عندما تهم بالكتابة عن فنان أو محاورته، تبحث في دفترك عن سجله، وتدقق في أعماله وانجازاته، بحثا عن كلمات تليق به، لكنك تقف عاجزا عن الدخول إلى عالمه المليء بالانجازات التي تلج قلوب المشاهد العربي، هي فنانة أحبها الجمهور عبر أعمال لا زالت راسخة في ذهن المشاهد العربي بداية من مسلسل ''ليالي الحلمية'' الذي لاقى نجاحا منقطع النظير، إلى جانب أعمال أخرى تركت بصمتها على الساحة الفنية العربية، إنها بلا شك الفنانة العربية القديرة فردوس عبد الحميد، في حوار شيق ل''النهار''. النهار: بداية، نرحب بك للمرة الثانية بالجزائر، كيف تقيم الفنانة العربية فردوس عبد الحميد الوقفة التضامنية مع شعب غزة التي تمت بقاعة الأطلس؟ أشكركم على ترحيبكم الجميل وهذا الاستقبال الأكثر من رائع، كما عودتنا الجزائر دائما، أما في يخص تقييمي للوقفة التضامنية التي كانت سبب وجودي اليوم بالجزائر، للمرة الثانية في مسيرتي الفنية فقد كانت جد مشرفة، خاصة أننا تفاجأنا بهذا الحشد الكبير من الجمهور الذي تفاعل مع هذه الوقفة، والتي أبرزوا من خلالها عن تضامنهم التام مع الشعب الفلسطيني المضطهد بقطاع غزة، وفي رأيي أن الجمهور الذي حضر إلى القاعة لم يأتي بغية مشاهدة فنانه المفضل بل جاء من أجل التأكيد مرة أخرى بأنه شعب المليون والنصف مليون شهيد، واقف مع أهل غزة ظالمة كانت أو مظلومة، وهذا شيء مشرف. النهار: سيدتي لاحظنا خلال الحفل أنك قوبلت في البداية بنوع من عدم التقبل، إلى ما توعزين هذا الرفض أو عدم التقبل ذاك؟ رفض الجمهور في بداية صعودي إلى خشبة المسرح لم يكن ضد شخصي، بل كان تعبيرا منه عن رفضه لما رآه من تواطؤ للأنظمة العربية عامة، وبعض الحساسية من البلدان المحيط بالدولة الفلسطينية، فكان شيئا بديهيا أن لا يثور، لكنه عاد واستدرك الأمر ورحب بي وتفاعل مع كلماتي التي وجهتها لكل من الشعب الفلسطيني والشعب الجزائري صاحب البطولات الكبيرة. النهار: هل ترين كفنانة أن الأوضاع العربية الراهنة تنبئ بكارثة، في ظل ما تعانيه الشعوب العربية من اضطهاد وكبت للحريات؟ مشكلة الشعوب العربية في الوقت الحالي هي نفسها التي كانت منذ القدم، كونهم لازالوا يتخبطون في نفس المشاكل الهامشية والتي تتحول في الكثير من الأحيان إلى مشاكل عويصة، نتيجة للتراكمات، والتفرقة التي نراها بين البلدان العربية، بالإضافة إلى الهوة الكبيرة التي نجدها بين السلطة الحاكمة والشعب، لكن هذا لا يعني بوجود كارثة بل سينتج عن هذه الأوضاع نوع من المخاض، الذي سيسفر بدوره عن مولد جديد لنظام عادل.. نأمل هذا. النهار: هل كنتم تتوقعون أن تنتصر حركة حماس على الكيان الصهيوني بقطاع غزة؟ والله لم نكن ننتظر انتصار حماس في نهاية الحرب، وتحملها لكل تلك الضربات، التي وجهتها القوة العسكرية الصهيونية لقطاع غزة طوال23 يوما، وكنا نتنبأ بكارثة حقيقة في بداية العدوان الإسرائيلي، لعدم تكافؤ القوة، لكن الشعب الفلسطيني في الأخير والمقاومة بينت لنا أن حركة حماس قادرة على خوض غمار الحرب واسترجاع حريتها وحرية أرض فلسطين، ولو دامت الحرب أكثر من ذلك رغم كل الخسائر التي تكبدتها خاصة في أرواح الأبرياء. النهار: كيف يعبر برأيك الفنان العربي، عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني في ظل صمت الحكام العرب؟ الفنان مثله مثل أي مواطن عربي، تأثر جدا بالأوضاع التي عاشها قطاع غزة مؤخراً، ولكن يبقى رأي الفنان أو المواطن مجرد رأي، لأن الأنظمة هي التي تملك الحق في التأثير على الأوضاع بشكل أو بآخر، لهذا نحن كمواطنين نندد ونقوم بمظاهرات ووقفات تضامنية تعبيرا منا على عدم الرضا بالكوارث التي تحدثت في مجتمعاتنا خاصة ما يحدث في قطاع غزة، بهذا فقط يمكننا أن نوصل فكرتنا إلى الحكام وأصحاب القرار، لعلّ صوتنا يصلهم، فحقا ما حدث بغزة يندى له الجبين والدليل على ذلك أن الكثير من المؤسسات غير الحكومية في الكثير من البلدان غير العربية نددت بالمجازر الأخيرة، وانتفضت من أجل الإنسانية التي أبيدت في القطاع، لأن ما ارتكبته إسرائيل هو نوع من النازية التي لم تعرفها البشرية من قبل. النهار: لكن ألا تعتقدين بأنه يبقى للفنان والمثقف الدور الأكبر في قلب الأحداث والتأثير أكثر في الشعوب، كونه يعبر عن الأحداث بشكل فعال أكثر؟ نعم أوافقكم الرأي في هذا، ولهذا نحن هنا اليوم لنقول وبأعلى أصواتنا ومن أرض المليون والنصف مليون شهيد بأننا مع أهلنا في غزة وسنعمل على قلب الموازين، ولو بشكل معنوي ومادي. النهار: كيف ترين موقف سفير النوايا الحسنة عادل إمام من الأوضاع الأخيرة التي حدثت في غزة؟ أنا مع تعدد وجهات النظر، لكن حين تكون في محلها ووقتها، لكنني ضد وجهة نظر عادل إمام لأنني أعتقد بأنه ضخم الأحداث وأعطاها أكثر من حجمها، خصوصها أنه عبر عن رأيه في وقت غير مناسب تماما، وفي الوقت الذي يسقط فيه الأبرياء الواحد تلو الآخر، وأوصال الفلسطينيين تتمزق، هذا ما جعل المسألة تأخذ بعدا آخرا، كما أن رفضه للمقاومة وعدم اعترافه بشرعية حركة حماس، جعل الوسط الفني يهتز ويرفض مثل هذه التصريحات، وإن كانت تعبر فقط عن وجهة نظره كشخص لا غير. النهار: بعيدا عن الحروب والمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع العربي، كيف ترين واقع الدراما العربية في السنوات الأخيرة؟ في الواقع أرى أن الدراما العربية في الماضي كانت أحسن من التي نراها اليوم، كونها كانت تقدم أفلاما ومسلسلات هادفة، وهذا ما يشكل الفرق بين واقع الدراما في الوقت الراهن و قبل ذلك، وأنا أرى أن هناك سبب جوهري هو مطالبة الفنان بكم كبير من الأعمال سنويا، إلى جانب تعدد القنوات العربية والتي أضحت تتنافس فيما بينها على تقديم العديد من الأعمال دون مراعاة نوعية هذه الأعمال وتصنيفها بين الجيدة والرديئة. النهار: من برأيك مسؤول عن نجاح أو فشل العمل الفني؟ برأيي أن كل طاقم المسلسل أو الفيلم يقع على عاتقه مسؤولية نجاح أو فشل العمل الفني، لذا لا يمكننا أن نحصر النجاح في كون العمل قدمه الممثل الفلاني، أو المخرج الفلاني أو السيناريست الفلاني، والعكس صحيح، لأن نجاح العمل من عدمه يحتاج إلى تضافر جميع طاقم العمل، لكن يبقى للسيناريست الدور الكبير في نجاح العمل أو فشله، باعتباره المشرف الأول على تفاصيل هذا العمل. النهار: نلاحظ أن هناك تنافس بين الدراما السورية والدراما المصرية، فإلى ما توعزون هذا التنافس؟ التنافس في الفن لا يتوقف فقط بين الدراما السورية والمصرية فقط، لأننا أصبحنا نرى الكثير من الأعمال الدخيلة على مجتمعنا العربي، والتي لا تعبر عن محيطنا وعن شخصية المجتمع العربي، كونها جاءت من معالم وعادات دخيلة على مجتمعاتنا. النهار: من تقصدين بالأعمال الدخيلة؟ أعتقد بأنكم أصبحتم ترون الغزو الذي أحدثته الدراما التركية، في السنوات الأخيرة والتي لا تمد لنا بأي صلة كوني أراها تقدم أعمالا لا ترقى للمجتمع العربي المحافظ، وأيضا أغلب ما تقدمه الدراما التركية من ناحية النوعية قدمته الدراما العربية في سنوات سابقة تعود إلى فترة الثمانينيات، إلا أن ما شد انتباه المشاهد العربي إلى هذا النوع من المسلسلات هو التأثر الكبير بأبطال العمل الفني، الطاغي على العمل حيث يعتمد مخرجي الدراما التركية على مظهر الفنان أكثر من مضمون العمل، كما أننا نرى بأن كل عمل قدم إلى حد اليوم لم يناقش قضية هادفة، بل محض مشاهد يومية تعيشها العائلات التركية فقط لا غير، ولو انتقدنا العمل من كل جوانبه لوجدنا نقائص فادحة في الإخراج وفوهة وفراغ بارز في السيناريو. النهار: ماذا عن أعمالك المستقبلية؟ بعد هذه الزيارة الجميلة التي عشتها بالجزائر سأباشر في تصوير أحداث مسلسلي الجديد''فرج الجميل'' للكاتب الشاب محمد جلال، و الذي سيخرجه وليد عبد العال، والذي يدور حول قصة زوجة لديها ثلاثة أبناء وبنت، يتوفى زوجها تاركا لها ثروة كبيرة، فتضطر هي لإدارة أعمالها وشركاتها في ظل صراع بينها وبين شقيق زوجها الذي يحاول الاستيلاء على ممتلكات شقيقه المتوفى، كما هناك عمل آخر تحت عنوان'' شمس'' بطولة الفنان حسين فهمي والذي يلعب دور شمس العالم في المجال العلمي، والذي يتلقى تهديدات من قبل الكثير من الأشخاص الذين يحاولون الاستيلاء على ماتوصل إليه من أبحاث، و التي تختص في الجانب الزراعي، حيث يتوصل إلى حل لمشكلة القمح الذي تعاني منه الكثير من المجتمعات العربية، وأنا أشارك في هذا العمل بتمثيلي لدور الزوجة.