«بي آر إي» العاصمة تمكن من اختراق الشبكة عبر عقد صفقات بيع وهمية كشفت جلسة محاكمة أفراد شبكة إجرامية منظّمة مختصة في تهريب الأسلحة، يقودها شقيقان، عن وقائع واعترافات مثيرة للغاية، من خلال توليّ المتهمين تهريب كميات معتبرة من الأسلحة والذخيرة من ليبيا عبر تونس، لإدخالها إلى التراب الوطني، عبر الحدود التونسيةالجزائرية. ثم تخزينها بمنطقة بئر العاتر، أين كانت تتم معظم الصفقات بالتفاوض حول سعر الصفقة مع الزبائن بلغت أقصاها 300 مليون، حيث مكّنت عملية تحري واستقصاء دقيقة، من استرجاع كمية معتبرة من الأسلحة، تضمنت 25 بندقية مضخية من نوع «كورسيل» و«كوبالت»، و145 خرطوشة من نوع 12 ملم، ومسدس ناري تم إخفاؤه من قبل أحد المهربين تحت إشارة المرور «تمهل»، تحسّبا لأي اعتداء محتمل أو طارئ أمني، فضلا عن مبلغ 300 مليون سنتيم مخبإ في خُم الدجاج. وقائع الملف الذي جرى التحقيق فيه على مستوى محكمة الحراش أولا ثم بمحكمة سيدي امحمد، على يد عميد قضاة التحقيق للقطب الجزائي المتخصّص، بدأت تفاصيله بعد إذن بالتحري تسلمته فرقة البحث والتحري لأمن ولاية الجزائر، عقب ورود معلومات مؤكدة عن وجود شبكة منظمة مختصة في تهريب الأسلحة من تونس وليبيا نحو الجزائر. حيث وردت معلومة عن قائد هذه العصابة المدعو «ح.فتحي» المكنى « حمزة»، وهو مسبوق قضائيا بتونس عام 2015، وشقيقه «ح.منير»، المنحدرين من ولاية تبسة، حيث تنقلا إلى الجزائر العاصمة بتاريخ 9 مارس 2016 لإبرام صفقة للتفاوض على بيع كمية من الأسلحة النارية، ومن ثم البحث عن رؤوس أخرى لتوسيع النشاط إلى باقي الولايات. وفي إطار التحريات الأولية، تم الكشف أن المتهم «ح.فتحي» من أهم أفراد الشبكة الإجرامية، بصفته من كبار تجار الأسلحة المهرّبة، من دول الجوار تونس وليبيا، ولعلّ ما سهل له تكوين هذه الشبكة المختصة في تهريب مختلف الأسلحة، هو موقعه القريب من الحدود، لتولّي نقل شحنات معتبرة وتخزينها ثم توزيعها عبر التراب الوطني. شرطي يخترق الشبكة ويكشف المستور بعد ذلك، جرى إعداد خطة للإطاحة بالشبكة، واشتملت الخطة على تسريب عنصر أمني، حيث جرى اختيار شرطي أطلق عليه اسم «حركي» وهو «الحاج» لاختراق الشبكة الإجرامية. إذ تمّ ربط الاتصال مع مهرب الأسلحة، ثم تنقل إلى بئر العاتر بتبسة للتفاوض معه بشأن صفقة لشراء كمية من الأسلحة تضمنت بندقتين مضخيتين من نوع «كوبالت» عيار 12 ملم، و3 بنادق نصف أوتوماتيكية من نوع «تورين» عيار 12 ملم مقابل مبلغ 125 مليون سنتيم. حيث تم الاتفاق مع «ح.