استطاع الممثل المسرحي محمد ميهوبي من على ركح مسرح وهران الجهوي أمسية الخميس المنصرم أن يجسد بطريقة ساخرة ظاهرة "الحرقة". ومثلما تجاوب الجمهور مع حركات الممثل الكوميدية والعبارات الساخرة بالقهقهات تارة وبالتصفيق الحماسي تارة أخرى ظهرت على وجه المتفرجين تقاسيم الحسرة خاصة عندما سرد الممثل المذكور معاناة الشباب الجزائري الذي تولدت من رحم أوجاعه وآهاته فكرة الفرار من بلاده بأية طريقة ولو سباحة كما جاء على لسان المسرحي ميهوبي الذي جسد خلال مونودرام "الجنة والنار" شخصية شاب وهراني يدعى "قادة" الذي لم تشفع له شهادته الجامعية بالحصول على منصب عمل يبتغي من خلاله العيش الكريم ولم تتوقف معاناة الشاب "قادة" عند هذا الحد بل ما زاد من إصراره على امتطاء زوارق الموت هو وصول مشروع زواجه إلى طريق مسدود، عندها بدأت قصة الممثل مع عالم الحرقة التي جسدها برفقة عصفوره الذي رافقه طيلة المونودرام إلى عدة مراحل أولاها كانت من خلال رغبة قادة في التسلل عبر بواخر السلع للوصول إلى الضفة المقابلة وثانيها بركوبه زوارق الموت التي منعته العاصفة الهوجاء من الوصول إلى مبتغاه، وأمام هذين الخيارين انتقل ميهوبي بالجماهير إلى ما يدور في مخيلته وآفاقه وتطلعاته لدى وصوله إلى إحدى دول القارة العجوز، حيث يفرض منطق الأوروبيين عليه بتبديل طباعه ويصبح بالتالي شخصية مرموقة ويودع بالتالي عالم البؤس والشقاء الذي عايشه في بلده الأم، ومن خلال هذه المفارقات التي ظلت تصطدم في مخيلة ميهوبي لمسنا أن تخطيط الشاب قادة للهجرة غير الشرعية كان المغزى منه العيش الكريم وليس التنصل من جلدنه وأفلح الممثل المذكور في ختام هذا المونولوج من خلال عرضه لمأساة ومعاناة الشاب قادة في استمالة الجماهير خاصة عندما أوضح بأن غوصه في عالم الحرقة وتضحيته بشبابه كان الغرض منها تغير الوضع الاجتماعي المزري لعائلته وإسعاد أفرادها وأمام تصادم الأفكار في مخيلة الشاب قادة لتحويل نار واقعه إلى جنة أسدل الستار على العرض أمام إعجاب جماعي لكل الحضور.