تعد عائلة "شلحة" العائلة الأكثر شهرة في بيع الحليب ومشتقاته بولاية البليدة والتي يتوافد عليها يوميا المئات من الزبائن من أجل الحصول على منتوج حليب البقرة واللبن أو الرائب وذلك طيلة أيام شهر رمضان المعظم. فأول مشهد يلاحظه المار على محل الإخوة "شلحة" المتواضع الذي يتواجد بحي العرايش العتيق هو تلك الطوابير الطويلة لسكان مدينة البليدة أمام باب المحل، بل إن هؤلاء يتركون أوانيهم التقليدية الخاصة بحمل الحليب ومشتقاته المعروفة بالمنطقة باسم (القزديرة) عند شلحة مع حلول كل مساء وهذا للحصول على حاجياتهم في اليوم الموالي، لأن لبن وحليب شلحة مطلوب جدا بالمنطقة والطلب عليهما يتزايد بصفة يومية ولا يمكنه أن يتحصل عليهما إذا تأخر عن الوقت المعتاد. ونظرا لكثرة الطلب، لم تعد الكميات الهائلة من مادة الحليب أو اللبن أو حتى منتوج الرائب التي ينتجها الإخوة شلحة يوميا والتي قد تصل إلى 8000 لتر، لم تعد تسد حاجيات المواطنين هناك، رغم أن نشاط المحل يبدأ منذ الفترة الصباحية التي يفتح فيها المحل على الساعة التاسعة وإلى غاية حوالي الرابعة والنصف مساء، بل إن العديد منهم يرجع فارغ اليدين. ولما حاولنا معرفة سر هذا الإقبال الكبير على منتوجات "شلحة" التي سألنا فيها بعض الزبائن الأوفياء، أجابنا هؤلاء وخاصة المسنون منهم بأن لبن ورائب شلحة له نكهة خاصة في شهر رمضان المعظم، بل إنه يمثل وجبة رئيسية أثناء فترة السحور الذي يتناوله المواطن البليدي مع طعام الكسكسي، أو مع طعام (مقارون بن تركي)، وهي أكلة تقليدية مشهورة في المدينة، كما أجابنا الكثير من الوافدين على محل شلحة أن منتوجات عائلة شلحة تمثل لدى المواطن البليدي الأصالة والتقاليد وهي عادة موروثة أبا عن جد منذ فترة تجاوزت الثلاث والستين سنة، وهي فترة بداية قصة عائلة شلحة مع اللبن والحليب. وأما عز الدين شلحة، المشرف الرئيسي على المحل الذي دردشنا معه قليلا حول سر نجاح منتوجاته، فأكد لنا أن الشيء الأول الذي أكسب منتوجاته هذه الثقة هو حسن المعاملة التي يتلقاها الزبون مع أفراد العائلة، كمنح بعض اللترات من الحليب واللبن بالمجان طيلة أيام الشهر المعظم، وخاصة فئة الفقراء والمعوزين، بالإضافة إلى الكلام الطيب الذي يستمعه الوافد إلى محلنا. إلا أن السر الأساسي في النجاح والشهرة، حسب عز الدين، هو جودة منتوجاته الذي ينتقي فيها أجود أنواع الحليب من أجل إنتاج مادة اللبن والرائب، كعدم استخدام حليب البقرة التي ولدت حديثا وتصفيته جيدا من بعض الفضلات، ناهيك عن عدم نزع الزبدة الطبيعية بعد عملية الرجّ الجيدة التي يقوم بها الإخوة للحصول على لبن متخثر، وعدم زيادة الماء الذي يلجأ إليه البعض من أجل ربح كميات إضافية، فكل هذه الأشياء جعلت من شلحة المصدر الرئيسي الذي يلجأ إليه المواطن البليدي، وحتى من بعض الولايات المجاورة كالعاصمة والمدية، بل إن حلاوة شهر رمضان تكون مع لبن ورائب وحليب عائلة شلحة. أحمد قويدر رابح