خلّفت الفيضانات الأخيرة، التي ضربت مناطق من ولاية غرداية، آثارا سلبية على النشاط السياحي بالمنطقة، بعد أن تهدّمت عدة معالم سياحية وأثرية، جراء سيلان هذه المياه الجارفة، وتشهد منطقة وادي ميزاب في هذه الفترة ركودا سياحيا واضحا تعطلت خلالها الكثير من المشاريع التي كانت مبرمجة سابقا.وكان مقررا قبل حدوث الفيضانات بدء استغلال خطين جوّيّين يربطان مدينتي باريس ومرسيليا الفرنسيتين بمدينة غرداية، وتم على ضوء ذلك تأجيل انطلاق المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية الذي كان مقررا نهاية شهر أكتوبر الماضي، نظرا لما خلّفته الكارثة التي ألمّت بولاية غرداية وجعلتها غير مهيّأة في الوقت الراهن لاحتضان هذا الحدث الدولي. وكان الديوان الوطني للسياحة، فرع غرداية، قد أبرم في وقت سابق مع وكالة ''بوان أفريك" الفرنسية الخاصة، اتفاقية لفتح خطين جويين سياحيين يربطان مدينتي مرسيليا وباريس بغرداية بداية من 25 أكتوبر الماضي وهذا لتطوير السياحة بغرداية والتعريف بها لدى الأوروبيين المعجبين كثيرا بالصحراء الجزائرية، غير أن الفيضانات الأخيرة أجّلت تجسيد الاتفاق إلى وقت لاحق، حسب مصدر من ولاية غرداية متحدثا ل "النهار". وكان القائمون على قطاع السياحة بالجزائر يهدفون إلى إضافة خط فرنسا - غرداية إلى العديد من خطوط العواصم الأوروبية التي تربطها بمدينتي جانت وتمنراست، التي نجحت في رفع عدد السياح الأجانب وجلبهم إلى الصحراء الجزائرية.لكن حسب عاملان في قطاع السياحة بغرداية فإن نقص الهياكل السياحية وسوء حالتها وقف عائقا أمام تطور القطاع، مما دفع المسؤولون، على المستوى المركزي، للإعلان مؤخرا عن ضرورة تأهيل الإقامة في الفنادق السياحية وتطويرها بوجه عام وفي الجنوب الكبير بصفة خاصة، مع ترميم وتأهيل ثمانية فنادق مخصصة للسياحة الصحراوية وتفعيل الخدمات النوعية.وفي هذا الصدد تم مؤخرا إبرام اتفاق بين الوزارة الوصية ومؤسسة "جيت تور" والهيئة السياحية العالمية "آكور" لتسيير فندق مزاب بغرداية، كما سيتم بعث فرص الامتياز في إطار مناقصة تخص 5 قرى سياحية في الصحراء.وأكد محدّثونا الفاعلون، في القطاع السياحي بغرداية، أن هذه المناقصة لها ما يبرّرها، لأن الاستثمار في الفنادق مكلف جدا ونجاعتها في المناطق الصحراوية تبقى بعيدة، وإقامة المخيّمات الصحراوية تعتبر الحل الأمثل، فتكاليف إنجازها قليلة عكس الفنادق وتلقى طلبا كبيرا من السياح، وأحسن مثال على ذلك مدن مثل تيميمون وتاغيت ببشار، وتمنراست التي حققت نتائج طيبة، من خلال إقامة المخيمات التي تسمح للسياح من اكتشاف الحياة الصحراوية وتقاليد المنطقة، عكس الفنادق الموجودة في قلب المدينة والتي لا توفر الأجواء الملائمة، التي يبحث عنها السائح الأوروبي. ولتعويض الشلل الذي أصاب قطاع السياحة بغرداية وفي انتظار تجسيد المشاريع التي تأجلت جراء الفيضانات الأخيرة، فقد سطر الديوان السياحي الجزائري المحلي رحلات منتظمة، تدوم أربعة أيام وثلاث ليال بالصحراء، حيث يستفيد السائح من إقامة تقليدية في الخيمة، مع تناول مأكولات محلية وتنظيم زيارات لبعض المواقع الأثرية. للعلم فإن الفترة التي يبلغ فيها النشاط السياحي ذروته في المنطقة هي ما بين نهاية أكتوبر وأواخر شهر أفريل.ع رمضان