تتراجع يوميا حصة الجزائر من نسبة مخزون المياه الجوفية، بفعل تنامي ظاهرة حفر الآبار غير الشرعية واستخراج المياه الباطنية بطريقة فوضوية، لاسيما على مستوى المناطق المعروفة بتنوع المحاصيل الزراعية على غرار الجنوب الجزائري وغرب الوطن، أين لجأ عدد من الفلاحين إلى خبرة بعض المهاجرين غير الشرعيين لاستنزاف الثروة المائية والتهرب من تسديد فواتير السقي رغم ما يمثل هذا الجرم من انتهاك في حق البيئة ومساس بالثروات الطبيعية للبلاد. ومن بين المناطق الأكثر تضررا في هذا السياق، ولايات غرب الوطن التي تحتل أولى المراكز من حيث الإنتاج السنوي للخضر والفواكه، وفي مقدمتها ولاية عين تيموشنت التي تتصدر قائمة إنتاج الكروم والبقول الجافة بما فيها العدس والحمص، فضلا عن ولاية معسكر المشهورة بزراعة البطاطا والزيتون بمساحة إجمالية صالحة للزراعة تتربع على أزيد من 400 ألف هكتار، حيث عالجت وحدات الدرك الوطني بولاية معسكر منذ بداية السنة الجارية 7 قضايا تتعلق بالحفر الفوضوي، والتي أدت إلى توقيف سبعة أشخاص معظمهم من جنسيات أجنبية تخصصوا في حفر الآبار لفائدة بعض المستثمرين الفلاحيين الذين لجؤوا إلى التحايل على السلطات العمومية، خاصة بعد صدور القرار الولائي القاضي بمنع استخراج المياه الباطنية عبر 22 بلدية من مجموع 47 المنتشرة عبر تراب الولاية.وفي هذا السياق، كشف قائد المجموعة الولائية لولاية معسكر الرائد عليوط الزاهي أن مصالحه كثفت في الآونة الأخيرة من نشاطاتها من خلال تنظيم مداهمات فجائية للأراضي والمستثمرات الفلاحية، خاصة تلك المتواجدة في المناطق النائية، وفقا لمخطط محكم سطرته مصالح الدرك بالتنسيق مع الأجهزة الإدارية على المستوى المحلي، للقضاء نهائيا على الظاهرة التي تستهدف الثروة المائية وتكبد الولاية خسائر مالية ضخمة.وتشير المعطيات المتوفرة في هذا السياق إلى أن فلاحي المنطقة باتوا يستعينون بخبرات مهاجرين أجانب يقيمون بطريقة غير شرعية في أرض الوطن، معظمهم من جنسيات سورية زحفوا من المغرب إثر تشديد شروط الإقامة في تراب المملكة بعد تورطهم في ارتكاب عدة جرائم، نظرا إلى خبرتهم في مجال التنقيب وحفر الآبار، خاصة وأن العملية باتت تستوجب الحفر بعمق يصل إلى 100 متر للعثور على المياه الجوفية، في حين لم تكن تتطلب التعمق أكثر من 6 إلى 10 أمتار في كثير من المناطق، وذلك بسبب انخفاض مستوى منسوب المياه الجوفية، لاسيما خلال العشرية السوداء، حيث استغل الكثير من الفلاحين توتر الوضع الأمني لاستنزاف مخزون الثروة المائية.من جهة أخرى، أكدت مصادر محلية مطلعة أن عملية الحفر جد باهظة تتراوح بين 200 و240 مليون سنتيم، كما قد تصل إلى 300 مليون حسب خصوصية المنطقة وتضاريسها الجغرافية، فضلا عن عمق البئر الذي يزيد في معظم الأوقات عن 100 متر، وهو ما يستدعي استخدام معدات وتجهيزات تقنية حديثة على غرار آلة الحفر الإرتوازية، بعدما كانت العملية تتم باستعمال وسائل حفر تقليدية، وفي هذا الإطار تمكنت وحدات المجموعة الولائية بمعسكر منذ بداية السنة الجارية من حجز 4آلات على إثر معالجة القضايا السبع السابقة، بينما بلغ العدد الإجمالي للآلات المحجوزة منذ ثمانية أشهر 30 آلة حفر. وأضافت مصادرنا أن تكاليف عملية الحفر تتحكم فيها كذلك خطورة الجرم وحجم المجازفة في حالة اكتشاف أمرهم من قبل مصالح الأمن، حيث يواجه الحفارون الذي يعد أغلبيتهم ''حراڤة'' عقوبات صارمة تصل إلى حد الحبس أو الطرد على الفور من تراب الوطن.وتجدر الإشارة إلى أن منذ دخول قرار منع حفر الآبار حيز التطبيق بعدة ولايات من الوطن في تكبد الفلاحين خسائر معتبرة، جراء نقص المياه لسقي الأراضي الفلاحية، وهو ما دفع البعض منهم إلى البحث عن مصدر جديد لسقي محاصيلهم، تمثلت لسوء الحظ في استخراج المياه القذرة بالإستعانة بآلات الضخ، وهو ما تؤكده حصيلة نشاط مصالح شرطة المياه، التابعة لمديرية الري التي تمكنت بالتنسيق مع فرقة الدرك الوطني من حجز محركات لضخّ المياه من الحجم الكبير، المستعملة في ضخ مياه واد المياه القذرة إلى أراض فلاحية مجاورة.