كنيسة السيدة الافريقية بالجزائر العاصمة تحولت ظاهرة التنصير في السنوات الأخيرة في الجزائر وباقي بلدان المغرب العربي إلى هاجس حقيقي مخيف ومقلق لدى علماء الدين وعامة الناس، خاصة وأن المجتمع بهذه المنطقة فاقد للحصانة الكافية التي بإمكانها مواجهة زحف وسائل التغريب والتهويد والتنصير، ولم يعد سرا القول بأن النصارى لا يزالون يحرضون على نشر دينهم بين الناس في السر والعلن، ويستعملون كل الوسائل ويستغلون كل الظروف للوصول إلى مبتغاهم. وقد انفرد طلبة علم الاجتماع الثقافي بالمركز الجامعي لولاية خنشلة، حديدان وفاء وزميلها معتز بالله بن غالية، بمناقشة ظاهرة "عوامل تنصير الشباب الجزائري" وبشجاعة أدبية، على مستوى أكاديمي في رسالتهما الجامعية لنيل شهادة الليسانس، وذلك على خلفية الارتباط الوثيق للقضية بالظروف الراهنة والحدث اليومي، وتحولها إلى همّ عام يهدد كيان المجتمع وتماسك وجدانه. الشركات متعددة الجنسيات واللبنانيون المارونيون أيادي تنصير مدسوسة أكدت الدراسة بحسب الاستطلاع الذي قامت به صاحبة الرسالة بالمناطق الجنوبية في الصحراء أن الشركات متعددة الجنسيات تخفي وراءها برنامجا من مؤسسات التنصير وجمعيات نشطة لها يد مباشرة في نشاط التنصير عبر الوطن وخاصة في المناطق الشمالية حيث يتم المجاهرة به علنا. وفي هذا السياق فقد خلصت الدراسة الى حقيقة مفادها أن عددا كبيرا من الفنانين والمهندسين اللبنانيين الذين يعملون في مشروع ميترو الأنفاق بالعاصمة وهم مارونيون، لهم اليد الطولى في حركات التنصير بالمناطق الشمالية للبلاد. وتشهد المناطق الشرقية نشاطا تنصيريا مماثلا لكن بطرق سرية بالاستعانة بجزائريين متنصرين ذوي جنسيات مزدوجة يتكفلون بتقديم دروس خصوصية مبطنة بحركة التنصير. وفي قسنطينة ترك القائم السابق على الكنيسة، صايم عبد القادر، متزوج من سويسرية نصرانية، وهو من سكان تيزي وزو، تنصّر على يد الأب هوق جونسون، تم طرده من قبل السلطات الجزائرية سنة 2005 لممارسة الأعمال التبشيرية بطرق غير مشروعة، ترك خلفاء له لنشر التنصير، حيث لا يزال ينشط من خلال عملاء ومتعاونين في الولاية بتحريك من الخارج. وفي تيزي وزو أثبتت الدراسة الميدانية أن عددا كبيرا من السكان في هذه المنطقة فتحوا منازلهم وتم تحويلها إلى مقرات لجمعيات تمارس النشاط التنصيري. وتمكن معدا الرسالة من مقابلة بعض المنتصرين الجزائريين بعد أن تنكرا في مظهر جزائري متنصر، منهم شابة جزائرية، 30 سنة، تحمل شهادة ليسانس، وتعمل في شركة خاصة في العاصمة، أكدت لهما أنها تعرّفت على شاب ماروني من لبنان واشترط عليها الدخول في النصرانية للارتباط به، وتم إقناعها بذلك. كما تم اللقاء في ذات السياق بشاب مهندس، يعاني من البطالة في تيزي وزو وقد تنصر على يد أحد المارونيين بعدما تم استدراجه بمساعدته على فتح محل تجاري صغير، وفي نفس المنطقة تم الكشف عن إرهابي تائب، 37 سنة في عمره، تزوج من سويسرية نصرانية وأقنعته بالتنصر. الجامعيون والعزاب والعاطلون عن العمل أكثر المستهدفين وقد خلصت الدراسة الميدانية إلى أن فئة الجامعيين توجد على رأس قائمة المستهدفين في التنصير، حيث بلغت نسبتهم 45٪، في حين بلغت النسبة لدى فئة تلاميذ الثانوية 30٪ وتلاميذ التعليم المتوسط 25٪، كما تمثل الشرائح من الشباب البطال نسبة 65 ٪، في حين نزلت النسبة إلى 35٪ لدى العاملين. وقد سجلت الدراسة نسبة 55 ٪ من المتنصرين المتزوجين و25٪ في وسط العزاب، بينما بلغت لدى فئة المطلقين 20٪. كما أثبتت الدراسة أن اللغة الأمازيغية من بين اللغات المستعملة في حركات التنصير، وقد بلغت نسبة الناطقين بها 50٪ من مجموع المتنصرين، في حين بلغت نسبة العامية المستعملة 15٪ واللغات الأجنبية 35٪، أما لغة القرآن العربية فقد حازت على 0٪ من بين اللغات المستعملة.