اختزل أحلامها من الدراسة والتخرج كطبيبة الى مجرد أمل في إجراء عملية جراحية "كنت أدرس في السنة الرابعة متوسط، وكنت من بين الأوائل في قسمي، وكان طموحي أن أكون طبيبة، غير أني اليوم قد ضيعت دراستي ويدي اليمنى وحتى أمنيتي بأن أكون طبيبة...كما أنني أناشد السيد وزير الصحة مساعدتي على العودة إلى حياتي الطبيعية، خاصة بعدما تبيّن أن وضعي الصحي يزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب حالتي الاجتماعية "الفقر" في وقت أكد العديد من الأطباء إمكانية الشفاء إن خضعت الى عملية جراحية بالخارج" تقول وافية. هي أيام تمر على وعد السيد عمار تو وزير الصحة الذي قطعه للتلميذة "ميري وافية" حينما التقى بوالدها في مستشفى عين بوسيف لمتابعة ملفها والوقوف الشخصي على الأسباب التي أدت إلى حالتها المأساوية التي تعيشها هذه الأيام. يعود مرض وافية ميري، البالغة من العمر 16 سنة، الى العام الماضي حينما شعرت بألم في كتفها الأيمن من جراء "ورم" كان يلازمها منذ الولادة، مما استدعى نقلها إلى مستشفى البرواقية من طرف والدها لإجراء فحص طبي يحدد أسباب الألم، وبعد معاينة الطبيب لمكان الألم أخبر والدها بضرورة إجراء عملية لابنته قصد أخذ عينة من "الورم" ومن عظم الرقبة الذي يحمي القفص الصدري لإجراء التحاليل الطبية عليه وإخضاعه للفحوصات الضرورية، حيث تبيّن من قراءة الطبيب للتقرير القادم من مركز التحاليل المتواجد بالمدية أن "وافية" لا تعاني من أي مرض وأن حالتها "عادية"..! وبعد أربعة أشهر من إجراء العملية ازدادت معاناة "وافية" ليتبيّن لعائلتها أن ذلك الورم قد انتفخ وتضخم حجمه وتوسع ليشمل العنق وشيئا من الذراع الأيمن، مما استعجل تحويلها إلى مستشفى "فروجة" بالبليدة لإجراء التحاليل الطبية عدة مرات، وكانت تكاليف هذه التحاليل تفوق العشرين ألف دينار في كل مرة. ليخبر الأطباء بعدها والد "وافية" أن الورم قد عاد إلى مكانه وبشكل أكبر وأخطر وهو ما يستدعي تحويلها الى قاعة العمليات لاستئصال هذا الورم للمرة الثانية. غير أنه وبعد خروج وافية من مستشفى فروجة اكتشفت نزع الأطباء لعظم رقبتها من الجهة اليمنى وقطع عصب يدها اليمنى ما سبب لها شللا كليا على مستوى يدها اليمنى. والغريب في الأمر أن الأطباء الذين أجروا العملية أكدوا لوالدها، حسب أقواله، أنه لابد من تحويل ابنته إلى مستشفى بلجيكي نظرا لخطورة وضعها وما عليه إلا إحضار جواز سفر ابنته ما دامت حالتها لا تقبل التأجيل، فيما يقوم الطبيب المعالج بإحضار موافقة الهيئات المكلفة بالتحويل الى الخارج. وبعد إجراء الوالد لكل ما يتطلبه ترحيل ابنته الى الخارج اكتشف أنه لم يعد بإمكانه حتى مقابلة الطبيب المعالج كما رفض الأطباء التوقيع على وضع ابنته الطبي، الذي رده الى خطأ طبي ارتكبه الجراحون وأنهم سيُفضحون إن حُولت الفتاة الى الخارج أو الى أي أخصائي آخر، مما توجب عليهم إخراجها من المستشفى وتحويلها إلى مدينة عين بوسيف دون تقديم أي أوراق توضح حالة وافية الصحية التي تزداد حالها سوءا يوما بعد يوم ... ولم تتوقف ممارسات منع الوالد من لقاء الأطباء المعالجين كلما تعلق الأمر بنقل ابنته الى الخارج، بل تواصل حتى مع الاستفسار أو الحصول على تقرير طبي لحالة ابنته يدعم طلب مساعدة من ذوي البر والإحسان، بحجة أنهم سافروا إلى الخارج للمعالجة. كانت وافية تعاني من ألم بسيط عادي تحول في أعقاب عملية "بسيطة "حسب أقوال أطبائها إلى إعاقة دائمة على مستوى يدها اليمنى، كما لم يقتصر المشكل عند هذا الحد، بل تعدى ذلك ليصبح خطرا يوميا يهددها بالموت، ما دامت لم تحول الى الخارج وتكتفي بتعاطي مسكنات الألم وفقط.