انتهت مأساة عائلة بخوش نور الدين ببلدية الرواشد في ولاية ميلة، في حدود الساعة 11.21 دقيقة من نهار أول أمس، بعد 8 أيام من البحث عن ابنتهم «أمينة» البالغة من العمر 10 سنوات، والتي جرفتها مياه وادي بويطان، الخميس المنصرم في حدود الساعة الثالثة والربع مساء، حيث كانت "النهار" حاضرة، وعلى المباشر سجلنا تفاصيل العثور عليها بأدق اللحظات وأصعبها وأخطرها أيضا . رحلة الوصول إلى مشتة بلمان في الرواشد.. مسيرة تخللتها الأحزان انطلاقا من ميلة تنقلنا نحو مشتة بلمان التابعة لبلدية الرواشد بولاية ميلة، وهي واحدة من المناطق الريفية، أين تقطن عائلة بخوش، حيث قال الوالد إنه لم يشعر يوما في حياته بما شعر به من مؤازرة من كافة المواطنين الذين قدموا من بلديات عميرة أراس وترعي باينان وجميع سكان بلدية الرواشد وفرجيوة وغيرها، جميعهم حزت في أنفسهم تلك الصور التي بثت الجمعة الماضية عبر شاشة تلفزيون "النهار"، حيث تحرك الجميع من دون أن يهتموا للوضعية الصعبة التي كان عليها وادي بويطان، وعند وصولنا إلى الجسر الخاص بالوادي في مشتة بلمان، تراءت لنا سيارات الإسعاف وعشرات الأعوان والقيادات الخاصة بالحماية المدنية، واستنفار لكافة الوحدات عبر إقليم الولاية بتجهيزاتهم، إضافة إلى الاستعانة بغطاسين قدموا من ولايات جيجل وسكيكدة وسطيف، إضافة إلى غطاسي ولاية ميلة، حيث حمل الجميع على عاتقهم مسؤولية العثور على الطفلة «أمينة». ترتيبات استثنائية للحماية المدنية قبل الانطلاق نحو منطقة الرحبات باشر المقدم جلول عبد الرحمن المدير الولائي للحماية المدنية، في ترتيب المشاركين في عملية البحث، أين أعطيت التعليمات الصارمة للنقباء والملازمين والأعوان بأخذ كل الاحتياطات اللازمة من خلال استعمال التجهيزات الخاصة بالبحث، إضافة إلى البحث في كل نقطة من نقاط الوادي «الهائج»، وتم تحويل الفرقة وارتداء اللباس الخاص باقتحام الوادي، كما أخذ الغطاسون كافة ترتيباتهم اللازمة قبيل انطلاق العملية التي وجّه فيها المدير الولائي للحماية المدنية تعليمات بالاتجاه نحو مسارين مختلفين، أين تم الالتقاء بمنطقة الرحبات وهي نقطة تجمع الواديين، كما شارك في العملية مواطنون من مشتة بلمان ومناطق أخرى من الرواشد كغطاسين، على غرار همسي الوزناجي وكعواش فارس ومحي الدين، وكلهم شباب اقتحموا الوادي منذ اليوم الأول لاختفاء «أمينة». لحظات تاريخية تقشعر لها الأبدان ومشاهد دراماتيكية أبكت الجميع بوشرت عملية البحث باقتحام الرحبات باستعمال الحبال، ونجا العديد من أعوان الحماية المدنية الذين كادت المياه أن تجرفهم بسبب قوتها، وبينما كنا نقوم بعملية التسجيل مع المدير الولائي بخصوص العملية، إذا بالأصوات تتعالى «لقيناها.. لقيناها»، لحظتها سارعنا جميعا مهرولين نحو مكان الصوت، أين كان الغطاس بلال بلطرش من ولاية جيجل يمسك بالطفلة أمينة التي علقت بين صخرة وشجيرة صغيرة على مقربة منها، فيما كانت الأصوات تتعالى «الله أكبر الله أكبر»، وهي مشاهد أبكت الجميع، كما تم استعمال سترة وتم تغطية الطفلة «أمينة» وأخرجت لليابسة، فيما كان والدها نور الدين جالسا على قارعة طريق، وقد حولت مباشرة نحو مصلحة حفظ الجثث بميلة، وتم تسهيل عملية التشخيص الطبي وسلمت للعائلة بحضور رسمي. جنازة مهيبة ومشاركة قياسية شعبيا ورسميا
في حدود الساعة السابعة والربع، كان تابوت الطفلة أمينة قد حل ببلدية الرواشد، حيث ألقت العائلة النظرة الأخيرة على ابنتهم، ثم توجه الجميع نحو المقبرة بحضور والي الولاية وأعضاء المجلس الولائي وأعضاء البرلمان والمنتخبين على مختلف المستويات والسلطات الأمينة والعسكرية، حيث شارك الجميع في عملية الدفن في حدود الساعة التاسعة ليلا، حيث شاءت الأقدار أن ترحل «أمينة» في عيد ميلادها العاشر.