يشهد جنوب ليبيا و مدينة بنغازى شرقها تصعيدا أمنيا "خطيرا" بسبب سلسلة من الهجمات المسلحة استهدفت فى الايام القليلة الماضية بشكل خاص رجال أمن ومقرات أمنية خلفت قتلى و جرحى و دفعت بالسلطات إلى غلق حدودها الجنوبية مؤقتا و اعلان جنوب البلاد "منطقة عمليات عسكرية مغلقة". ووصف وكيل وزارة الداخلية الليبية عمر الخداروى فى تصريحات لقناة (ليبيا الحرة) الوضع بمدينة بنى وليد جنوبا ب"الخطير" اثر سلسلة من الهجمات والاشتباكات بين عناصر أمنية نظامية و مجموعات مسلحة بالمدينة خلال الايام القليلة الماضية. فقد قتل ثلاثة عناصر من الجيش الليبى و أصيب تسعة اخرون من اللجنة الأمنية العليا بوزارة الداخلية يوم السبت بعد تعرضهم لإطلاق نار كثيف عند قيامهم بدورية داخل أحد أحياء بني وليد (180كم) جنوب شرقي العاصمة طرابلس. و أدت تلك العملية إلى اندلاع اشتباكات بين قوة من الجيش الليبى و المجموعات المسلحة. وفى حادث أخر قتل أمس الاحد عنصران من إدارة البحث الجنائي فى اشتباكات مماثلة دارت بين أهالي مدينة بني وليد وقوة إدارة الأمن الوطني الليبي في المدينة عندما كانت هذه الاخيرة تقوم بمداهمة المنطقة بحثا عن بعض "المطلوبين". و فى عملية أخرى إغتيل رئيس المجلس المحلى لمدينة تراجن بالجنوب الليبى على يد جماعة مسلحة مجهولة أمام منزله حيث فتحت السلطات تحقيقا لكشف الجناة والمسئولين عن الحادث. وتأتى تلك العمليات المسلحة بالرغم من اعلان الجيش الليبي سيطرته الكالملة بمساندة قوية من (كتائب الثوار) في اكتوبر الماضي على بلدة بني وليد بعد نحو شهر من الحصار والمعارك. وفى مسعى منه لضبط الامن فى البلدة فوض المؤتمر الوطني الليبي وزارتي الدفاع والداخلية بملاحقة "مجموعة من المطلوبين للعدالة" من سكان بني وليد على خلفية عمليات خطف وقتل عدد من "الثوار" الذين شاركوا فى العمليات للاطاحة بنظام معمر القذافى. وتضمن القرار تفويضا باستخدام كافة الصلاحيات بما فيها "القوة إن لزم الامر" في ضبط وتقديم الجناة أمام القضاء الليبي خاصة بعد فشل كافة برامج الوساطة والتفاوض لحل القضية سلميا ما أدى إلى دخول قوات عسكرية نظامية ومجموعات مسلحة في مواجهات مباشرة. ولم يسلم عناصر الامن الوطنى الليبى فى مدينة بنغازى شرقي ليبيا من اعتداءات المجموعات المسلحة حيث تعرضت عدد من المقار الأمنية والدوريات المتحركة بالمدينة إلى هجمات مكثفة من قبل مجموعات مسلحة أسفرت أمس عن مصرع أربعة عناصر من الأمن الوطنى الليبى وإصابة أكثر من 10 آخرين بجروح. وكانت أغلب القيادات الأمنية بمدينة بنغازى قد تلقت تهديدات بالقتل عبر هواتفهم فى رسائل نصية تضمنت تهديدات مباشرة بالقتل فى حالة إستمرارهم فى تأدية عملهم الأمنى. و أرجعت مصادر أمنية ليبية سبب تلك الهجمات بهذا الشكل "المكثف والعنيف" إلى تمكن عناصر الأمن الوطنى من إجبار "المجموعات الخارجة عن القانون" على الفرار من مواقع الإشتباكات و إلى إلقاء القبض على عدد من الأفراد ثبت من خلال التحقيقات ضلوعهم فى سلسلة الإغتيالات والتفجيرات التى شهدتها المدينة خلال الفترة الماضية. وأمام التدهور الامنى الذى تشهده بنغازى طالب ملتقى قبائل منطقة بنغازى وضواحيها ب"دعم الشرعية وتشكيل غرفة أمنية مدعومة من الجيش الوطنى الليبى و تفعيل الجيش الوطنى والأمن الوطنى الليبيين" بهدف اعادة احلال النظام فى هذه المدينة ثانى مدن ليبيا. وكانت بنغازى مسرحا لعدة انفجارات وموجة اغتيالات فى الاشهر الاخيرة وهي الاعتداءات التى نسبت عموما إلى "اسلاميين متشددين". ولم تتوصل السلطات الليبية الجديدة التى تحاول تشكيل جيش وشرطة وطنيين بعد إلى نزع اسلحة مجموعات "الثوار" السابقين الذين قاتلوا نظام معمر القذافى. و خوفا منها من انزلاق الوضع الامنى قررت ليبيا رسميا أمس اغلاق حدودها الجنوبية مع اربع دول وهي النيجر وتشاد والسودان و الجزائر كما أعلنت جنوب البلاد "منطقة عمليات عسكرية مغلقة" بهدف بسط الامن فى المناطق الجنوبية. وبحسب النص الذي اوردته وكالة الانباء الليبية فان المؤتمر الوطني العام وهو أعلى هيئة سياسية في البلاد "قرر اغلاق الحدود الجنوبية لليبيا مع السودان والنيجر وتشاد والجزائر مؤقتا إلى حين تنظيمها وإعادة فتحها بالتنسيق مع دول الجوار". كما كلف المؤتمر الوطنى العام وزير الدفاع بتعيين حاكم عسكري للمنطقة الجنوبية على أن يكون من خارجها وتمنح له كافة الصلاحيات في القبض على المهاجرين غير الشرعيين وإعادتهم إلى بلدانهم". و كان ممثلو مدن الجنوب علقوا مشاركتهم فى جلسات المؤتمر الوطني الليبي مطلع ديسمبر الجاري لثلاثة أيام احتجاجا على وصفوه ب "تجاهل الأوضاع الأمنية وتوافد المهاجرون غير الشرعيين بشكل شبه يومي إلى مدنهم بجانب تزايد معدلات الجريمة والاعتداءات المتكررة على دوريات الأمن و تكاثر عصابات تهريب البشر والأسلحة والمخدرات" و هو ما اعتبروه "يشكل خطرا على أمن ليبيا وتركيبتها السكانية". ويذكر أن رئيس الحكومة الليبية على زيدان قد ركز خلال جولته الاولى لدول الجوار والتى شملت زيارة الجزائر والنيجر وتشاد والسودان اثناء مباحثاته مع مسؤولى هذه الدول على القضايا الأمنية المتعلقة بضبط الحدود معلنا عن عقد لقاء أمني قريب على مستوى رفيع بين هذه الدول لبحث التنسيق والمعالجة الأمنية للأوضاع السائدة في تلك المنطقة.