تشهد بلدية وادي قريش إلى جانب افتقارها إلى الإيرادات انتشارا واسعا للبيوت القصديرية، حيث يقدر العدد الإجمالي لهذه السكنات ب 1000 بيت قصديري موزعة على أحياء "لابشري"، و "جنان حسان"، و"بوفريزي" و"حي سوناطرو" بديار الكاف، هذه البيوت القصديرية لا تزال لحد الساعة فضاء تعددت فيه مشاكل السكان ومسرحا واسعا لارتكاب جرائم تنوعت أشكالها. وكعينة عن هذه الأحياء، ارتأت "الأمة العربية"، نقل واقع حي سوناطرو لقرائها وهو يضم أكبر نسبة من السكان يفوق عددهم 450 عائلة مهددة بالموت بين الحين والآخر. حي "سوناطرو" المعروف بضواحي باب الواد عبارة عن تجمعات سكانية فوضوية رصدنا فيها معاناة سكان يتخبطون في صراعهم مع الموت كلما تهاطلت الأمطار جراء تواجدهم بمنازل مبنية بطرق عشوائية على سفح جبل تربته مهددة بالانجراف، ويعيشون حياة البؤس والشقاء في صمت دام عشرين سنة وسط هزات أرضية تسببها شهريا انفجارات مناجم "كاريارجوبار". زيارتنا للحي كانت في يوم بارد وممطر حيث تتوزع برك و"مسابح" مائية هنا وهناك، فبالرغم من الاهتراء الذي يطبع الحي ولا يصلح حتى لسير الدواب، إلا أن هذا الواقع لم يمنعنا من مواصلة سيرنا، وانتابنا شعور وكأننا في مداشر نائية لا تمت بصلة لأجواء العاصمة وسط أوكار لا تتجاوز 3 أمتار مربع تفنن أصحابها في تشكيل صفائح قصديرية على أسقفها. واصلنا سيرنا وصادفنا أحد السكان، الذي لم يبخل عنا بكرم الضيافة في بيته المتواضع جدا وكان عبارة عن جحر مختبئ وسط العديد من الجحور القصديرية، وعند دخولنا بيت عائلة "ابن محمد" فوجئنا بعمود تيار كهربائي يتوسط البيت. المنظر شدّ انتباهنا، فهو يشكل خطرا كبيرا على هذه العائلة وبقية الجيران. وجلسنا رفقة العائلة التي استقبلتنا بحفاوة كبيرة رغم بساطة المكان وأملهم أن نكون "فأل" خير عليهم بزوال مشاكلهم وننقل معاناتهم للسلطات المعنية بأمانة... حسرتنا كانت كبيرة على عائلة "بن محمد" حال ما رأينا مجموعة من القارورات هي في الواقع مخصصة لشرب الماء، ولكن عند هذه العائلة خصصتها لجمع الماء المقطر من السقف القصديري المهترئ بعد تثبيتها بمسامير في الشقق لمنع تسرب مياه الأمطار إلى داخل منزلهم التي كانت أشبه بمقبرة للأحياء. حياة تحت جبل يتآكل من الانجراف عبّرت لنا العائلات القاطنة بحي سوناطرو عن تخوفها الشديد كلما تهاطلت الأمطار، لاسيما وأن في مقدور قطرات المياه أن تحوّل الحي إلى برك مائية تتسرب إلى داخل المنازل، خاصة بعد الحادثة التي شهدها الحي خلال السنوات الماضية، والتي أودت بحياة رجل في العقد الرابع من العمر وفتاة ذات عامين وطفل ذي خمس سنوات مع انهيار 4 منازل في انزلاق أرضي، ولقد تحسّر أحد السكان قائلا "موت هؤلاء الأبرياء لم يحرك في نفوس السلطات ساكنا فهل سيحركه الآن؟!". كما أضاف لنا بعض القاطنين بالحي بأن السكان المتواجدين على سفح جبل هذا الحي يضطرون لمغادرة منازلهم ويتوزعون على منازل أقاربهم تخوفا من انهيارها جراء موجة الأمطار المتهاطلة بغزارة خصوصا في أيام الشتاء، ناهيك عن الحوادث المتكررة على مستوى الأسلاك الكهربائية المتدلية على أسقف البيوت القصديرية التي باتت تشكل خطرا كبيرا على العائلات وهذا إثر الحادثة التي أفزعت جميع القاطنين بالحي في السنوات الماضية بعدما كادت أن تلقى عائلة بأكملها حتفها بسبب اندلاع حريق سببته الأسلاك الكهربائية بعدما تبللت بمياه الأمطار لولا إسعاف وتعاون الجيران. هروبا من إرهاب أعمى.. إلى حظيرة العصابات والمخدرات تعذّر إيجاد سكن حتم على 450 عائلة اللجوء الى بناءات فوضوية في حي سوناطرو، فمنهم