ربط متتبعون تحول منطقة السّاحل الصحراوي إلى مناخ خصب للنشاط الإرهابي، بعجز دول المنطقة على التحكم والسيطرة في حدودها المترامية لاعتبارات سابقة، ما فتح الباب أمام تنامي الأهمية الإستراتيجية للمنطقة، وازدياد حجم الرهان الذي تنطوي عليه بالنسبة للقوى الخارجية، وفي هذا الشأن؛ أفادت مجلة الجيش في عددها الأخير، أن منطقة السّاحل معرضة لخطر جدي يشكل فيه الإرهاب نواته الرئيسة، في وقت تشكل الجريمة المنظمة، التدخل الأجنبي، المخدرات والإتجار بالأسلحة فروعا له، ولفتت المجلة إلى أن الإرهاب في منطقة السّاحل الصحراوي أصبحت تمثل رهان مصالح القوى الخارجية التي تتقاطع مع رغبة كل من قوى الإرهاب بمختلف أنواعها وفروعها في التموقع والتوطن بالمنطقة، وجعلها ملاذا آمنا وقاعدة خلفية لعملياتها ومركزا لتدريباتها، سيما في حالة عودة ما يعرف ب "الأفغان العرب"، من مختلف مواقع الصدام التي خاضوا فيها معاركهم ضد القوات الغربية والأمريكية بشكل خاص، سواء تعلق الأمر بالعراق أو أفغانستان أو باكستان، وتباين المقاربات الدولية المعنية مباشرة بمواجهة الظاهرة على أراضي منطقة الساحل، علاوة على التباين بين دول المنطقة نفسهم، وهو السبب الذي يحول دون عقد قمة باماكو 2010، بسبب غياب مقاربة متجانسة بين دول المنطقة بخصوص الرؤية وأسلوب التعامل والتعاطي مع الظاهرة، ما يجعل المنطقة عرضة للخطر الإرهابي وخطر التدخل الأجنبي في آن واحد. ولم تغفل المجلة التي خصصت ملفا كاملا للخطر الإرهابي بالمنطقة "منطقة السّاحل الإفريقي في عين الإعصار"، تحكم الدول الأجنبية في تسيير الإرهاب بالمنطقة، حيث أشارت إلى أنّه قد ثبت مرارا توظيف الدول الأجنبية للإرهاب في المنطقة دون حدوث العكس، لافتة إلى ضرورة التصدي للإثنين معا، حتى لا يستغل الطرف الأول الطرف الثاني لدخول المنطقة والسيطرة على ثرواتها، داعية إلى ضرورة المعالجة الشاملة للظاهرة وأسبابها ونتائجها معا، وتفادي الوقوف عند معالجة أعراضها فقط، وفي هذا الصدد؛ أكد كاتب المقال أنّه في حال توحدت الرؤية لدى مسؤولي المنطقة لمعالجة الظاهرة وتوفرت لديهم الإرادة وتغليب المصلحة الإقليمية على المصلحة الذاتية الضيقة المرهونة بمصلحة الخارج، يمكن محاصرة الظاهرة واحتواء أسبابها ومعالجة أعراضها ونتائجها، من خلال "تبني إستراتيجية موحدة تعتمد على التنسيق والإلتزام بالتعهدات واحترامها، بعيدا عن إملاءات الخارج وحسابات الداخل، وبعيدا عن أي ضغوط مهما كانت ومن أي جهة كانت". من جانب آخر؛ لفتت المجلة إلى أن الجزائر تسعى لمنع تدويل أزمة السّاحل والحرص على عدم خروجها عن إطارها الإقليمي، دون رفض أو منع إمكانية القبول بالمساعدات الخارجية، أو التنسيق مع الهيئات أو القوى أو التجمعات أو الهيئات الدولية والإقليمية الأخرى في إطار دعم مكافحة الإرهاب الدولي، وباسم الشرعية الدولية فقط.