خلق الله الإنسان على الفطرة ولديه العقل ليفكر ويحلل الأمور بمنطقية، ووهبه أيضا القلب ليحب من شاء ويكره من شاء ويحقد على من شاء؛ فالله سبحانه خلقنا وجبلنا على حبّ الخير لأنفسنا أكثر من حبه لغيرنا، ونادرا ما تجد أشخاصا يميلون إلى حب الناس، أو الاطلاع على ما يريدوه الآخرون بهدف تحقيقه أو السعي للوصول إلى المبتغى الحقيقي. خلق بيننا الكره، الذي نستطيع أن نفسّر به ما نعانيه من أحبة لنا، أو أعداء لنا، فالحقد هو الكره العميق، الذي يصيب القلب ويعشش به، ويزيل المحبة بالكامل، ويبقى الحزن والكره يسيطران علينا بكل قوة، ومع هذا كله، فقد وهبنا الله سبحانه السبيل الوحيد للتخلّص من الحقد، والعيش بحب ووئام ونبذ الكره وغيره، وهناك طرق متعدّدة نزيل بها الحقد الذي تربع في قلوبنا تجاه الآخرين. حاول أيها المؤمن أن تجعل قلبك وعقلك عامرين بالإيمان، وتخلّص من الأفكار السوداوية التي تعشّش في قلبك، وقل قبل نومك، وعند استيقاظك: «اللهم إني سامحت جميع خلقك، واخلف لنا خلفا أفضل منهم، وهيّئ لنا من أمرنا رشدا»، فالله سبحانه سيسامحك كما سامحت الناس، وسيجعل دربك كله نورا وسعادة وبهاء وخيرا. توجّه إلى الله بالدعاء الحسن، واجعل دعوتك عامة لجميع المسلمين، حتى تنال أجرك وأجرهم، فادع الله أن يزيل الحقد والغل من قلبك؛ لأن الحقد يميت القلب. أحسن الظن بإخوانك المسلمين؛ لأن بعض الظن إثم قد يركبك، أو قد يجعلك آثمًا، فحاول قدر المستطاع ألا تسيء الظن بالآخرين، واعمل على الدعاء الخالص لله بألا يجعلك تخطئ بحق الغير. ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن شعرت أنك كرهت أحدا لأنه أخطأ في حقك، فتوجّه إليه بالحديث، وأخبره بخطئه بحقك، وأخبره أنك مسامح، حتى تفهم لم ألحق بك الأذى، فإن عرفت السبب بطل العجب، فحاول أن تهدي من أخطأ، حتى تستمتع بحلاوة الإيمان، وعليك أيها الإنسان أن تقدم الهدية إلى من أخطأت بحقه، حتى تزيل الحقد والكره من قلبه، فالهدايا جعلت لتقرب الناس من بعضهم، وتجعلهم متحابّين ومتفاهمين، ويريدون الخير لبعضهم البعض، حتى إن الهدايا تزيل سوء الفهم وسوء الظن وتقرب الناس من بعضهم البعض. @ بوزيدي/المدية