من وجد في هذا الحي مخرجا لحل أزمة سكن كان يعانيها، ومنهم من قصد الحي هربا من الإرهاب الأعمى دون علم بما يخبئه لهم هذا الحي من مشاكل فاقت معاناتهم السابقة، إذ أن حي سوناطرو بديار الكاف يعد من أصعب الأحياء القصديرية بالمنطقة جراء انتشار ظاهرة السطو والاعتداءات المتكررة على المواطنين، بواسطة السكاكين والسواطير التي ترعب الكبير قبل الصغير. وهذا ما أفادنا به أفراد عائلة "سحنون" القاطنة بحي سوناطرو، حيث أكدوا لنا بأن الحي يعرف انتشارا واسعا للجريمة وسرقات تعدد وسائلها ليلا وأحيانا حتى في وضح النهار، متخوفين بذلك على مصير أطفالهم في جو تسوده مثل هذه الآفات الاجتماعية لاسيما وسط جو ملائم للانحراف، إلى درجة أصبح فيها الشباب والمراهقون من محترفي مهنة التجارة في المخدرات وفرضوا وجودهم وقانونهم على الحي، وكمثال حي، وجدنا الشابة "آمال"، وهي فتاة لم يتعد عمرها 17 سنة تقطن بحي سوناطرو، ورغم صغر سنها إلا أنها تقود عصابة من الأشرار تحترف السرقة والسطو مبررة سلوكها الإجرامي بحاجتها لأبسط الأشياء مثلها مثل باقي الفتيات، إذ لم تجد من سبيل سوى سرقة الهواتف النقالة ثم تبيعها لتتعاطى المخدرات. فتيات خارج دائرة التعليم وبحي سوناطرو دائما، وفي أحيان كثيرة اضطر أولياء الفتيات إلى توقيف بناتهم عن الدراسة تخوفا من الاعتداءات المتكررة بالحي. هذا ما لمسناه عند عائلة أخرى كانت بالجوار، نقلت لنا تخوفها من هذه التحرشات والمضايقات اليومية التي تتعرض لها ابنتهم نادية ذات 16ربيعا، آملين أن تنظر السلطات المعنية لحالهم في حي أصبح من المستحيل مواصلة العيش فيه، ولكن حسب هذه العائلة "لبس باليد حيلة، ولا مكان يأوينا غير هذا الحي..." تقول ربة هذا البيت. تساؤل غادرنا الحي وفي جعبتنا تساؤلات عديدة طرحها سكان هذا الحي حول مصير أطفالهم وحقهم في العيش المريح والتربية الحسنة، لقد تساءلوا عن موعد تحرك السلطات المعنية لوقف كارثة منتظرة لا محالة تهدد كيانهم، قائلين "كم يلزم من هلاك روح بريئة لكي يتحرك المعنيون بالأمر؟".. "إلى متى نبقى في خوف ورعب شديدين كلما تهاطلت الأمطار؟".. والي العاصمة يعد سكان الشاليهات بتسوية أوضاعهم في القريب العاجل طمأن والي ولاية الجزائر "محمد لكبير عدو" العائلات التي تقطن بالشاليهات والمقدر عددها ستة آلاف شخص، حاليا على مستوى العاصمة، بتسوية وضعيتها في القريب العاجل، مضيفا أن أولوية إنجاز مشاريع ضخمة حال دون الالتفات إلى وضعية هذه العائلات، حيث اعتبر ذات المسؤول أن هناك مخططات لإنجاز بعض المشاريع ككلية الطب وكلية الحقوق، والتي تقتضي كل واحدة منها تخصيص مساحات شاسعة وأموال ضخمة لإنجازها بالإضافة إلى مشاريع أخرى قد أخرت مشروع التكفل بهذه العائلات. وأضاف والي العاصمة على هامش أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي، نهاية الأسبوع الفارط، أنه منذ سنة 2004 إلى غاية اليوم، تم توزيع 12200 سكن ما بين اجتماعي وتساهمي، دون أن يدرج في عملية الإحصاء هذه السكنات الترقوية وسكنات "عدل"، وفي حال أخذها بعين الاعتبار سيكون مجموع السكنات الموزعة قد وصل إلى حدود 26 ألف سكن. ومن جانب آخر، أضاف ذات المسؤول أن مصالحه قامت بتهديم 189 سكنا فوضويا منذ بداية السنة الجارية، وأزيد من 500 سكن فوضوي منذ سنة 2004، مشيرا إلى أن الأرضيات التي كانت مقامة عليها هذه السكنات الفوضوية تم استغلالها لإقامة مشاريع ومرافق حيوية، فعلى سبيل المثال تم تهديم في منطقة "أولاد فايت" ما يقارب عن 420 بيت فوضوي، أنجز مكانها مركب رياضي يستفيد منه شباب المنطقة.