عندما يلتقي شخص بحفار قبر أو يسمع عنه، تتغير ملامحه وكأنه يرى الموتى بين عينيه وينتابه إحساس بأنه سيموت قريبا، وهناك من يشك في ذمتهم بأنهم يتعاونون مع السحرة والمشعوذين، وهكذا تكونت نظرة مخيفة عند المواطنين الذين يرهبون من هذه الفئة التي أغلبيتهم أفنوا حياتهم في خدمة الموتى رغم دخلهم الزهيد تلجأ العائلات الجزائرية عندما يتوفى أحد أفرادها أو قريب لهم إلى البحث عن حفاري القبور الذين فئة منهم تابعة للبلديات أما الأغلبية فيعملون تحت لواء المؤسسة الجزائرية لتسيير الجنائز والمقابر الموت موعظة كبيرة تبلغ مبلغها من النفوس المؤمنة بلقاء الله عزوجل وهذه الموعظة تؤثر كثيرا على النفس حيث تدعوها إلى الإقلاع عن الذنوب والمعاصي والتوبة إلى الله وتدعوها إلى الطاعات والصالحات والقرب من الله.. فتذكر هادم اللذات يساعد النفس على كبح جماحها إن تذكر الموت وشدائده يوم القيامة وأهوالها كل ذلك يترك في قلب المؤمن أثرا عميقا يدفعه لجهاد النفس والتفاني في الأعمال الصالحة والقرب من الله غسل الميت سنة مطهرة وفيها تفريج كربة من كرب المؤمن وكلنا يعلم الأجر العظيم والثواب الجزيل وراء غسل الميت لكن ليس كل احد لديه قوة القلب ورباطة الجأش للقيام بهذا الدور أم بندر وأم محمد كانتا على قدر كبير من الإيمان والصبر لتولي هذه المهمة على أكمل وجه طلبا لرضا الله عزوجل تعتبر هذه المهن التي تدور في فلك الموت من المهن الغريبة على الأشخاص العاديين، غير أنها عادية لأصحابها وممتهنيها، على اعتبار أن زبائنهم مسالمون جامدون، لا يسألون عن الثمن، ولا يجادلون على جودة الخدمة؛ وقد كان اختيار ”الخبر” لهذه المهن دون غيرها لما فيها من تشويق وغموض، ولجهل المجتمع لممتهني هذه الأعمال وحبهم وتمسكهم بها، بالرغم من ارتباطها بما يخافه معظم الناس وهو الموت. الطبيب الشرعي وغسّال الموتى.. من هنا تبدأ رحلة الأموات إلى العالم الآخر، حيث يعتبر الطبيب الشرعي أو الملاك الأبيض نسبة لمئزره الأبيض في عالم الأموات، لا ينفك ينتقّل بين الجثث بقلب بارد، برودة ”لامورغ”، يتعامل مع الموتى كحقيقة يومية دون أي شعور بالخوف، بل يتعامل مع الجثث بالحيادية في التصرف والاحترافية فيما تعد مهنة تغسيل الموتى من الأعمال الجليلة التي تنم عن إحساس بالوعي والضمير الحي، حيث يهدف أصحابها إلى نيل الأجر والحسنات، وأن هذه المهنة من المهن الشريفة والعظيمة معا، على الرغم من نظرة البعض ”الظالمة” اتجاهها والثقافة السلبية تجاه من يمتهنها، حيث يصل الأمر في بعض الأحيان إلى مرحلة الخوف الشديد أو الفوبيا من التعامل معهم أو حتى الاحتكاك بهم، دون مراعاة لحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ”..من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة، كان له بكل شعرة منه عتق رقبة، ورفع له به مائة درجة تتواصل رحلة الميت لتصل إلى القبر الذي لا يبعد عن سطح الأرض سوى متر أو أقل، داخل المقبرة التي يتخللها صمت رهيب يخيم عليها، وأنفاس مكتومة ومئات من القبور المتزاحمة ورائحة الموت في سمائها ولا صوت يعلو فوق ضربات حفار القبور لوضع الجثث، فلا مكان للتفاوت الطبقي تحت الأرض بحيث يستوي فيها الغني والفقير، القوي والضعيف، الصغير والكبير، الجميل والقبيح. غير أن مهنة حفار القبور وحارسها مثلها مثل المهن المرتبطة بعالم الأموات، مرفوضة اجتماعيا وتسبب لهم نفورا يؤذيهم نفسيا، حيث يراها البعض نذير شؤم، ويتجنبون الحديث والتواصل مع ممتهنيها، ولا يقبلون حتى تناول الأكل أو الجلوس معهم ومخالطتهم، حيث يرمقهم البعض أحيانا بازدراء وأقل مرتبة في المجتمع فالذي يغسل الميت له أجر عظيم إذا كتم ما يراه من العيوب في الميت، والذي يصب له الماء ونحوه يعتبر مشاركا له في تغسيل الميت، فله بذلك الأجر والثواب، وقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة، قال الحافظ ابن حجر في كتابه "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" إسناده قوي وعن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبرا وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة. رواه الحاكم. وقال: هذا حدث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي في التلخيص، وصححه أيضا الألباني، وأما مجرد حضور تغسيل الميت فلا نعلم ما يدل على حصول الثواب به عن أبى رافع -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غسل مسلما فكتم عليه غفر الله له أربعين مره)). وفي رواية: ((خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)). وفي رواية بلفظ: ((أربعين كبيره)). ((ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر له حفرة فأجنه فيها أجرى الله له اجر مسكن اسكنه إياه إلى يوم القيامة ولمن تولى غسله فضل عظيم بشرطين أن يستر عليه ولا يحدث بما قد يرى عليه من مكروه أن يبتغي بذلك وجه الله، لا يريد به جزاء ولا شكورا أو شيئا من أمور الدنيا، لما تقرر في الشرع أن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العبادات إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم الثاني السنة في التغسيل: عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته (زينب) فقال: ((اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو اكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك بماء وسدر)) قالت: قلت: وترا؟ قال: ((نعم واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من الكافور. فإذا فرغتن فآذنني))، فلما فرغناه آذناه، فألقى علينا حقوة (إزاره) فقال: ((أشعرنها إياه))، قالت: ومشطتها ثلاثة قرون (وفي رواية: نقضته ثم غسلته) فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث: قرنيها وناصيتها والقيناها خلفها قالت: وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبدان بميامينها ومواضع الوضوء منها الأمانة في التغسيل: لقول ابن عمر (لا يغسل موتاكم إلا المأمونون)، والأمانة شاملة لكل الأقوال والأفعال حتى تغسيل الميت . والمؤتمن هو المحافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة المعروف بأمانته وأخلاقه ومعاملته للناس من يغسل الميت حسب الوصية فأن كان قد أوصى أن يغسله فلان من الناس وآلا والده وان علا وابنه وان نزل فأن كان الميت لم يوص فتختار الأسرة الثقة الآمين وكذلك المرآة أن يكون مكان التغسيل مستور الجوانب والسقف