العاصمة تحتلّ الصدارة من حيث نسبة الاعتداءات في مصالح التوليد ''إذا معجبكش الحال روحي للبريفي........ما كانش بلاصا.....راني نفطر كي نكمّل نجي ليك...واش اداك تولدي في رمضان...'' هي العبارات التي تتكرّر يوميا في العيادات العامة والمستشفيات المتخصصة في التوليد ساعات الإفطار، في سيناريو لا يمكن لأحد تصوّره ولا يقبله ضمير، لأطباء وممرضات وقابلات تحوّلن إلى جلاّدات لنساء على فراش الموت، ذنبهن الوحيد أن المخاض لازمهن ساعة الإفطار ليجدن أنفسهن وجها لوجه مع الموت، دون قابلة ولا ممرضة ولا حتى منظفة، فالإفطار عند هؤلاء أهم من قدوم الجنين وحياة أمّه. كم هي كبيرة معاناة المرأة الحامل بأوجاع الولادة وهي تتنقل من مستشفى إلى آخر، فالسب والشتم وحتى الصراخ والضرب الذي تتعرض له الحوامل في مستشفياتنا بات مألوفا وعاديا من طرف قابلات لسان حالهن يقول ''لي ماعجبوش الحال يروح للخواص''، هذا في الأيام العادية أما في رمضان فحدّث ولا حرج، فمشاهدة طبيب نائم وقت الدوام وصراخ المرضى يتعالى، أو قابلة تتناول وجبة الإفطار والحامل على فراش الموت تصارع المخاض، أمر ليس غريبا في الكثير من العيادات العمومية للتوليد، وهذا ما شجع على الهجرة الجماعية نحو العيادات الخاصة، ولو تطلّب الأمر الاقتراض أو بيع الحلي ولوازم البيت، المهم تفادي الذّل والقهر والظلم الذي تتعرّض له العشرات من الحوامل في مصالح عمومية للتوليد. بسبب سخرية القابلة هربت من مستشفى زرالدة حيث وفي هذا الإطار، التقت ''النهار''بسيدة تدعى ''ج. م''، أم لطفلين قالت إنها توجهت إلى مستشفى زرالدة لوضع مولودها الثالث حيث كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساءً، ولأنها كانت محلّ سخرية وإذلال من قبل الطاقم الطبي الذي قام بالكشف عليها،إذ قالت ''بمجرد أن تم الانتهاء من الكشف عليّ، وسؤالي حول عدد الأطفال الذين أنجبتهم، ردت عليّ القابلة بكل برودة ''ما الذي جاء بك إلى هنا لم يحن موعد الولادة بعد''، وواصلت قائلة '' كنت أنوي الانتظار ولكن بمجرد أن وُضعت في غرفة الانتظار ولاحظت آثار الضرب المبرح على أجساد الحوامل اللواتي وضعن مواليدهم، وجدت نفسي في الخارج، متوجهة إلى مستشفى الدويرة خوفا من أن ألقى ذات المصير، وأخرج مشبعة بالضرب..''. هربت من الحبس طاحت في بابو والحالات كثيرة، تخص نساءَ عانين الأمرّين خلال شهر رمضان، من أجل وضع مواليدهن، والأسوأ في الأمر كله، هو أنه في حال ما سوّلت للحامل نفسها التوجه إلى مستشفى آخر، فالمصير ذاته ينتظرها، إلا إذا كانت تملك وساطة كبيرة، تمكّنها من الولادة وكأنها في عيادة خاصة وليس مستشفى عمومي. وهو الحال بالنسبة ل ''ج. م''، قصدت مستشفى الدويرة، على جناح السرعة بعد أن انتابها المخاض، حيث تقول '' صعقت بمعاملة القابلة لي، تملّكني رعب شديد، وكدت أن أفقد صوابي، لقد كانت تصرخ في وجهي وتقول ''افتحي افتحي أنا منقعدش نستنا فيك حتى تولدي''، صمتت لبرهة وواصلت ''لم أنتظر كثيرا''، لأتفاجأ برؤية المقص، وأقطع من اليمين إلى اليسار دون أدنى رحمة، حتى وإن كنا في شهر الرحمة، فإن ذلك لم يشفع لي، لقد أمطروني بوابل من الكلمات التي أستحي من تكرارها لأحد، وقطع جسدي على الرغم من أن طفلتي لم يكن يتجاوز وزنها 3 كيلوغرامات، إلا أنه خلال الولادة واش يدير الميت في يد غسالو، المهم أنني وضعت صغيرتي، وهربت حالفة بأغلظ الأيمان أنني لن ألد من جديد''.حالة أخرى تخص السيدة ''ط.ج'' 32 سنة، روت بمرارة أنه بعد رحلة طويلة من مستشفى بارني إلى مستشفى مصطفى باشا ''استقبلتني ممرضتان كانتا في الاستقبال، وبعدها انهالت عليّ مجموعة من القابلات بالصراخ والتوبيخ لا لشيء إلا لأنني جئتهم ساعتين قبل الإفطار الذي كن يحضرن له بشغف كبير، فحالتي وأنا أفترش الأرض من شدة الوجع لم يشفع لها القائمون الذين أكدوا لي استحالة استقبالي والحجة معروفة ''ماكانش بلاصة''. ''مازال ماتولدوش... رانا نفطروا'' أما ''ه. ب''، فعانت هي الأخرى الأمرّين في مستشفى القبة في العاصمة، حيث دخلت المستشفى على الساعة 17:30 وقالت ''كانت الساعة تشير إلى 17:00 مساءً، شعرت بألم شديد يعتري جميع أنحاء جسمي وإذا بالمخاض بدأ يلازمني تدريجيا، ومع أذان المغرب ذهب كل من حولي وأنا أصرخ لا تتركوني سأموت، لكن لا أحد أجابني فالكل ذهب ليفطر، ومن شدة الألم والصراخ فقدت الوعي ظننت حينها أنها النهاية، وبعد ساعة من الزمن استفقت وإذا بقابلة أمامي تنظر إليّ ولسان حالها يقول ''واش أداك تولدي في رمضان''، فقلت لها لماذا ذهبتم وتركتموني أموت، فأجابتني بكل برودة دم ''الله غالب الكل كان مشغولا بوجبة الفطور، هذا سيدنا رمضان، والواحد لازم يأكل باش يقدر يولدك....''، لهول ما سمعت وحلّ بي لم أشعر بنفسي إلا ورأس طفلتي قد خرج، إذ كنت انتظر بفارغ الصبر الهروب من المستشفى، اللّعنة على الدراهم والمعرفة اللّي ماكاش، وإلا كنت في أحسن حال الآن''.