أبدى العشرات من فئة المكفوفين ببلدية بني صاف بولاية عين تموشنت، استياءهم الشديد جراء العديد من المشاكل التي زادت من معاناتهم، ففقدانهم لنعمة البصر من جهة وقلة اهتمام المجتمع والسلطات المعنية بهم من جهة أخرى حتى وإن كان فقدانهم لنور الحياة، أمر مسلّم به وابتلاء من المولى عز وجل، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل معاناتهم تضاعفت أكثر مع قلة الاهتمام بهم. وفي هذا السياق، يذكر (م.ع ) أن المكفوف يتقاضى منحة 10 آلاف دينار وهو مبلغ زهيد جدا على حد تعبيره، بحيث لا يستطيع بهذا المبلغ تلبية أدنى حاجياته خاصة منهم الذين لهم عائلات، كما أن هذه المنحة في الكثير من الحالات تصل متأخرة. ويشير المتحدث ذاته، أنه تم إحصاء ببلدية بني صاف أكثر من 300 مكفوف كلهم يعيشون ظروف سيئة وحتى تنقلاتهم بالشوارع والأحياء أصبحت صعبة بالنسبة لهم، بحيث أصبح المكفوف بحاجة لمرشد للسير في الشوارع بعد أن أصبحت الأرصفة شبه منعدمة أو مستغلة من طرف أصحاب المحلات ويضطرون للسير في الطريق مع السيارات، كما هو حال الآخرين مع المخاطر المترتبة عن ذلك، بالإضافة إلى انتشار الحفر وانعدام التهيئة بأغلب الشوارع ومسالكها وأرصفتها مما جعل حياة المكفوف بالشوارع تتعرّض لخطر كبير. كما تعاني هذه الفئة من انعدام مناصب عمل مناسبة تضمن لهم العيش بكرامة خاصة مع المنحة الضعيفة التي يستفيدون منها والتي لا تكفي لتلبية أدنى ضرورياتهم، ونجد المكفوفين يجدون ضالتهم خاصة في العمل بمصالح الموزع الهاتفي داخل الإدارات العمومية الذي أصبح بوابة المكفوف الوحيدة لولوج عالم الشغل. وذكر محدثنا، أنه تم مراسلة الجهات الوصية في هذا الشأن من أجل تشغيل نسبة من هذه الفئة بالموزّعات الهاتفية للمؤسسات العمومية، في حين يشترط شهادة في التخصص وأن لا يتجاوز السن 35 سنة، في حين يعتبر محدثنا هذه الشروط بغير الواقعية، بحيث أن تسيير الموزّع الهاتفي من طرف المكفوف لا يستدعي شهادة وكذا شرط السن يعد غير مقبول، كون أن أغلب المكفوفين تجاوزوا مرحلة الشباب ولهم عائلات وهم بحاجة لإعالتهم، ناهيك عن إلغاء هذا التخصص داخل مراكز التكوين. ومن جهة أخرى ولخروج هذه الفئة من عالم البطالة، قال محدثنا عن إمكانية تشغيل المكفوف داخل الغرف السوداء الخاصة بالأشعة بالمستشفيات، بحيث أن هذه الغرفة في واقع الأمر لا تساعد سوى المكفوف كونه يبقى فيها لساعات طويلة وهي مظلمة ولا تناسب الأشخاص العاديين، إلا أن حتى هذا المنصب الذي يضر بالأشخاص العاديين لم تجده هذه الفئة. وفي هذا السياق، يناشد السيد (م.ع) وزير الصحة والسكان من أجل إصدار قرار بهذا الخصوص ليجد المكفوف فرصة للعمل خاصة بعد غلق مصانع الفرش والمكانس التي كانت تستقطب هذه الفئة، بحيث أن الورشة الخاصة بصناعة هذه المكانس بالمنطقة التي كانت توظف أكثر من 50 مكفوفا أغلقت أبوابها وأحيل كل موظفيها على البطالة. (ف.م) هي إحدى الفتيات التي حرمت من نعمة البصر والقاطنة بمدينة بني صاف، حيث تعيش هذه الفتاة رفقة عجوز طاعنة في السن كانت تعيش معها رفقة والدتها قبل وفاتها داخل منزل آيل للسقوط فوق رؤوسهم في أي لحظة، حيث أن مشكل السكن أصبح يؤرقها خاصة وقد ناشدت هذه الأخيرة السلطات المحلية ووالي الولاية من أجل ترحيلها من هذا المسكن ومنحها سكنا لعله يخفف من معاناتها ومعاناة العجوز التي تؤويها ويعيد لها الأمل في العيش الكريم ولعله يعوضها ولو القليل من نور الحياة الذي فقدته منذ صباها لتبقى تعاني في صمت داخل هذا المسكن. يقول (م.ع)، إن الإعاقة لم تنقص من عزيمتهم وإنما كانت دافعا للعطاء أكثر وخدمة المجتمع خاصة الرياضة، بحيث تم تكوين فريق لكرة الجرس لهذه الفئة منذ الثمانيات ويضم عدة رياضيين وحقق هذا الفريق ببني صاف عدة ألقاب وطنية ومحلية، كما يشارك في مختلف التظاهرات الرياضية ولا يفوت هذا الفريق أي مناسبة وطنية إلا وشارك فيها، في الوقت الذي نجد فيه جمعيات أخرى غائبة نهائيا في مثل هذه المناسبات ، وفي الأخير ناشد (م.ع) ببني صاف الجهات الوصية بضرورة الاهتمام بهذه الفئة بتحسين وضعيتهم بالإضافة إلى دمج هذه الفئة اقتصاديا واجتماعيا بتوفير مناصب شغل لائقة بهم.