عقدت مؤخرا اللجنة الإسلامية للهلال الدولي بمدينة ببغداد اجتماعا للفريق العمل متخصص في صياغة إستراتيجية لبناء السلام الاجتماعي، الفريق تمخض على اثر مداولات اللجنة الإسلامية في مارس 2012 بقبرص. وقد تم على اثر ذلك مناقشة عدة قضايا تهتم بالسلام العالمي، حيث أكد الدكتور فوزي اوصديق مقرر الفريق ورئيس المنتدى الدولي الاسلامي للقانون الدولي الانساني على وجوب جعل حقل السلام من اولويات الدول من أجل بعث روح المصداقية وربط أواصر الصداقة والاخاء بين الشعوب، كما اعتبر أن التدخلات المنظمات الاممية في درء الخطر بالمناطق الحروب عمقت من الصراع القائم جراء عدم معرفتها بالاوضاع الاجتماعية لتلك الدول المتنازعة، الامر الذي جعل من تلك المنظمات تفشل في مساعيها لاحلال السلام الدائم والفعلي. وأشار أوصديق الى ضرورة ايجاد اليات فعالة واتباع استراتيجية لدفع الدول الى تفادي الوقوع في حروب وذلك من خلال الية الانذار المبكر في ظل ارتفاع وتيرة الصراعات وكذلك التعاون مع المؤسسات الاسلامية ومراكز البحث من أجل القيام بدراسات معمقة وجمع كل البيانات حول المناطق النزاع. وقد استمع الحاضرون الى ورقة أعدها مقرر الفريق الدكتور فوزي اوصديق لإعداد الإستراتيجية البناء السلام الاجتماعي، حيث رأى هذا الاخير أن الالتفاتة الى حقل السلام من الاهداف السامية التي ينبغي أن تكون ضمن أولويات اللجنة الإسلامية للهلال الدولي، وذلك لسبب أساسي مرجعه أن السلام يركز على التعامل مع اللبنة الاجتماعية للأزمات والمسببة للمواجهات في مراحلها الأولى قبل أن تتفاقم الى نزاعات تؤدي الى خسائر بشرية ومادية والى أضرار معنوية كغياب الاستقرار، ما يدفع الكثيرين الى الهجرة القسرية والنزوح الاضطراري. وعرج الدكتور فوزي اوصديق على استظهار بعض الأزمات والنزاعات التى أخلت بمبدأ إحلال السلام العالمي خاصة مع التطورات التي يشهدها العالم وارتفاع منسوب الأطماع والمصالح عند الكثير من الكيانات، مما دفع الكثير من الدول الى انتهاج أسلوب الكفاح المسلح كالعراق وليبيا وسوريا وفلسطين… وغيرها من دول النزاع في ظل وجود مبادرات دولية لتهدئة الأوضاع المتأزمة والدعوة الى السلام إلا أن الفشل الذي لازم معظمها أدى حسب المجتمعين الى وجوب خلق ميكانيزمات واستراتيجية لبناء سلام يرتكز على إشراك كل الفاعلين من المؤسسات الإسلامية، واضعا في السياق عدة أهداف تمثلت في إطلاق مشروع متكامل بقيادة الأمة الإسلامية لإصلاح بين الشعوب والمجتمعات من اجل التعايش السلمي مع إنشاء مؤسسات في هذا الشأن دورها تعميق وتحقيق السلم والأمن الدوليين انطلاقا من المفاهيم الإسلامية، فضلا عن اجراء أبحاث معمقة في الإرث الإسلامي والنص القرآني لاستخلاص مفاهيم إسلامية تتعلق بنبذ العنف والتنازع والتكامل الإنساني مع الحرص في التعامل مع آلية الإنذار المبكر للكشف عن الأزمات الاجتماعية قبل تفاقمها الى نزاعات. وقد ركز المشروع على ضرورة الدخول في تعاون مع أحد المراكز المعتمدة في هذا المجال التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي كالتعاون مع أحد مراكز أبحاث السلام. حيث سيكون دورها إجراء دراسات حول مناطق النزاعات في العالم وتوفير قاعدة بيانات بذلك، بالإضافة الى اجراء بحوث معمقة لبسط قيم السلم بمفاهيم إسلامية والابتعاد عن كل أشكال النزاع بإعتباره المدمر للبنى المجتمعية. وقد تم اقتراح التعاون مع جامعة الإسلامية بماليزيا للقيام بهذه المهمة نظرا لتوفرها على عوامل جيوبوليتيكية تتعلق بالمنطقة. كما تم اقتراح التعاون مع المنظمات غير حكومية نظرا لمساحة الحرية التي تتوفر عليها مع تأسيس منتدى دوري للناشطين في مجالات نزاعات والسلام كجمعية الهلال الأحمر في العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي… وغيرها من الهيئات الفاعلة في هذا الميدان. المنتدى حسب رؤية الدكتور اوصديق سيسمح بتبادل التجارب الناجحة و الخبرات المميزة في مجال السلام واحتواء التوترات الاجتماعية قبل تأزمها، داعين في الأخير الى جعل اللجنة الإسلامية للهلال الدولي مركزا مرموقا للنشاط العالمي للسلام عبر تنظيم لتظاهرة كل عامين تشتمل على ندوات متخصصة والتحضير لورش عمل وعروض تجارب بممارسة متخصصين ومنظرين في المجال. حياة بن طيبة