شدد، أمس، رئيس مفوضية البنوك والمؤسسات المالية عبد الرحمن بن خالفة على ضرورة أن تراجع الحكومة مخطط مرافقتها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على جميع المستويات، بعد أن أبانت السياسات المعتمدة عدم فعالياتها ونجاعتها لتأطير ودعم مردود هذا النسيج المؤسساتي المدر للثروة والمستحدث لمناصب الشغل في حال ضمان الدعم اللازم له، لا سيما على صعيد التمويل والمرافقة التقنية بالشراكة مع المتعاملين الأجانب. وقال بن خالفة في كلمته الافتتاحية لأشغال المنتدى الأول حول "راهن وآفاق استحداث المؤسسة الصغيرة والمتوسطة " في الجزائر، الذي نظمته شبكة الدراسات والاستراتيجيات المالية المتوسطية RFCM لمنطقة مرسيليا PACA بالتنسيق مع مفوضية البنوك والمؤسسات المالية ومنتدى رؤساء المؤسسات FCE بنزل الهيلتون في العاصمة، قال إن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي يتشكل من أكثر من 450 ألف مؤسسة، يعيش حاليا "حالة مخاض اقتصادي" مباشرة بعد دخول إجراءات قانون المالية التكميلي حيز التنفيذ منذ شهر نوفمبر الماضي، أهمها إقرار قانون القرض التوثيقي"CREDOC" والذي أثار جدلا واسعا في أوساط المتعاملين الاقتصاديين المحليين بين مرحب ورافض ومتحفظ، حيث أكد بن خالفة أن المؤسسة الصغيرة والمتوسطة لابد أن تخرج من "قوقعتها" المحلية لتقتحم الفضاءات الواسعة للشراكة. وفي هذا الصدد، اقترح بن خالفة فتح "رساميل" المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام الشريك الأجنبي كبديل لحالة الترنح التي يشهدها القطاع، الذي ما فتئ يسجل من سنة لأخرى إندثار العديد من مؤسساته نتيجة غياب التمويل والمرافقة اللازمة. وأضاف بن خالفة أن العمل منصب في الوقت الراهن على تكييف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع المعطيات والمستجدات التي تميز محيط الأعمال وتطبع حركة التجارة الخارجية، وأهمها قانون القرض التوثيقي CREDOC الذي يهدف بالأساس إلى التقليص من فاتورة الاستيراد، لكن المفارقة أن إجراءاته العملية عقدت في الكثير من الأحيان العملية الاقتصادية، بحيث عرقلت إلى حد بعيد من حركة استقبال المواد الأولية (انقطاعات تتراوح ما بين 8 إلى 10 أيام) وما ينجر عنها من خسائر جسيمة يتكبدها الاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد، دعا بن خالفة إلى تسهيل مهمة استقبال المتعاملين الاقتصاديين (المنتجين المحليين) للمواد الأولية على مستوى الموانئ، باختزال آجال معالجة ملفاتهم، لأن الأمر هنا يضيف بن خالفة يتعلق بمتعاملين منتجين للقيمة المضافة، في إشارة إلى المواد الأولية المستخدمة في الصناعات الغذائية والغذائية الزراعية وقطع تركيب وتجميع التجهيزات الالكترونية والكهرومنزلية، وأيضا المواد نصف مصنعة، حيث قال بن خالفة "يجب أن نفرّق بين مستورد يقوم بجلب شهريا 5 إلى 10 حاويات من السلع النسيجية والجلدية والتجهيزات المنزلية (سلع كاملة الصنع) من الصين أو تايوان أو باكستان، وبين متعامل اقتصادي محلي يقوم باستيراد المواد الأولية الضرورية في عملية الإنتاج المحلي، مثل الزيوت الصناعية والزيوت الأساسية وقطع تجميع الأجهزة الإلكترونية والسكر الموجه للصناعات الغذائية...". وطالب بن خالفة بمراجعة وإعادة النظر في التنظيم والتشريع البنكي في علاقاته بنسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث دعا إلى تليين إجراءات الحصول على القروض ومراعاة آجال تسديده بطريقة تمكّن حاملي المشاريع من استحداث مؤسساتهم بطريقة سليمة بعيدة عن التسرع الذي يقع فيه العديد من المتعاملين. من جهته، حاول فرانسوا غزافييى فورنيل الرئيس المدير العام لشبكة الدراسات والاستراتيجيات المالية المتوسطية RFCM لمنطقة مرسيليا أن يضبط مقاربات السوق الجزائري من حيث العرض والطلب، مؤكدا أن نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر من شأنه أن يستحدث وينتج أضعاف القيمة المضافة المحققة حاليا بالنظر إلى الإمكانيات والمؤهلات التي تتمتع بها سواء على المستوى المادي (الثروات و المواد الاولية) أو البشري (الكفاءات والخبرات)، مشيرا إلى موطن الخلل الذي يكمن حسبه في الإطار التشريعي المنظم لهذا النسيج وعلاقاته "الفاترة" بالبنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي لم تقحم نفسها حسبه كمتعامل محوري في العملية الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.