حذر الدكتور أمحند برقوق، الخبير في الشؤون السياسية، أمس الثلاثاء من التدخل الأجنبي في دول الساحل الإفريقي وخاصة في دولة مالي، وقال أن ذلك إن حصل فسيشعل نار فتنة متشعبة قد تدوم لسنوات طويلة. وفي سياق ذي صلة، بدت مواقف الجزائر والاتحاد الأوروبي بخصوص الوضع في منطقة الساحل متقاربة إلى درجة التطابق. وذكر السيد برقوق ببومرداس في محاضرة بعنوان (وضع الساحل الإفريقي وانعكاساته على المنطقة) قدمها في إطار فعاليات الجامعة الصيفية لإطارات الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أن الجزائر تعارض هذا التدخل (استنادا إلى جملة من المبادئ)، مضيفا أن هذه المبادئ تبنى على حل مشاكل المنطقة (بدعم الدولة الوطنية والوحدة الترابية) و(بناء تصور شامل يجمع بين الأمن والتنمية) و(دعم مساعي السلم والاستقرار). وحدد الدكتور برقوق في محاضرته عددا من المقاربات (لفهم ما يجري في الساحل الإفريقي) تتمثل أبرزها في (صعوبة بناء مقومات الدولة) في دول الساحل لتفادي تفكيكها و(ضعف الهوية) في هذه البلدان مرشحا دولة النيجر لأن تعرف (نفس الاضطرابات والتفكيك الذي تعرفه دولة مالي حاليا). وتتمثل هذه المقاربات أيضا حسب نفس الخبير في معاناة هذه الدول من الأزمة الاقتصادية، حيث تصنف جميعها ضمن الدول الأقل نموا في العالم وبالتالي صعوبة مواجهتها لأزماتها الداخلية وتبعيتها المستديمة للخارج وضعف أدائها السياسي بسبب وقوع عدة انقلابات عسكرية بها. كما تتمثل حسب نفس الخبير في (معاناة هذه الدول من انتشار مجموعات مسلحة مرتبطة بطبيعة نفعية فيما بينها) من خلال (المتاجرة بالمخدرات)، حيث أصبحت المنطقة معبرا لأكثر من 40 بالمائة من المخدرات الصلبة في العالم وكذا (المتاجرة بالسلاح)، حيث أصبح الساحل (ثاني أكبر سوق عالمي) للاتجار بالأسلحة. ويرى الدكتور برقوق من جهة أخرى أن المغرب (يتحرك) في المنطقة (ليكون فعالا) من أجل (تمييع القضية الصحراوية) وضمان مصالح دائمة له بالساحل من خلال دعم المسعى الفرنسي الداعي إلى التدخل العسكري ودعم بعض جمعيات الإسلام التقليدي الناشطة في الساحل وتوظيف التغلغل الاقتصادي والتجاري الكبير له بالمنطقة. كما دعا الصحراويين إلى ضرورة (إنشاء شبكة إعلامية فعالة) لإبقاء القضية الصحراوية (حية) و(تدعيم الحق المشروع) في المقاومة بكل أشكالها. وفي سياق ذي صلة، أعربت الجزائر والاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء عن وجهة نظرهما بخصوص الوضع في منطقة الساحل خاصة الازمة التي تعصف بمالي منذ شهور. وصرح السيد جيل دو كيركوف منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب عقب المحادثات التي أجراها مع الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل أن (مقاربات الاتحاد الأوروبي والجزائر تتوافقان بخصوص البحث عن حل للأزمة في مالي). وقال في هذا الصدد أن الهدف من المحادثات هو (تقييم الوضع بمنطقة الساحل وخاصة بمالي ودراسة إلى أي حد يمكن لمقاربتي الجزائر والاتحاد الأوروبي أن تتوافق من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة المتعددة الأشكال). من جهته أكد السيد مساهل ان هذا اللقاء مع ممثل الاتحاد الأوروبي دار حول (مكافحة الإرهاب في إطار الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي والتشاور الدائم بين الطرفين حول المسائل الحساسة خاصة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمنطقة الساحل). وبخصوص مالي أوضح الوزير أن الطرفين أبرزا (تطابق وجهات نظرهما بخصوص الوضع في هذا البلد)، مضيفا أن الجزائر تجدد (موقفها من أجل حل سياسي للأزمة في مالي كما يجب أن يحظى هذا الحل كما قال (بدعم ومرافقة الحكومة المالية بباماكو مع الحفاظ على الوحدة الترابية لهذا البلد وسيادته).