دعا خبراء في العلوم السياسية والعلاقات الدولية اليوم بالجزائر الى ضرورة وضع "تصور تكاملي" موحد بين دول منطقة الساحل لمواجهة التهديدات المرتبطة بالارهاب والجريمة المنظمة وكذا الاتجار بالاسلحة. وخلال الملتقى الذي نظمته المدرسة العليا للعلوم السياسية حول "هندسة الامن الجهوي حالة مالي" قال السيد ابو القاسم دلال استاذ بذات المدرسة أن "حل الازمات الامنية في دول الساحل لابد أن يرتكز على التعاون الامني على المستوى الثنائي والجهوي وكذا الدولي". وأشار الى "ضرورة تهيئة إقليم الساحل من خلال تحقيق التضامن الوطني بين شعوب المنطقة وايجاد رغبة في التعايش مع الآخر". وفي هذا الشأن قالت السيدة يميلي غبالو أستاذة جامعية أن مشكلة التعايش في ظل الاختلافات التي تطرحها المنطقة سيما الاختلافات اللغوية تعد "المعيق الاساسي للتعاون والتكامل بين دول المنطقة". ودعت في هذا الإطار إلى "ضرورة ايجاد قنوات ووسائل للاتصال بين شعوب المنطقة". وعن التهديدات التي تواجهها المنطقة قال المدير العام للمدرسة السيد امحند برقوق أن منطقة الساحل أصبحت تصنف اليوم من بين إحدى "بؤر التوتر الكبرى" في العالم ليس بسبب الارهاب فقط وإنما بسبب إنتشار الجريمة المنظمة والإتجار بالاسلحة و المخدرات أيضا. وما زاد الامر تعقيدا في المنطقة - حسب السيد برقوق- "وجود دول هشة ومنهارة كحال مالي وليبيا وغيرها من الدول الافريقية غير القادرة على ضمان أمنها الداخلي" وهذا في ظل تراجع دور الدولة. اما عن الوضع في الجزائر فأكد السيد برقوق انه "بالنظر الى التقاليد الدولية تصنف الجزائر على اساس انها دولة مستقرة وآمنة تؤمن حدودها بنفسها وكل قراراتها هي قرارات سيدة سواء تعلق الامر بالسياسة الداخلية او الخارجية اوالامنية". اما بالنسبة للتحديات الامنية التي تواجهها الجزائر أشار السيد برقوق الى أهمية "تأمين الحدود خاصة في ظل تأزم الاوضاع في ليبيا التي تتجه نحو التفكك من جهة وإحتمال عودة الارهابيين التونسيين من سوريا مما قد يؤثر سلبا على الأمن الاقليمي". ويرى السيد برقوق ان التعامل مع هذه الاوضاع "لا بد ان يكون على ثلاثة مستويات بدء بدعم وتعزيز الامن الوطني وكذا المبادرة بمقاربة للأمن الاقليمي دون إهمال المساهمة في التعاون الدولي دون أي تدخل أجنبي". و أعتبر المحاضر في هذا الشأن أن أي تدخل أجنبي "لا يمكن ان يكون بناءا" موضحا أن التدخل الفرنسي في مالي قد أنتج واقعا عرفه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأنه "وجود عسكري طويل الامد خدمة للمصالح الفرنسية". أما عن الوجود الامريكي في المنطقة قال السيد برقوق أن اول تدخل للولايات المتحدةالامريكية كان في النيجر وهو ما يعكس توجه أمريكي جديد في المنطقة لمحاولة إيجاد ما يعرف "بنقاط ارتكاز عسكرية" في عدد من الدول الافريقية لا سيما في كينيا و إثيوبيا والسيشل حاليا.