ولاية غرداية من مشايخ وعلماء ومجاهدين، تبرز "النهار" في عددها الصادر اليوم، تزامنا مع الذكرى السابعة والأربعين لعيد الاستقلال، واحدا من أشهر رجالات وادي ميزاب الذي تجاوزت شهرته حدود الوطن، وهو مفدي زكرياء شاعر الثورة الجزائرية مؤلف النشيد الوطني. ولد ببني يزڤن يوم 12 جوان 1908، في بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربية، وبدأ تعليمه الأول بمدينة عنابة أين كان والده يمارس التجارة، ثم انتقل إلى تونس حيث تعلم بالمدرسة الخلدونية، ودرس في جامع الزيتونة ونال شهادتها. أثناء تواجده بتونس، تطورت علاقته بأبي اليقظان رائد الصحافة الوطنية وبالشاعر الثائر رمضان حمود ابن مدينة غرداية، وبعد عودته إلى الجزائر أصبح عضوا نشطا في جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا. انخرط مفدي زكرياء في حزب نجم شمال إفريقيا ثم في حزب الشعب الجزائري، وكتب نشيد الحزب الرسمي "فداء الجزائر". اعتقل من طرف السلطات الفرنسية في أوت 1937 رفقة مصالي الحاج، وأطلق سراحه سنة 1939 ليؤسس رفقة باقي المناضلين جريدة الشعب لسان حال حزب الشعب. اعتقل عدة مرات، في فيفري 1940 لمدة ستة أشهر، ثم بعد أحداث 08 ماي 1945 لمدة ثلاث سنوات. وبعد خروجه من السجن انخرط في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وانضم إلى الثورة التحريرية في 1955 وعرف الاعتقال مجددا في أفريل 1956. سجن بسجن بربروس مدة ثلاث سنوات، وبعد خروجه من السجن فر إلى المغرب ثم إلى تونس وساهم هناك في تحرير جريدة المجاهد إلى غاية الاستقلال. أمضى حياته بعد ذلك في التنقل بين أقطار المغرب العربي، وشارك مشاركة فعالة في مؤتمرات الفكر الإسلامي التي كانت تعقد في الجزائر. واكب شعره بحماسة الواقع الجزائري والوضع العام في المغرب العربي في كل مراحل الكفاح. اشتهر مفدي زكريا بكتابة النشيد الرسمي الوطني"قسما"، إلى جانب دواوين شعر منها اللهب المقدس، تحت ظلال الزيتون، من وحي الأطلس وإلياذة الجزائر. توفي رحمه الله يوم الأربعاء 17 أوت 1977 بتونس، ودفن بمسقط رأسه ببني يزڤن.