فتحي» المكنى «حمزة» على تسليم البضاعة وتسلم المبلغ المتفق عليه بمنطقة بئر العاتر، بعدما رفض تسليمها في الحراش. وعليه وبعد التنقل إلى بئر العاتر بتاريخ 12 أفريل 2016، تمت الصفقة بنجاح وتمّ تسلم البنادق الخمس المتفق عليها، أمام مقر محكمة بئر العاتر، حيث حضر المهرب «فتحي» على متن سيارة من نوع «داسيا لوڤان»، ليقوم بتعبئة البنادق في سيارة الزبون الوهمي. أول صفقة قرب مبنى محكمة بئر العاتر بعد ذلك، قادت التحريات الأمنية الدقيقة والمكثفة إلى تحديد هويات باقي أفراد الشبكة الإجرامية، ويتعلق الأمر بكل من «ح.منير» شقيق المتهم الرئيسي «فتحي»، من «ق.هارون»، و«ع.بوعلام»، كما توصلت مصالح الأمن إلى أنّ «فتحي» تنقل إلى مدينة صفاقس في تونس بتاريخ 5 ماي 2016، بغرض تهريب كمية أخرى من الأسلحة. وعليه وبموجب إذن من نيابة محكمة بئر العاتر، وبغرض استدراج وإيقاف عناصر الشبكة متلبسين بحيازة الأسلحة، من خلال استغلال كشوفات الاتصالات الهاتفية، تمّت برمجة صفقة أخرى تضمنت شراء 20 بندقية. حيث كان الموعد محددا في صبيحة يوم 17 ماي 2016، على مستوى مدخل بئر العاتر، إلا أنه وتخوفا من الحراسة الأمنية المشددة، تمّ تغيير توقيت الصفقة في آخر لحظة من قبل المتهم «ح.منير» شقيق «فتحي» وتأجيله إلى أمسية نفس اليوم، من أجل تمكينهم من نقل وإيصال كمية الأسلحة المطلوبة التي كان مقرّرا إدخالها من قبل شقيقه «فتحي» عبر الحدود التونسية في حدود الساعة الثالثة زوالا. توقيف أول المهربين واسترجاع 20 بندقية ووفقا للخطة، تمّ توقيف المتهم «هارون» وشريكه «بوعلام»، المكنى «لزهر»، على مستوى حاجز أمني كان عناصر الشرطة على اتصال وتنسيق مع المحققين في القضية. وقد حاول «بارونا» الأسلحة الفرار بإبدائهما مقاومة شديدة ورفضهما الامتثال للتوقف، لتنتهي العملية بحجز 20 بندقية من نوع «كورسيل» و«كوبالت»، و145 خرطوشة من عيار 12 ملم، كانت مخبّأة في الأحراش داخل أكياس بجانب الطريق مهيّأة للتسليم. وخلال سماع المتهم «ق.هارون»، اعترف بأنه التقى بالمتهم «بوعلام» المعروف على مستوى بئر العاتر بتهريب الأسلحة، أما «فتحي» وشقيقه» منير»، فقال إنه يعرفهما معرفة سطحية بحكم تعامله معهما في مجال بيع وشراء قطع الغيار المهربة من تونس منذ سنة 2014 إلى غاية 2016. مضيفا أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الأخوين «فتحي» و«منير»، وسلماه رقم هاتف المدعو «الحاج» وهو الشرطي المتخفي، لأجل الالتقاء به بمنطقة «عين الكرشة» ومرافقته إلى بئر العاتر، وهو ما تم فعلا، مضيفا أنهما التقيا ببئر العاتر، وهناك كان في انتظارهما المتهم «منير» لأجل إبرام الصفقة. وفي صبيحة 17 ماي 2016، اتصل به «منير» من تونس ليخطره بأن شخصا سيتسلم البضاعة عوضا عنه، طالبا تأجيل اللقاء إلى المساء، في انتظار تعليماته، حيث في أمسية نفس اليوم حضر «بوعلام» وتسلم كيسين من الأسلحة. تعليمات من وراء الحدود لإبرام صفقات داخل الجزائر أما «بوعلام.