باحتياطات أمنية شديدة، ناهيك عن التشديد الإداري الذي بلغ حده الأقصى. انتظرنا طيلة أسبوعين وصول "الميلان" إلى الدوحة وكل صحفي يمني نفسه بحوار مهم أو لقاء ولو خاطف يتذكره طيلة حياته، فيما كانت الصفحات الرياضية في الصحف القطرية تعج بالأخبار عن المباراة المنتظرة، والتي تأتي تتويجا وتكريما للاعب القطري الكبير جفال راشد الذي أبى إلا أن يختتم حياته على طريقة النجوم. وصل "الميلان" إلى الدوحة، وكان موعدنا الإعلامي الأول معه غريبا للغاية، فقد طلب المنظمون من المصورين أن يأخذوا صورا للفريق ولطاقم الميلان لحظة دخوله الندوة الصحفية ثم ينصرفوا، وكانت تلك الندوة الصحفية من أغرب ما مر بالصحفيين طيلة اشتغالهم في الدوحة، فهي ندوة بلا مصورين، ورغم أنه من المعتاد أن يلتقي الصحفيون باللاعبين ويأخذوا تصريحاتهم وصورهم، فإن هذه المرة كانت مميزة، وتم إبعاد الصحفيين عن اللاعبين بفعل التشديد الإداري . ورغم قرار اللجنة المنظمة بإتاحة فرصة ثانية للصحفيين والمشجعين لحضور تدريبات نادي الميلان، فإن هذه الفرصة كانت ضائعة هي الأخرى، فلم يسمح لأحد بالإقتراب من اللاعبين، ولم يكن هناك مجال لأخذ التصريحات ولم يتمكن صحفي واحد من مصافحة أي لاعب ومحاورته سوى صحفية لبنانية أثارت دهشة الجميع، حين ألقت نفسها في أحضان رونالدينو وسط ذهول عام، وراحت تحتضنه بطريقة هستيرية، وضعت علامات الاستفهام على وجه اللاعب ذاته.. وفي جميع الأحوال، فلا علاقة لهذا الاحتضان بأي سيناريو مهني بالطبع! لم يكن متخيلا أن نحضر مباراة ولا نستطيع أخذ تصريح من اللاعبين، ولا متصورا أن نغطي مباراة لا نلتقي فيها بالنجوم، ولكن لجنة التنظيم هذه المرة أبت إلا أن تكون متميزة على كل صعيد، فاللاعبون أقاموا بالفندق، ومن الفندق إلى الملعب، حافلة لا مجال لتوقيفها، ومن الملعب إلى الحافلة، فالمطار، فالطائرة، والشيء الضائع بين هاته الرحلات جميعها، هو حق الصحفيين في الحصول على تغطية متكاملة، وحق بعض المشجعين في مصافحة نجومهم المفضلين وأخذ تواقيعهم. ففي يوم التدريب الاستعراضي ل"الميلان"، كان التدقيق الإداري إلى أبعد حد، وبرغم حق كل مشجع يحمل تذكرة بحضور التدريب، فإن كثيرا من المشجعين لم يحضروا وظلوا خارجا.. ونفس الشيء يوم المباراة التي غاب عن حضورها النجمان كاكا ورونالدينو بفعل الإصابة، والنجم سيدورف لأنه لم يحضر أصلا. كانت المباراة خليطا من اعتداد "الميلان" بنفسه ورغبة "السد" في تحقيق نتيجة جيدة، وقد لعب "الميلان" بطريقة مستفزة ومستخفة بالخصم، لكن رفاق جفال راشد لقنوه درسا في الواقعية، خصوصا في الشوط الأول، حيث أدهش "فيليبي" نجم منتخب "السامبا" السابق الجميع بمراوغته الاستعراضية لديفيد بيكهام، وتفنن جفال في اختراق دفاع القلعة الحمراء والسوداء، لتكون النتيجة النهائية 2 مقابل 1 لصالح "الميلان"، الذي لولا استفاقته المتأخرة لتلقى نتيجة عريضة. بين هذا وذاك، كانت الفرصة مواتية لكثير من الصحفيين والمشجعين ليروا من بعيد كيف يتصرف النجوم، فبيكهام بدا كالحية المرقطة لكثرة "الأوشام" التي يحملها على جسده، وبدا أقرب لعارضات الأزياء منه للاعبي كرة القدم، فيما اتسم رونالدينو بالهدوء الشديد، وهو يراقب عاصمة يزورها لأول مرة، ومثله مالديني الذي حيّى نظيره جفال راشد باحترام الكبار. لم تكن زيارة "الميلان" للدوحة إلا مجالا لتكريم لاعب قطري كبير، يشهد له معاصروه بالخلق و الاجتهاد، أما الصحافة و الحوارات، فقد كانت غائبة عن هذه المباراة، وبينما استمتع المتفرجون بمباراة استعراضية كبيرة، فإن الصحفيين لم يكملوا التهام وجبتهم المعتادة.