في حي بوعقال الشعبي العتيق (اكبر الأحياء السكنية بمدينة باتنة) يمتد شارع "آش" (أو "لاري آش" -نسبة إلى الحرف اللاتيني آش) الظاهرة التجارية التي أستحدثت من العدم منذ بداية التسعينيات لتتحول بعد مدة قصيرة الى سوق مفتوح على كل السلع. وفي هذا المكان غير البعيد عن سوق العصر( الذي اختفى منذ نهاية السبعينيات) تصطف على جانبي الشارع الممتد على مسافة تفوق ال 500 متر محلات تجارية متلاصقة ومتراصة في شكل غير متناسق وفوضوي أحيانا لكنها تنبض بالنشاط والحيوية على مدار السنة حيث يخيل لزائرها للوهلة الاولى بأنه بداخل مغارة علي بابا. أما المساحات المتواجدة على أطراف الشارع ومداخله ومخارجه نحو التجمعات السكنية المجاورة فتحتلها طاولات الباعة الذين لم يسعفهم الحظ في كراء احد المحلات التجارية التي هي في الأساس طوابق أرضية لمنازل فردية بهذا الشارع فضل أصحابها استئجارها بالملايين بعد الصبغة التجارية التي اكتساها هذا الجزء من حي بوعقال. ويستقطب المكان يوميا مئات المتسوقين من باتنة والمدن المجاورة لها وحتى من خارج الولاية لتنوع المعروضات من ألبسة وأحذية وأواني وافرشه وزرابي وحتى تجهيزات كهرومنزلية وأثاث وتوابل ومواد تنظيف لتزداد أفواج المترددين على هذا الشارع (السوق) في مواسم الأفراح و كذا المناسبات والأعياد . ولكل ضالته في ( لاري أش ) الذي تعدى اسمه مدينة باتنة فمن بضائع صينية زهيدة الثمن الى ماركات أجنبية معروفة الى الألبسة المستعملة وحتى باعة الفواكه و البيتزا وجدوا لهم مكانا في هذا الحيز من المدينة الذي أصبح يضيق بزائريه وأغلبهم من النسوة اللواتي يقصدنه للشراء والتعرف على آخر مستجدات السوق وعندما ينهك التعب بعضهن تنزوين بأحد محلات الوجبات السريعة التي بدأت تظهر مؤخرا بهذا الشارع السوق للراحة أو لتناول كاس من العصير وقطعة من البيتزا. وفي تناقض صارخ يصطدم المتوغل في بداية هذا الشارع بأصوات الباعة وصراخ الأطفال المرافقين لأمهاتهم ومختلف أنواع الموسيقى والأغاني المنبعثة من هنا وهناك والتي عادة ما تقطعها شجارات عنيفة تعقب عادة الإمساك بأحد الشباب الطائش الذي تسلل بين جموع المتسوقين المكتظة (لاقتناص بعض الضحايا ) وهو في حالة تلبس. ويقول السيد احمد أحد باعة الألبسة ب (لاري آش) بان التوافد الكبير على المكان أكسبه نوعا من الفوضى لاسيما في الأوقات التي يشتد فيها الزحام خاصة على المعروضات المخفظة أسعارها مما يتسبب في غلق الممر الوحيد الموجود في وسط الشارع، مضيفا بأن ارتفاع سعر إيجار المحلات التجارية الذي زاد بأضعاف ما كان عليه في بداية التسعينيات ساهم في ارتفاع أسعار السلع والبضائع بهذا الفضاء التجاري الذي أصبح مقصد الكثير من المتسوقين لاسيما من ذوي الدخل المحدود وغير بعيد عنه يقول صاحب محل للأواني السيد صالح بان محاولة مصالح البلدية لتنظيم ( لاري آش ) منذ أشهر باءت بالفشل وكما ترى فان السلع معروضة على الأرض والمتسوقون مضطرون في أغلب الأحيان لتخطيها لمواصلة جولتهم بين المحلات أما إذا وقع حادث يضيف المتحدث فلا يمكن حتى إسعاف المصاب أو إخراج المريض. وأكدت الكثيرات من النساء اللواتي صادفتهن ب( لاري آش) بان سر إقبالهن الكبيرعلى هذا المكان يكمن في توافق الأسعار بالمحلات المتواجدة بهذا الشارع الذي تحول الى سوق حقيقي مخصص للنساء الى جانب التنوع في معروضاته. أما أخريات وان تذمرن من بعض السلع ذات النوعية الرديئة المعروضة فيه فإنهن أكدن على أن الألبسة النسوية وحتى ألبسة الأطفال التي تنجز بورشات الخياطة الموجودة فيه ( تعمل بطريقة غير قانونية ) أصبحت تنافس السلع المستوردة من بعض الدول العربية وتلقى رواجا كبيرا لدى الزبائن. ففي مدينة باتنة اليوم يحلم الكثير من التجار بالحصول على محل ب( لاري آش) الذي أصبح بحق في ظرف سنوات قصيرة ظاهرة تجارية حولت بعض صغار التجار الى أصحاب الملايين يقول بتهكم أحد باعة البيتزا وهو يجر طاولته بتذمر في إشارة الى بعض المحظوظين الذين ظفروا بمكان في هذا الشارع منذ سنوات ولم يتمكن هو حتى من زاوية لبيع بضاعته التي يتم التهافت عليها دون أدنى التفكير في مكونات ونظافتها .. ففي (لاري آش) كل شيء يباع دون اكتراث بالمصدر.