تعاني بقعة البرايحين التابعة إقليميا لبلدية أولاد عباس التي تبعد عن عاصمة الولاية الشلف تقريبا بحوالي30 كلم، التهميش في مجال التنمية، حيث يعاني سكانها من انعدام أبسط الضروريات كما تفتقر بقعة البرايحين لكل مقومات الحياة الكريمة، نظرا لغياب جل الهياكل القاعدية وانعدام المرافق الرئيسية من مؤسسات ثقافية وشبانية. فباستثناء الملعب الجواري الذي أنشئ حديثا وأصبح المتنفس الوحيد لكل أطفال وشباب المنطقة، لا وجود لمظاهر التنمية بهذه البقعة المعدومة، لتمتد معاناة السكان إلى الأطفال، وبالأخص تلاميذها، الذين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى المتوسطات والثانويات المتواجدة في مركز بلدية الابيض مجاجة بالنسبة لجميع الاطوار التي تزيد المسافة عن 10كلم، أما تلاميذ الابتدائيات فيقطعون مسافة 7 كلم إلى مركز البلدية للوصول إلى مدارسهم، الأمر الذي انعكس سلبيا على تحصيلهم العلمي، مطالبين في نفس الوقت السلطات الوصية بالنظر إليهم بعين الرأفة . وفي ظل غياب قاعة توليد، تبقى النساء الحوامل بهذه المنطقة تتكبدن عناء السفر من مقر إقامتهن إلى بلدية الشلف للفحص، قاطعات مسافة 30 كم ذهابا وإيابا، معرضات بذلك صحتهن وصحة الجنين إلى مخاطر كان بالإمكان تفاديها لو أن المسؤولين على قطاع الصحة أدخلوا في اهتماماتهم معاناة النساء الحوامل هناك. ويبقى المشكل المطروح في هذا الصدد أن عادات وتقاليد المنطقة المحافظة تمنع المرأة من الركوب مع غرباء في سيارة واحدة، ما يحتم على الزوج أو القريب كراء سيارة بثمن لا يقل عن 500 دج في غالب الأحيان. وبالنظر إلى اعتبارها منطقة فلاحية، فإن معظم الشباب ممن أنهوا دراستهم يتوجهون مباشرة صوب حقولهم وبساتينهم ، بحثا عن عمل، أو الاتجاه إلى الاسواق لبيع ما يملكون من محاصيل زراعية، في حين أن بقية الشباب يعملون في إطار الشبكة الإجتماعية وتشغيل الشباب التي لا توفر لهم حتى تكاليف السجائر. ومن يفوز بمنصب في الشبكة الإجتماعية ببلدية الابيض مجاجة يعد محظوظا، نظرا لانعدام فرص العمل بها وانتشار البطالة التي كان بالإمكان امتصاصها لو أن البلدية استفادت من مشاريع تنموية في مجال السكن والعمران. بعد تعبيد وفتح الطريق الولائي المار بالمنطقة، الرابط بين البلدية والقرية، استبشر السكان خيرا بفك العزلة عن المنطقة، وهو ما من شأنه فتح آفاق واسعة لحركة التنمية بالبلدية نظرا لموقع الطريق الإستراتيجي. و يبقى أمل السكان أن يكون هذا الطريق بداية لمشاريع أخرى تفك العزلة عن هذه البقعة التي عانت الأمرّين خلال سنوات المأساة الوطنية، حيث نزح ثلث السكان إلى بلديات ومدن مجاورة فرارا من الوضعية الأمنية من جهة، وانعدام مقومات الحياة الكريمة من جهة أخرى. ومع استدباب الأمن وعودة روح التنمية في المنطقة، تبقى الكرة في ملعب المسؤولين والمعنيين، كل حسب اختصاصه، في عودة النازحين إلى قراهم ومداشرهم بعدما عانوا مرارة التشرد ونظرة الإزدراء، خاصة إذا علمنا بحالتهم المعيشية السيئة التي وقفنا على بعضها من خلال حديثنا مع بعض العائدين، الذين أكدوا أن ما توفره أراضيهم من خيرات يجعلهم في غنى عن طلب المساعدة، مطالبين في نفس السياق بضرورة تسهيل طرق الدعم الخاصة بالبناء الريفي والإستفادة من الدعم الفلاحي، حيث أكد العديد من العائدين أنه بتوفر السكن والماء والكهرباء، و دعم الفلاحة، عاد كل السكان لأرضهم .