ع» المكنى «لزهر» والذي كان محل أمر بالقبض من محكمة قسنطينة في قضية مشابهة والذي ضبط برفقة «هارون» وبحوزته بنادق مضخية وكمية من الخراطيش، فقد اعترف هو الآخر بأنه ينتمي إلى شبكة منظمة مختصة في تهريب الأسلحة، التي يترأسها «فتحي» وشقيقه «منير»، وأن الأسلحة المضبوطة تم تهريبها من ليبيا مرورا بتونس ثم بئر العاتر. مضيفا أن «منير» هو من طلب منه تزويد زبائنه بالأسلحة بحكم تواجده في تونس، محددا دوره بتهريب الأسلحة من تونس وإدخالها إلى الجزائر ثم إخفائها وسط الأحراش بمنطقة بئر العاتر. كما اعترف نفس المتهم بأنه وقبل إيقافه، قام بإخفاء مسدس كان قد تسلمه من المدعو «منير» وهو من نوع «لاكا بوانتي» مزوّد وخزانين و21 طلقة تحت لافتة «ممهل» لأجل بيعه، غير أنه فضل الاحتفاظ به خوفا من أي طارئ أو اعتداء محتمل، وهو السلاح الذي تم استرجاعه لاحقا. ومن جملة اعترافات الموقوف أيضا، أن المتهم «منير» قصده في إحدى المرات وسلمه علبة كبيرة الحجم مغلفة بشريط لاصق، محملة بكمية من الأسلحة. وطلب منه الاحتفاظ بها لمدة يومين، بشرط أن يسلمها لصاحبها «ق.هارون» عند الاتصال به، مقابل مبلغ 300 مليون سنيتم، وهو ما حدث فعلا، حيث قام بإخفاء المبلغ في خم الدجاج التابع لمنزله، وهي العلبة التي تم استرجاعها لاحقا خلال عملية توقيفه. النيابة تلتمس المؤبّد ضد المتهمين وتمسّك المتهمون الموقوفون، ويتعلق الأمر بكل من «ق.هاورن» «بوعلام.ع» و«ح.فتحي» بإنكار ومعظم التهم المنسوبة إليهم، أمس الأحد، أمام هيئة محكمة الجنايات في الدار البيضاء. مؤكدين أنهم ليست لهم أية علاقة بتهريب الأسلحة من تونس وليبيا، إلى الجزائر، غير أن النيابة العامة رافعت بقوةّ وأكدت أن المتهمين لهم اتفاق مسبق في إبرام صفقات التهريب. وهذا بدليل إبدائهم مقاومة خلال عملية إيقافهم، كذلك استرجاع كمية الأسلحة بما فيه المسدس الذي كان مخفيا في مكان معلوم، على غرار الاتصالات الهاتفية العديدة بين «فتحي» و«هاون» برفقة العتصر المتسرّب» الحاج». ملتمسا في الأخير توقيع عقوبة السجن المؤبد في حق كل واحد من المتهمين، بما فيه المتهم المتغيب عن الجلسة «منير»، مع تسليط غرامة نافذة قدرها 5 ملايين سنيتم، مع مصادرة المحجوزات الهواتف النقال والسيارات والأسلحة. وعليه قررت المحكمة إدانة المتهمين المذكورين ب17 سجنا نافذا، عن تهم ثقيلة تراوحت بين تكوين مجموعة أشرار لغرض الإعداد لجناية، جنحة استيراد والمتاجرة في الأسلحة من الصنف 4 و5، والذخيرة من الصنف الأول من دون رخصة، من السلطة المؤهلة قانونا، وحيازة أسلحة من الصنفين الأول من دون رخصة وجناية التّهريب. والسجن المؤبد ضد المتهم الغائب «منير»، مع حرمان المتهمين من ممارسة كافة حقوقهم المدنية من حق الترشح والانتخاب، مع مصادرة جوازات سفرهم لمدة 5 سنوات.