اعتقال أكثر من 380 متظاهرا وإصابة العشرات من أعوان الأمن خلال محاولات قمع أعمال الشغب و ملثمون جابوا شوارع وهران هاتفين بعبارات "هيا للمظاهرات يا الشعب الراضي" رفعت مديرية الأمن الولائية، صباح أمس، من درجة تأهبها لأي طارئ على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها مدينة وهران وضواحيها في أعقاب سقوط نادي المولودية المحلية إلى حظيرة القسم الثاني، حيث عادت من جديد الهستيريا من خلال إقبال جموع المناصرين على التجمهر بأكبر أحياء الباهية كما هو الحال بالنسبة لشارعي "العربي بن مهيدي" و"شوبو" وحي "مارافال" التي تحولت بها الأجواء صباح أمس، في غضون ثوان، إلى فوضى عارمة دعمها مناصرو المولودية العائدين ليلة الاثنين من مدينة الشلف، الذين قاموا باقتحام مقر الدرك الوطني بحي "بلاطو" الشعبي الذي تعرضت أجزاء معتبرة منه للإتلاف والتكسير، في وقت اعتمدت فيه عناصر الأمن التي اعتقلت إلى حد الساعة 380 شخصا متظاهرا، على القنابل المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين المقدر عددهم بالمئات. نفس الوضع ينطبق أيضا على الممر الرئيسي لواجهة البحر الذي يعد نقطة حساسة قد يصعب التحكم فيها، كونه يضم هيئتين دبلوماسيتين ممثلتين في مقري القنصليتين الإسبانية والمغربية، إضافة إلى مقر دائرة وهران الذي تعرض هو الآخر للرشق بالحجارة قبل أن يتم الهجوم عليه. هذه الفوضى خلفت حالة ذعر واستنفار لدى المواطنين الذين اضطروا إلى المكوث بأماكن عملهم خوفا من انزلاق الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. تخريب ثلاثة بنوك وحرق مؤسسات عمومية.. والتلاميذ يعزفون عن إجراء الامتحانات وقام البعض الآخر بالتوجه إلى المؤسسات التعليمية لاسترجاع أبنائهم، خصوصا وأن أحداث الشغب صادفت موعد الامتحانات الخاصة بالطور الابتدائي، ما جعل الأولياء يمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المدارس خلال الفترة المسائية، الأمر الذي قد يلغي هذه الأخيرة إلى إشعار آخر. من جهة أخرى عمد تجار المدينة إلى غلق محلاتهم خوفا من تكرار سيناريو التخريب الذي طال مساء الاثنين عددا معتبرا من الممتلكات التجارية للخواص، وبالمقابل لم يسلم بنك "سوسييتي جينرال" الكائن مقره بحي "مارافال" من الهجومات العنيفة للمتظاهرين، الذين قاموا بتخريب بنيته التحتية ما جعل محتوياته عرضة للسلب والنهب، ولولا التدخل السريع لفرق الأمن التي قام عناصرها بتطويق المكان لاستهدفت الخزينة المالية للبنك. نفس الوضع ينطبق على "بنك الجزائر الخارجي" بنهج سيدي الشحمي الذي - وفق مصادرنا - لم يبق منه إلا الهيكل الخارجي، وغير بعيد عنه استهدف المشاغبون مركز صندوق التوفير والاحتياط الكائن بحي "ليسكور"، متسببين كذلك في تخريب مبنيي سينما السعادة والمغرب، وحرق كل من مؤسسة عمومية بحي "سانتوجان" ووحدة "سمباك" بمديوني، إضافة إلى اعتداءات طالت الأعمدة الكهروبائية التي تم اقتلاعها قصد استعمالها في قطع الطريق على غرار تخريب أيضا أجهزة الهواتف العمومية. هجوم على مقر جريدة "صدى وهران" الجهوية لصاحبها "جباري" رئيس نادي مولودية وهران على صعيد آخر لم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد بل تجاوزت ذلك إلى استهداف مقر جريدة "صدى وهران"، الجهوية الكائنة بحي "البركي"، إثر هجوم مفاجئ ليلة الاثنين من مجموعة من الشباب، حيث اقتحموا مبنى مديرها العام السيد "يوسف جباري" رئيس نادي مولودية وهران، وحسب مصادر من عين المكان فقد وصل مدى الرشق بالحجارة إلى حد أجهزة الكمبيوتر وبعض الأغراض الأخرى. سقوط المولودية مجرد ذريعة لتفجير الوضع الاجتماعي ولعل المتتبع لأطوار الغليان الشعبي المنطلق تزامنا مع هزيمة المولودية والذي لم تشهده وهران منذ أحداث أكتوبر 1988 قد يطرح أكثر من استفهام على جميع الأصعدة... بالنظر لمضمون الشعارات المتداولة من طرف المتظاهرين الملثمين، التي لا تمت بصلة لواقع الهزيمة الرياضية على غرار (هيا للمظاهرات يا الشعب الراضي)... الأمر الذي ينبئ باحتمال تصعيد وتيرة الوضع القائم خلال الأيام القادمة، ولاسيما على الجبهة الاجتماعية، أكثر المستويات حساسية، خصوصا إذا علمنا أن البطالة استشرت بشكل ملحوظ في الأوساط الشبانية. إصابات بالجملة وسط أعوان الأمن وقد ذكرت مصادر طبية مسؤولة من المستشفى الجامعي بوهران ليومية "النهار"، أنه تم تسجيل ليلة الاثنين إلى منتصف ظهيرة الثلاثاء، تعرض ما يربو عن ستين عون أمن إلى إصابات جسدية متباينة. وقالت ذات المصادر إن الإصابات جاءت نتيجة المشادات العنيفة والمداهمات المكثفة لمختلف تشكيلات قوات الأمن لتفرقة الجموع الغفيرة من المشاغبين الذين عمدوا إلى استعمال الحجارة وبعض الوسائل الأخرى لرشق فرق التدخل السريع، الفئة التي تعرضت حسب المصادر نفسها إلى إصابات متفاوتة، في حين رفض ممثلو المديرية الولائية للحماية المدنية تقديم حصيلة الجرحى في أعمال الشغب.