يعيش منذ سنوات، المرضى القابعون بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة على وتر حركة السيارات وضجيج المارة المتجولين بداخله، حتى صار من غير الممكن للمرضى الماكثين بمختلف المصالح العلاجية هناك أن يرتاحوا كما ينبغي لهم ذلك من أجل المثول إلى الشفاء والعودة إلى بيوتهم. فالمتجول داخل هذا المركز الاستشفائي الكبير، يلاحظ منذ الوهلة الأولى أنه لا راحة لمن يريد البقاء بداخله من أجل الاستطباب والعلاج، فالأمر لا ينتهي فقط عند الإزعاج والضجيج، وإنما يتعدى إلى ضيق المصالح الطبية التي أصبحت لا تسع حتى المرضى الذين هم في حالة خطيرة، ما أدى إلى انتشار الأوساخ وكثرتها وغياب النظافة، وحتى خصوصية المريض. وصار لجوء المرضى إلى عيادات الخواص، أمرا حتميا وضروريا، رغم أثمان العلاج الباهظة هناك، كيف لا وقد سجلت اللجنة الولائية لمراقبة المنشآت الصحية، حالات لانتشار العدوى داخل المستشفى الجامعي ابن باديس، وقد جاء هذا في تقريرها الأخير حول حالة ملف الصحة في عاصمة الشرق الجزائري والذي تطرقت فيه اللجنة، أيضا إلى النقص الكبير الذي يعاني منه المستشفى في المستهلكات الطبية ومواد الفحص بالأشعة، ما نغص على عمل الطاقم الطبي الذي أصبح لا يقدم خدمات طبية في المستوى بسبب الاكتظاظ الهائل على المستشفى في جميع المصالح، وأرهق كاهل المرضى جراء طول الانتظار. كما أبرزت اللجنة النقص الفادح الذي سجلته الكثير من المصالح هناك في بعض الأدوية الحيوية، إلى جانب تردي نوعية الوجبات الغذائية المقدمة للمرضى. وقد اقترحت اللجنة الكثير من الحلول التي من شأنها التخفيف من الأزمة الخانقة التي يعيشها المستشفى الجامعي ابن باديس، وكل القطاعات الصحية بالولاية، والتي من بينها القضاء على الفوضى التي يعيشها المستشفى من خلال سن قوانين صارمة لتنظيم حركة السيارات التي لها الأولوية في التواجد بداخله، إلى جانب ضبط مواعيد الزيارات بشكل محكم من أجل الحرص على صحة المرضى، بالإضافة إلى إعادة النظر في تواجد بعض المصالح هناك، كمصلحة أمراض القلب، إذ يواجه كل من يتجه إليها من المرضى بهذا الداء متاعب كبيرة، على اعتبار أنها تتواجد في الطابق الثالث، فكيف لمريض بالقلب خاصة الحالات الخطيرة منها أن يصعد للطابق الثالث في كل مرة يأتي فيها إلى الفحص، وهو لا يقدر حتى أن يخطو بضعة خطوات متتالية؟ هذا، وقد كانت من بين أولويات الحلول المقدمة من طرف اللجنة أيضا، ضرورة تدعيم مصلحة الإنعاش الطبي وتجهيزها بكل وسائل الإنعاش العصرية، حتى تواكب التطور الحاصل في هذا الميدان لتلبية حاجيات المرضى، وكذلك المجال الخاص بالتحليل الطبية. أما فيما يخص معضلة ندرة الأدوية، فقد اقترحت اللجنة ضرورة إعطاء الأولوية للمصالح الحساسة في الصفقات الخاصة بشراء الدواء، كالطب النووي والعلاج بالأشعة، حتى لا تقع في العجز عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه المرضى الذين قد يكونون في حالة خطيرة وبحاجة ماسة للدواء.