يقوم وفد من وزارة الثقافة بزيارة استطلاعية لوضعية التراث المادي الواقع بالمناطق التي تضرّرت من الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت عدة مناطق من ولاية غرداية، وتهدف هذه الجولة حسب السيد مراد بتروني مدير التراث بوزارة الثقافة إلى تشخيص ما خلّفته هذه الفيضانات من أضرار في مجموع التراث المادي للمنطقة لاسيما ما تعلّق منه بالشبكة التقليدية لتسيير وتوزيع المياه والنسيج الحضري المبني المصنّف وكذا الخصائص التراثية الثابتة في هذه المنطقة. وأوضح من جهته مدير الثقافة لولاية غرداية بأنّ الإجراءات اتّخذت من أجل الشروع في إعداد دراسة من قبل خبراء ومختصين مكلّفين من قبل الوزارة الوصية بخصوص تأثيرات هذه الفيضانات على وضعية النظام التقليدي لتقسيم المياه وباقي الآثار والمعالم الثقافية المصنّفة تراثا وطنيا سنة 1971 ثمّ تراثا عالميا سنة 1982 من طرف اليونسكو قبل أن تدرج كقطاع محمي في جوان 2005 وذلك بغرض إعادة الاعتبار لها واستعادة قيمتها التاريخية، مشيرا إلى أنّ هؤلاء الخبراء سيقومون بإعداد دراسة معمّقة من أجل وضع برنامج تدخّل وتدابير استعجالية لهذا التراث المادي. مدير ديوان حماية سهل وادي ميزاب من جهته، أوضح أنّ هذه الجولة الاستطلاعية وبعد مرور عشرة أيام من حدوث الفيضانات قد سمحت باتّخاذ جملة من الإجراءات تسمح بإعادة تثمين التراث المادي المصنّف في هذه المنطقة لاسيما ما تعلّق منه بالمحافظة على المواقع الأثرية التي تحتوي على نقوشات صخرية قديمة إلى جانب التمكين من الإسراع في إعداد الدراسة المتعلّقة بالقطاع المحمي التي أسندت إلى مكتب دراسات والتي تهدف إلى حماية هذا التراث المادي من مختلف أشكال التدهور. وللإشارة فإنّ منطقة وادي ميزاب تشتهر بتراثها المعماري عالميا وذلك لما تتمّيز به القصور السبعة العتيقة التي شيّدت منذ آلاف السنين من خصائص عمرانية تضرب بجذورها في أعماق التراث لسكان هذه المنطقة، وتتميّز خصوصية العمران بمنطقة وادي ميزاب بكونها تعكس الخصائص الجماعية والاجتماعية والدينية لسكان المنطقة وقد صنّفت تراثا عالميا سنة 1982 من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). وتشتهر هذه المنطقة باحتوائها على مجموعة من المنشآت التقليدية من بينها أكثر من 120 بئر تعتبر بمثابة آبار تخزين المياه حفرت من قبل السكان الأوائل لسهل وادي ميزاب بغرض ضمان تموين الطبقة السطحية والمحافظة على هذه المادة الحيوية في هذه المنطقة ذات الطبيعة المناخية القاسية، كما اعتمد الأوائل بسهل وادي ميزاب نظاما خاصا للمحافظة على مياه الأمطار والأودية وتوزيعها بشكل عادل على كافة القاطنين في واحات المنطقة بما يسمح لهم بضمان موارد مائية موجهة إمّا للشرب أو سقي مزارعهم .