تنظر هذا الأسبوع محكمة بوقاعة، شمال ولاية سطيف، في قضية دفن أحد الموتى اعتنق المسيحية بقرية "بني بورمان"ببلدية بوعنداس شمال مقر ولاية سطيف بعد حفر 3 قبور له. هذه القضية تحولت إلى قضية رأي عام واستقطبت اهتمام الكثير من مواطني المنطقة الذين لم يهضموا بعد قضية دفن من اعتنق المسيحية وضمّن وصيته بدفنه في فناء منزل والده القديم، وهو ما تم فعلا حيث هيّأ أفراد عائلاته القبر، غير أن تدخل أحد الأئمة وحسب تصريحات الكثير من حضروا الواقعة حال دون دفنه حسب وصيته، وأعيد حفر قبر آخر بمقبرة القرية ليدفن بسرعة البرق دون صلاة ولا دعاء. القضية تعود إلى يوم 15ماي 2008 إثر وفاة المسمى (م.م) إثر حادث مرور ببجاية، غير أن مراسيم الدفن لم تتم كما هو متعارف عليه، حيث ترك المتوفى وصية دفنه قرب منزل والده القديم مما يوحي إدراكه بحقيقة اعتناقه دينا غير الإسلام، وما عزز ذلك مباشرة حفر القبر في ذات المكان. غير أن تدخل مديرية الشؤون الدينية عبر مفتي الولاية الذي طالب بردم القبر وحفر قبر جديد على مستوى مقبرة القرية، و وجوب غسل الميت والصلاة عليه كسائر المسلمين مرتكزا على عبارة تفاديا لوقوع مشاكل مستقبلا. ومن جهة أخرى، أن الإمام كان يعلم جيدا -حسب تصريحاته - أن المتوفى مسيحي وأنه علم بالأمر من أهله وخاصة زوجته التي أكدت للإمام شخصيا بأن زوجها المتوفى اعتنق المسيحية عن قناعة ومات وهو يدعو إليها. مديرية الشؤون الدينية "مصدر الفتوى النهار" وقصد معرفة موقف مديرية الشؤون الدينية لولاية سطيف اتصلت بمديرها السيد جمال لعوامري الذي أكد أن مصالحه لم تتلق أبدا طلبا رسميا في قضية الحال، علما أن هناك مجلسا علميا مؤهلا في مجال الفتوى وهو معين بصفة رسمية، ويضيف قائلا بأن كل الفتاوى الصادرة عن أشخاص خارج المجلس العلمي يتحمل أصحابها كامل مسؤولياتهم. كما ذكر بتعليمات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي تشدد على توحيد الفتوى في إطار المرجعية الدينية لمذهبنا الإمام مالك. ومهما يكن فإذا كانت مراسيم الجنازة تمت بسلام وفي ظروف جد استثنائية ورغم ما اكتنفها من غيض، سواء من جانب أفراد عائلته أو أبناء عمومه، غير أن إحالة القضية على العدالة من جانب واحد ستحرك لا محالة المواجع وتعيد بدون شك الأمور إلى نصابها وينفض الغبار على قضية تحرك الرأي العام وتضع كل مسؤول أمام مسؤولياته، خاصة بعد الدعوى القضائية التي حركها شقيقه على أساس التحريض والتهديد والمساس بحرمة الميت ضد أبناء القرية الرافضين لعملية الدفن الذين انطلقوا من مبدأ الشريعة الإسلامية السمحاء، بحيث لا يحق لمثل قضية الحال أن يدفن صاحبها في مقبرة المسلمين، ولا تجرى مراسيم الدفن من صلاة ودعاء عليها. ويبقى التعامل مع القضية بحذر شديد خاصة وأن الأمر يفوق الجميع ويجب الرجوع إلى المرجعيات الدينية بطريقة رسمية. وحسب الكثير من أبناء القرية فإن ليس لهم مع عائلة المتوفى أي مشاكل، لكن يرفضون رفضا قاطعا وصريحا أن يدفن هذا الأخير في مقبرة القرية التي لها حرمتها، خاصة وأن كل الدلائل تؤكد بأن المتوفى اعتنق المسيحية ويدعو إليها بدليل العمل بوصيته بدفنه في فناء منزل والده، ومباشرة الحفر لدليل إضافي يعري الكثير من ملابسات القضية ويكشف للعيان مدى التسرع الذي وقع فيه الإمامان واعتمادهما على فتوى خارج الإطار الرسمي الأمر الذي أقلب الموازين وأدخل أهل سكان القرية في صراع هم في غنى عنه. ومهما يكن التخوف من توسيع دائرة التنصير بهذا الركن لا يجوز -حسب الكثير من العارفين- الإفتاء بهذا الأمر، خاصة وأن إمام القرية يؤكد علمه بحيثيات القضية ويملك شهادة زوجة المتوفى، فيما يبقى السؤال اللغز لم اعتمد إمام القرية على فتوى خارج إطار المجلس العلمي الفتوى الولائي، وقبوله بفتوى ظلت محل رفض الجميع وزعزعت استقرار قرية بكاملها أدخلت الشك في النفوس، رغم صراحة الشرع في الأمر. ومن جهة أخرى، تحركت الجمعية الدينية لمسجد خالد بن الوليد بقرية "بني بورمان" بعد تداول خبر تكفله ببناء صومعة المسجد، حيث في تصريح كتابي تحصلت "النهار " على نسخة منه تنفى نفيا قاطعا مساهمته في بناء صومعة المسجد التي شيدت بأموال المحسنين لا غير ولا علاقة له بها على الإطلاق. أن الخوف من التنصير لا يتم بالمساس بتعاليم الدين الإسلامي، وعدم وجود حكم قضائي يثبت معتقد المتوفى لا يعد حجة لإصدار فتوى تأجج الوضع وتزيد في تعميق جراح المسلمين ودفعهم للقبول بالمحرم شرعا وتحدث شرخا بين أفراد الأسرة الواحدة، فوزارة الشؤون الدينية مطالبة بالتحرك السريع لوضع حد لمثل هذه الفتاوى التي تمت بصلة بالدين، وتعيد الأمور إلى نصابها بتفعيل دور المجالس العلمية للفتوى والاعتماد على فتاويها فقط