بدأت الأيادي القطرية تتحرك بقوة وفي كلّ الإتجاهات، لخلط الأوراق في المنطقة العربية، وفتح مستقبل الأمة العربية على المجهول، فقطر "الأداة" الخبيثة في المخطط الإستعماري الجديد، تأكّد أن مهمتها الأساسية التي كُلّفت بها رفقة بعض دويلات الخليج، هي ضرب عناصر القوة في الدول العربية، سواء كانت مُمانعة أو غير مُمانعة، بغرض إضعافها وفسح الطريق واسعا أمام تدخل القوات الأجنبية فيها، فبعد أن كان البعض يتلذّذ بنجاح الثورة المصرية وإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، وتحوّلت السهام صوب الجيش المصري، حيث اندلعت مظاهرات عارمة تحوّلت إلى أعمال شغب شبيهة بما حصل قبل نجاح "الثورة" تُطالب بإسقاط النظام، وبالتوازي مع ذلك، حدث ما كان متوقعا، ورفضت الجامعة العربية التعديلات التي طالبت بها سوريا بخصوص بروتوكول إرسال مراقبين إلى سوريا، ما يعني أن قطر التي ترأس الجامعة العربية، قد نجحت في إفشال كل المحاولات الهادفة إلى تجنيب سوريا سيناريوهات التدخل الأجنبي على شاكلة ما وقع في ليبيا . اليوم تأكّد بعد تدمير ليبيا، وعودة الفوضى إلى مصر، وتحالف العلمانيين مع الإسلاميين في تونس، وتواصل الإضطرابات في البحرين واليمن، وتواصل المؤامرة الخبيثة على سوريا قلب الأمة العربية النابض، والتحرّشات ضد باقي الدول العربية الأخرى، قلنا تأكد أن ما سُمّي باطلا بالثورات العربية، أو الربيع العربي، لم يُنتج ثورات للشعوب ضدّ الأنظمة، وإنما ثورات على كيانات الدول العربية ككل، فالذي يحدث هو قمّة الفوضى، وهو يجسّد ما اصطلح عليه صقور البيت الأبيض في عهد جورج بوش الإبن ب "الفوضى الخلاقة" التي سيُولد من صلبها الشرق الأوسط الجديد، والمثير للإستغراب، أن هذا المخطط الصهيوني الأمريكي، لم يُكتب له النجاح في الوقت الذي كانت فيه أمريكا وإسرائيل والغرب في أوج القوة الإقتصادية والعسكرية، وهو اليوم يُنفّذ وأمريكا والصهاينة وحلفاؤهم يعيشون حالة انحدار قوية نحو الهاوية والإفلاس، ما يؤكد أن تمويل المؤامرات يتم خارج الدائرة الأمريكوصهيونية، وأن الذي يتكفل به هو دُويلة قطر بالأساس وبعض شقيقاتها الخليجية، وهو أمر يدعو إلى التقزّز والإشمئزاز، ويستدعي من الشعوب العربية، أن تعيد النظر وبسرعة في وعيها الجماعي، وتستجمع قواها إستعدادا للمواجهة الحاسمة، أي الإستعداد للحرب لا محالة، لأن المخطّط سوف لن يستثني أي دولة عربية، بما فيها تلك العميلة للأمريكيين، فالمخطط إن كُتب له النجاح لا قدّر الله، سيعيد العرب إلى زمن البداوة، ولن تقوم لهم قائمة إلا بعد عقود من الزمن، خاصة في حال نجاح المؤامرة ضد سوريا ومصر، وانتقالها إلى دول المغرب العربي التي لم تنفلت بها الأوضاع بعد، لأن هذه الدول هي عصب الأمة العربية، وضربها يعني شلّ كلّ مفاصل الأمة العربية، وهذا ربّما ما لم تنتبه له حتى السلطة القائمة في مصر، والتي تحتضن بلادها جامعة الدول العربية، التي يسهر على أمانتها مصري ضليع في التفاوض مع الإسرائيليين، فيكفي أن نشير هنا إلى أن أول خطوة أقدم عليها الأمريكيون بعد احتلال العراق، هي تفكيك الجيش العراقي الذي كان يُمثل صمام الأمان، حتى لا يقوى العراق على النهوض مجددا، ولا نظن في الحالة المصرية أن قوى التآمر وأدواتها كقطر وبعض الدّويلات الخليجية، ستقبل ببقاء المؤسسة العسكرية في مصر قوية ومتحكمة في أمنها الداخلي والقومي، وهو الشأن نفسه بالنسبة لسوريا، التي تُشنّ على قيادتها وجيشها حملة غير مسبوقة، فاللعب اليوم أصبح واضحا للغاية، وعلى الشعوب العربية أن تختار وبسرعة، أن تقف في وجه "الفوضى الخلاقة" أو تتركها تعصف بمقومات وكيانات الدولة فيها، لأنه من المستحيل أن تقوى الجيوش في أي بلد عربي على مواجهة مؤامرة بمثل هذا الحجم إذا لم تستند على قوّة ووعي شعوبها، ونظن أن هذه أحسن فرصة وأحسن توقيت، لإعلان التعبئة العامة، والإستعداد للحرب التي هي شبه مفروضة على عديد الدول العربية، كما أنه من الضروري قبل كلّ شيء، تكسير أدوات المؤامرة في الأمة العربية، أي بعبارة أوضح، البدء في مواجهة مباشرة بين دُول المُمانعة ودُويلة قطر وشقيقاتها في التآمر، وعدم انتظار تحرك الجامعة العربية وأمينها العام، لأن المؤامرة تجري فصولها اليوم بالقرب من مقر الجامعة العربية في القاهرة.