عززت العديد من المؤسسات الأجنبية العاملة بالحقول النفطية والغازية بحاسي مسعود والصحراء الكبرى من إجراءاتها الأمنية عقب التفجيرين الاخيرين اللذين استهدفا الثلاثاء الماضي ممثلية الأممالمتحدة بحيدرة والمجلس الدستوري ببن عكنون بالجزائر العاصمة وأوديا بحياة 37 ضحية وعشرات الجرحى. واستنادا إلى مصادر متطابقة فقد طلبت هذه المؤسسات المتعددة الجنسيات والتي تشتغل اغلبها في مجال الحفر والتنقيب والهندسة الجيوفيزيائية من عمالها الأجانب خاصة ، توخي المزيد من الحيطة والحذر أثناء تنقلاتهم من قواعد الحياة نحو ورشات العمل المترامية الأطراف في عمق الصحراء قبل أيام فقط من احتفالات راس السنة الميلادية التي تقل فيها الإحترازات الأمنية ،بالموازاة مع ذلك أصبحت مصالح الأمن الداخلي المكلفة بأمن القواعد والمقرات تفرض إجراءات أمنية صارمة أكثر من أي وقت مضى على الزوار، شبيهة بتلك المعمول بها في كبريات المراكز والإدارات في العالم ، بالرغم من تواجد حماية مقربة لهؤلاء الأجانب من قبل وحدات خاصة للدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي ترافقهم في كل تنقلاتهم منذ بداية الأزمة الأمنية، كما أن تنقلاتهم نحو بلدانهم تتم في غالب الأحيان عن طريق الطائرة انطلاقا من حاسي مسعود إلى العاصمة أو عبر رحلات مباشرة نحو بلدانهم. وتأتي هذه التعزيزات الأمنية التي جاءت بسبب تخوفات من أن تطال عمليات مماثلة مقرات هذه الشركات أو عمالها، بعد أيام فقط من قيام مؤسسة سوناطراك وقوات الجيش الوطني الشعبي بمختلف أسلاكه العاملة من برية وجوية وخاصة بالجنوب بفرض حماية خاصة للمنشات النفطية والغازية من مركبات وابار وأنابيب بالصحراء ، في خطوة احترازية تهدف لمنع أي محاولة اعتداء ضد المنشآت الحيوية للاقتصاد الوطني أو الرعايا الأجانب الذين تولي السلطات الأمنية بالجنوب أهمية خاصة لسلامتهم من أي اعتداء إرهابي محتمل وكانت مؤسسة سوناطراك قد كثفت في المدة الأخيرة من تشديد الرقابة الجوية على جميع منشاتها البترولية انطلاقا من مطار حاسي مسعود بالتوازي مع تكليف فرق خاصة لمراقبة الأنابيب الناقلة للنفط والآبار، في الوقت الذي عززت فيه قوات الجيش الوطني الشعبي من تواجدها في كثيرمن المواقع جد إستراتيجية في خطوة تراها مصادرنا أنها تهدف إلى التدخل السريع والفعال والتصدي لأي هجوم إرهابي محتمل عبر كامل الجنوب الشرقي ، حيث شوهدت في المدة الأخيرة فرقا أمنية خاصة تجوب المسالك المؤدية المواقع النفطية في أكثر من مناسبة، إضافة للدوريات الليلية لوحدات التدخل السريع للدرك الوطني المرابضة بحاسي مسعود للمحيط العمراني والصناعي لكل من حوض الحمراء و24 فبراير ، المركب الصناعي الجنوبي ، ومنطقة وادي وارارة التي تتواجد بها اغلب المؤسسات الأجنبية ، كما تفرض المصالح الأمنية المشتركة منذ مدة رقابة شديدة على مداخل المدينة ومخارجها من خلال النقاط الثابتة بحوض الحمراء و24 فبراير وارارة والطريق المؤدية الى حاسي القاسي والعقرب ، مع القيام بحملات مداهمة وتفتيش لأرجاء مدينة حاسي مسعود من حين لآخر بغية التحكم في الوضع الأمني وتوقيف ممن ليس بحوزتهم الترخيص بالدخول الذي فرضته وزارة الداخلية منذ سنة 1996 لدواعي تتعلق بأمن المنطقة وسلامتها وكان مصدر امني قد أكد ل "النهار" عقب التفجيرين اللذين طالا العاصمة مؤخرا أن منطقة حاسي مسعود في منأى عن أي اعتداء إرهابي ،بفضل التواجد المكثف للمصالح الأمنية المشتركة، إلا انه أبدى تخوفه من أي مفاجأة غير سارة ، ومما يعزز هذا التخوف دعوة أيمن الظواهري المسؤول الثاني في ما يعرف بتنظيم القاعدة ، إلى تطهير مغرب الإسلام من أبناء فرنسا واسبانيا الذين عادوا من جديد خلال شريط مصور تم بثه عبر شبكة الانترنيت في 20 سبتمبر الماضي ، وهي الدعوة التي أخذتها فرنسا ودول غربية أخرى مآخذ الجد في الكثير من تصريحات مسؤوليها ، وطالبت على أثرها رعاياها إلى اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر أثناء تنقلاتهم في الجزائر ، والتي كانت آخرها منذ أيام قليلة فقط يذكر أن الجزائر كانت قد شهدت هذه السنة العديد من الاعتداءات الإرهابية التي طالت رعايا أجانب من بينها مقتل روسي و أوكراني في مارس الماضي بعين الدفلى ومحاولة قتل دبلوماسيين أفارقة كانوا في زيارة إلى ولاية تيزي وزو في جوان المنصرم إضافة إلى جرح فرنسيان وايطالي يشتغلون بمؤسسة رازال الفرنسية بالقرب من الأخضرية في 21 سبتمبر الماضي ،كما غادر في نفس الشهر موظفان من مؤسسة مطارات باريس يشتغلان في مطار الجزائر الدولي بلادنا بعد مخاوف من تعرضهما للاختطاف على أيدي جماعات إرهابية عقب معلومات تحصلت عنها مصالح إستخباراتية فرنسية.