. وفي الصباح زحف اأفراد من قبيلة كبدانة بقطعان الماشية على الشاطئ فمحوا كل أثر للعملية، وعندما وصل حراس السواحل لبحرية الاستعمارية لمعاينة اليخت لم يلاحظوا شيئا واعتبروه حادثا عاديا. بعد ذلك تم نقل حمولة من الأسلحة إلى المنطقة الخامسة على ظهور المجاهدين لتوزع بين الناحتين الأولى والثانية في حين تسلم ربعها الثوار المراكشيين في إطار الاستعداد للقيام بعمل منسق ضد العدو المشترك يهدف إلى تحرير الأقطار المغربية الثلاثة، بهذه الأسلحة انتعش الكفاح المسلح بالقطاع الوهراني. في هذه الفترة التقى بومدين بالمسؤول السياسي على الغرب المجاهد العربي بن مهيدي الذي عينه نائبا له، وحتى يكون أقرب إلى سكان الغرب وهو مولود في الشرق اتخذ لنفسه اسما معروفا في منطقة وهران وهو سيدي الهواري ثم أضاف له اسم أحد الأولياء بتلمسان المعروف بسيدي بومدين فأصبح المقاتلين هواري بومدين بدلا من محمد بوخروبة. بوتفليقة وزرهوني من رجالات المالك سي عبد القادر في مهام مخبارتية بمالي وفرنسا التحق عبد العزيز بوتفليقة بجيش التحرير عن طريق جماعة وجدة خلال عام 1956 وسنه لا يتجاوز 17 سنة وقد قدمه احد المجاهدين لعبد الحفيظ بوصوف الذي قال عنه ان هذا الشاب سيكون له شأن عظيم ليتم اختياره ضمن عناصر المالك التقى بعدة قادة بارزين كأيت أحمد وبومدين وغيرهم أصبح اسمه الحربي سي عبد القادر ارتقى إلى رتبة كملازم خلال عام 1958 تم تعينه بعد ذلك للعمل ضمن نطاق المنطقة الرابعة والسابعة التابعتين للولاية 5 أين عمل كمراقب عام ثم ملحق بها، و في عام 1960 الى مركز قيادة الاركان لجيش التحرير تحت الاشراف المباشر للراحل هواري بومدين الذي كان رئيس الاركان من هنا كلف بمهمة سرية على الحدود الصحراوية القريبة من مالي لقيادة جبهة هناك بهدف إفشال محاولات الاستعمار الفرنسي القاضية إلى تقسيم الجزائر خلال عام 1960 اسندت له مهمة خطيرة من طرف جهاز المالك للقيام بالاتصال بقيادة الخمسة المسجونين بسجن أورلى الفرنسية وهم ايت احمد ،بن بلة بوضياف وخيضر المخطو فين في عملية قرصنة هي الاولى من نوعها في العالم قامت بها الطائرات الاستعمارية يوم 22 اكتوبر من عام 1956عندما كان الثوار قي رحلة من المغرب الى تونس انتهى مشواره الثوري برتبة رائد ،كما كان كل من يزيد زرهوني وولد قابلية وآخرون من بين ألمع رجالات الظل ضمن فيلق المالك الذي زعزع أركان الجيش الاستعماري وسلطته السياسية منذ عام 1956 مخابرات الإشارة حرب خسرتها فرنسا مع جيش التحرير من بين الأعمال الجليلة التي أنجزها المجاهدون وسطرها التاريخ بأحرف لا يمحوها الدهر، الانتصارات العسكرية في ميدان القتال والعمليات الفدائية واستبسال المسبلين والمحافظين السياسيين والممرضين والممرضات وغيرهم من أبطال جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني. غير أن هناك عملا جليلا في الثورة المسلحة كثيرا ما كان يشق طريقه في الخفاء ولا يظهر رأي العين مثلما تظهر العمليات الأخرى ذات الطابع العسكري الكلاسيكي، ألا وهو سلاح الإشارة الذي جندت له القوات الاستعمارية أكفأ ما عندها من ضباط محنكين ومصالح سرية وجواسيس وما تملكه من أموال إمكانيات مادية ضخمة بغية إخماد هذا السلاح الجديد الذي أنجزه جيش التحرير الوطني، قادة من وراء ذلك منع كل محاولة عملية ترمي إلى توحيد القيادة وتنسيق العمليات العسكرية، وقد استشهد في ميدان الشرف أكثر من ثمانين جنديا من رجال سلاح الإشارة عذب الكثير منهم في مراكز التنكيل والسجون. ولكن الصحافة الفرنسية لم تتحدث عنهم ولم تشر على الإطلاق إلى أبطال الإشارة، وهذا حتى لا يخطر على بال الرأي العام أن جيش التحرير الوطني يملك أحدث وسائل الانصال العسكرية