أمر قاضي التحقيق بالغرفة الثانية على مستوى محكمة بئر مراد رايس، بإحالة ''أثقل وأكبر'' الملفات التي كانت محل تحقيق قضائي منذ عام 2006، والمتعلقة بتزوير السيارات السياحية والشاحنات و الدراجات النارية من مختلف ''الماركات''، التي يتم استقدامها من خارج الوطن على غرار فرنسا، بلجيكا وألمانيا، عن طريق مستوردين ومغتربين جزائريين ومن ثم تداولها في الأسواق الجزائرية بوثائق وبطاقات رمادية ''مزيفة''، صادرة عن مختلف الدوائر الإدارية الموزعة عبر كامل القطر الوطني، بتواطؤ إداريين ومسؤولين بها، و بالتعاون أيضا مع جمركيين، سواء بالميناء أو المطارات وحتى وكلاء عبور معتمدين. وعن ملف قضية الحال، التي ستُعرض وقائعه أمام محكمة الجنح بذات الهيئة القضائية نهاية الشهر الجاري في جلسة خاصة، فهو يصب في ظاهرة التزوير في المحررات الإدارية الخاصة بالسيارات السياحية، التي يتم إدخالها للجزائر بواسطة الجالية الجزائرية، هذه السيارات التي -حسب قانون الجمارك- من المفروض أن تبقى بالتراب الوطني لمدة ثلاثة أشهر، على أن ترجع بعد انقضاء المدة، بيد أنه و في هذه القضية اتضح جليا أن أشخاصا استغلوا فرصة تواجد تلك السيارات دون ملفاتها القاعدية، وقاموا بتزوير وثائقها المتمثلة بالأساس في الختم الموجود على جوازات السفر المعروف ب''tdp'' الذي يدل على وجوب إعادة إخراج السيارات السياحية من أرض الوطن، وهو الختم كان يُنزع بتواطؤ أعوان الجمارك الذين كانوا يضعون عوضا عنه ختم ''atdp''، مقابل مبلغ 40 ألف دج، ليغادر بعدها صاحب المركبة أرض الوطن لوحده دون سيارته، كما ثبت أن كل المركبات كانت حاملة للترقيم 33 الخاص بولاية إليزي، لسبب واحد وهو أن السيارة وبعد جمركتها، يقوم رئيس مصلحة بدائرة إليزي، رفقة معاونيه بتزوير بطاقتها الرمادية، مقابل مبالغ مالية تراوحت من 10 آلاف إلى 25 ألف دج. وفي هذا الإطار؛ ومن خلال وثائق الملف الذي تحوز ''النهار'' على نسخة منها، تبين أن المصلحة المركزية لقمع الإجرام، تمكنت من إحباط نشاط إجرامي ''خطير''، تقوده شبكة ضخمة متكونة من 105 متهم من بينهم إطارات وجمركيين وأصحاب شركات وتجار ونساء و مستوردين وكذا رائد في الدرك الوطني، مختصين في إدخال المركبات الأجنبية وبيعها في الأسواق الجزائرية كسوق أولاد فايت، تيجلابين سيدي عيسى والحراش، بوثائق مزيفة ومزورة وبأسماء وهمية، وعليه تكشف الوثائق المتوفرة، أن قاضي التحقيق استخلص من خلال التحريات التي أجريت، أن موضوع التزوير في قضية الحال تعلق بالبطاقات الرمادية وبطاقات المراقبة الخاصة بالسيارات و كذا عقود بيعها، ليوجه بعدها لهم جملة من التهم المتعلقة بتكوين جماعة أشرار، قصد ارتكاب جنح التزوير واستعمال المزور في محررات عمومية والرشوة وكذا تهم التزوير واستعمال المزور في وثائق إدارية، والبيع والشراء والترقيم في الجزائر لوسائل نقل من أصل أجنبي، دون القيام مسبقا بالإجراءات التنظيمية، فضلا عن تهم السرقة والمشاركة في التزوير. أصحاب مكاتب العبور قاموا بجمركة السيارات مقابل 200 ألف دج بولاية إليزي بالموازاة؛ قالت مصادر قضائية ل''النهار''؛ أن أوراق الملف التي وضعت في علبة الأرشيف نظرا إلى ضخامته، كشفت أن التحقيقات الأمنية والقضائية أفضت إلى تفكيك ثلاثة شبكات؛ كل شبكة والمهام الموكلة إليها، حيث ثبت وجود شبكة أولى تتولى إدخال المركبات السياحية إلى أرض الوطن، وهي الشبكة التي كان يقودها متهم هذا الأخير، وبحكم علاقاته مع أعوان الجمارك، كان يقوم بنزع الختم الموجود على جوازات السفر، لتتولى بعدها شبكة ثانية متكونة من ثلاثة موظفين بمصلحة البطاقات الرمادية لولاية إليزي، ويتعلق الأمر بمساعد إداري وكذا رئيس مصلحة؛ هذان اللذان يتواجدان حاليا في حالة فرار بمعية معاون إداري مفوض بالإمضاء بمكتب حركة السيارات بذات الولاية، إضافة إلى أربعة وسطاء يقومون باستخراج البطاقات الرمادية، دون تشكيل الملف القاعدي وبأسماء وهمية، ثم تقوم شبكة ثالثة بتزوير عقود بيع المركبات المحددة ب78 سيارة، و إيداع ملفاتها على مستوى ولاية الجزائر، بومرداس، تيزي وزو، بويرة، سطيف وسكيكدة، علما أنه وعند الإتصال بمصالح البطاقات الرمادية لولاية إليزي، قصد التأكد من وجود ملفات قاعدية سليمة تتلقى مختلف المصالح ردود إيجابية من أعضاء الشبكة العاملين بالمصلحة. وعلى صعيد ذي صلة؛ أفادت مراجعنا أن أغلب المتهمين يتواجدون في حالة فرار، وصدر في حقهم أوامر بالقبض، في حين أنكر باقي المتهمين الأفعال المنسوبة إليهم، مجمعين أنهم قاموا باقتناء المركبات محل المتابعة دون علم بأنها مزورة، في حين اعترفت متهمة وهي مغتربة، أنها أخطأت عندما أدخلت السيارة من نوع ''رنو 25 ''من فرنسا على النمط السياحي وتركتها لأخيها المتهم، رغم أن القانون يلزمها بإخراجها في أجل أقصاه ثلاثة أشهر. من جهة أخرى؛ صرح العون الإداري المفوض بالإمضاء بمكتب حركة السيارات بولاية إليزي، أن كل من رئيس المصلحة الفار رفقة المساعد الإداري، قاما باستعمال ختم مزور باسمه للإمضاء على البطاقات الرمادية وكذا بطاقات المراقبة، مؤكدا أنه تمت متابعته أمام محكمة إليزي وأدين بسنتين حبسا نافذا.