تعيش ليبيا حالة من الإستنفار الأمني بينما يواصل الجيش عملياته الأمنية لبسط الأمن في مدينة سبها التي شهدت طيلة الأسبوع الماضي اشتباكات مسلحة بين الجيش ومجموعات مسلحة ما أثار قلقا دوليا حيال قدرة الحكومة الإنتقالية على بلوغ أهدافها المرحلية. وقد إستعاد الجيش الليبي اليوم الأحد السيطرة على قاعدة " تمنهنت" العسكرية بضواحي مدينة سبها الجنوبية وذلك بعد إشتباكات مسلحة شارك فيها الطيران الحربي وذلك عقب إعلان المؤتمر الوطنى العام (البرلمان) الليبي مساء امس "حالة الإستنفار القصوى" في جميع أنحاء البلاد على خلفية الأوضاع الأمنية المتأزمة في مدينة سبها وظهور "خلاية نائمة تابعة للنظام السابق بالمنطقة الجنوبية ومنطقة و(رشفانة) القريبة من العاصمة طرابلس". كما أعلنت رئاسة أركان الجيش الليبي حالة الإستنفار ودعت العسكريين إلى الإلتحاق بمراكزهم على الخلفية ذاتها. وصوت لصالح هذا القرار 94 نائبا من أصل مائة ونائبين حضروا الجلسة المسائية والتي خصصت بالكامل لتدارس الأوضاع بالمنطقة الجنوبية والتي تقرر خلالها تكليف قوات كبيرة مسنودة بالطيران الحربي للتوجه للجنوب لتأمين هذه المنطقة. وتعني حالة الإستنفار وفق ما أعلنه مصدر مسؤول في البرلمان لوسائل الإعلام الليبية "نشر قوات الجيش والأمن في جميع المدن ومنحها صلاحيات كاملة للتعامل مع أي أهداف معادية تمس ثورة 17 فبراير". وكان مسلحون قد تمكنوا من السيطرة على قاعة "تمنهنت" بالقرب من مدينة سبها لساعات غير أنها إضطرت للفرار عقب وصول الدفعات الأولى من قوات الدعم والحماية التي أرسلتها الحكومة للمنطقة الجنوبية لتعزيز قواتها المتواجدة هناك. الحكومة تؤكد سيطرتها الكاملة على مدينة سبها وأهالي الجنوب يطالبون بتوفير الأمن وفي غضون ذلك أكد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة علي زيدان امس أن الأوضاع بمدينة سبها "على ما يرام وان المدينة بكاملها تحت السيطرة" كما أكد أن التعليمات صدرت لمنطقة مصراتة العسكرية "بالتوجه إلى الجنوب لبسط السيطرة وفرض الأمن" داعيا "الشعب الليبي الى تجاهل الاشاعات المؤججة للوضع من خلق أزمة في البلاد ومؤكدا أن "الاوضاع تحت السيطرة وأن أي جهة ستتحرك سيتم مواجهته بمنتهى القوة سواء من طرف الجيش أو من قوات الامن أو من الثوار أو من الشعب". وتأتى تصريحات زيدان بعد الضغط الشعبي من أهالي الجنوب الليبي عقب الأحداث التي شهدتها مدينة سبها كبرى مدن الجنوب طيلة الأسبوع الماضي راح ضحيتها أكثر من 30 قتيلا و 60 جريحا حيث طالب مجلس أعيان ليبيا للمصالحة بضرورة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق كما نبه رئيس المجلس محمد المبشر الى أن "الوضع مازال محتقنا بالمنطقة" داعيا الحكومة المؤقتة إلى تحمل مسؤوليتها حيال ذلك. كما بادر مجلس أعيان ليبيا للمصالحة إلى تكليف مراقبين من طرفه لمراقبة الأوضاع الأمنية عن كثب بين الاطراف المتنازعة داعيا إلى "عدم الانجرار وراء الاشاعات التي تحاول بعض الأطراف إثارتها لخلق القتنة بين أبناء المنطقة". و خلال أشغال مؤتمر الوفاق الوطني للقبائل والمدن الليبية يوم الخميس الماضي دعا المشاركون إلى تشكيل مجلس للشيوخ يسد الفراغ السياسي في البلاد في حال حصوله وذلك عقب إقرار رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان بعجز حكومته في تدبير الملف الأمني بسبب ضعف الجيش والشرطة . كما دعا المجتمعون في الملتقى إلى رسم خارطة طريق جديدة لمستقبل البلاد وتعليق العمل بقانون الكيانات السياسية لحين كتابة الدستور , والعمل على سحب السلاح من التشكيلات المسلحة في مدة أقصاها عام واحد إضافة إلى تفعيل قانون المصالحة الوطنية. وبدورهن تظاهرت عشرات النساء في مدينة سبها وسط المدينة يوم الخميس لمطالبة المؤتمر الوطني العام و الحكومة المؤقتة ببسط و توفير الأمن في مدينتهن كما طالبن الحكومة بإخراج كل التشكيلات والكتائب المسلحة من سبها و حل محلها بعناصر مدربة تتبع الجيش و الشرطة ولائها للوطن و ليس للقبيلة أو الجهة. قلق دولي إزاء الوضع في ليبيا وقد أثار الوضع في ليبيا قلقها دوليا "عميقا" حيث دعت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا امس إلى وقف العنف في مدينة سبهاو الوقف الفوري للاشتباكات المسلحة في جنوب البلاد معربة عن "قلقها العميق" من استمرار أعمال العنف في سبها. وحثت البعثة كافة الأطراف على"ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واعتماد الوسائل السلمية لحل الخلافات لأن السبيل إلى استتباب الأمن والحفاظ على السلام هو مواجهة المشكلات ومعالجتها من جذورها ودرء مخاطر الانقسام بين مكونات المجتمع والسير على طريق المصالحة الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة". وبدورها أعربت نكوسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي عن أملها في "أن تتمكن ليبيا من التغلب على تحديات المرحلة الانتقالية وأن تمضي قدما لإعادة بناء وتعزيز مؤسساتها". نفس المستوى من القلق أعربت عنه إيطاليا على لسان وزير دفاعها ماريو ماورو الذي قال "نحن قلقون جدا للوضع في ليبيا حيث تواجه الحكومة صعوبات في فرض سلطاتها على الميليشيات التي حاربت النظام السابق"مؤكدا إلتزام بلاده "القوي" بالمشاركة في تدريب القوات المسلحة الليبية.